محمد سويد يكتب: التعويم الرابع.. والسؤال الحرام!
إذا كان من المؤلم أن نتوقع البلاء قبل حدوثه، فما بالنا لو عشنا تبعاته، وغرقنا في مضاعفاته قبل أن يحدث، هكذا غرق المصريون في هم التعويم، ودفعوا فاتورته مرات ومرات، دون أن يُجب أحدا عن السؤال الحرام، والذي لم تُجِب عنه الحكومة أو البنك المركزى؛ هل سيحدث التعويم الرابع على التوالي مع بدية 2024 ببشائره، ومتى ؟!
سعر الصرف العائم، أو كما يطلق عليه تعويم العملة، هو التخلي عن سعر صرف الجنيه في مقابل الدولار، دون تدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده مباشرة، بينما ما نتحدث عنه الآن، التعويم المدار بمعرفة البنك المركزي، لربط سعر الجنيه بهامش حركة محدود فى مواجهة الدولار الأمريكي، وهو ما تكرر حدوثه على مدار السنوات الماضية في محاولة لعلاج أزمة تدبير الدولار دون جدوى.
وتحتاج مصر لسد فجوة تمويلية سنوية بالغة 30 مليار دولار، طبقًا للتقديرات الرسمية، ثمثل الفارق بين الموارد الدولارية التي تحصل عليها الدولة من المصادر المختلفة كل عام، مثل التصدير أو السياحة أو الاستثمارات الأجنبية أو قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، والمبالغ الدولارية المطلوبة منها لسداد التزاماتها مثل الديون الخارجية أو الاستيراد.
وبينما يستقر الدولار جسدًا هامدًا على شاشات البنوك عن حدود الـ 31 جنيه تقريبًا، اشتعل جنون مضاربات السوق الموازية له هذا الأسبوع، بعدما لامست العملة الخضراء مستوى 55 جنيها وتخطت، بينما قفز دولار الصاغة - وهو مصطلح يشير إلى سعر الدولار المستخدم في تقييم الذهب بالسوق المحلي- لأكثر من 56 جنيها، بعد أن تخطى سعر عيار 21 مستوى 3300 جنيه.
ولا تزال أسعار السلع الأساسية التي تمس احتياجات كل بيت تتضاعف، بشكل شبه يومي، بعدما تسربت غالبيتها للسوق السوداء دون سقف أو رادع.
واتخذ الشارع زيادة أسعار الخدمات الحكومية وتذاكر المترو بنحو 30%، وطرح الشهادات الادخارية بفائدة وصلت إلى 27% شواهد عدة على حتمية التعويم المرتقب.
و لا أعتقد أن التعويم الرابع إن صحت التوقعات سيصبح حلاًّ في تدبير الفجوة التمويلية لعجز الموازنة أو سداد الالتزامات الخارجية، ما لم تنتهج الحكومة مسلكا مغايرا لخلق موارد دولارية أو تتنحى عن المسؤلية مع بداية ولاية جديدة للرئيس السيسي يتطلع فيها الشعب المصري إلى حكومة كفاءات وطنية قادرة على كبح جماح جنون الأسعار ومجابهة هذه التحديات.