آخرهم ابن الدحدوح.. لماذا يتعمد الجيش الإسرائيلي استهداف الصحفيين في غزة؟
إذا كنت مواطنًا فلسطينيًا، فإنك بالتأكيد تواجه التحديات والمخاطر اليومية منذ لحظة ولادتك. وإذا كنت تعيش في قطاع غزة، فهذا يعني أنك تتعرض للخطر في كل لحظة، سواء كان ذلك نتيجة للقصف، الحصار، نقص المساعدات الطبية، أو ضيق الإمدادات من الماء والغذاء، أما إذا كنت صحفيًا فلسطينيًا في غزة، فإن الأمور تأخذ منحىً أكثر رعبًا، حيث تتعرض لجميع المخاطر باعتبارك فلسطينيًا يعيش في غزة ويعمل في مجال الصحافة، وبالإضافة إلى ذلك، تكون هدفًا مستهدفًا بشكل متعمد وبطريقة ممنهجة تفوق الخطورة الطبيعية لمهنة الصحافة الميدانية.
*109 صحافيًا منذ بداية العملية*
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء إلى 109 صحفيين، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، جاء هذا الإعلان بعد استشهاد الصحفيين حمزة وائل الدحدوح والصحفي مصطفى ثريا، الذين فارقوا الحياة جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي على السيارة التي كانوا يستقلونها أثناء تغطيتهم الصحفية.
*اعتداءات في كل مكان*
تمتد الاعتداءات الإسرائيلية لتشمل ليس فقط الصحفيين في الميدان، وإنما تتجاوز ذلك لتشمل قصف أفراد عائلاتهم في منازلهم. أعرب الزميل وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة، عن هذا الوضع بكلماته: "ينتقمون منا حتى في الأماكن الآمنة"، في واقعة مأساوية، تلقى الدحدوح نبأ استشهاد زوجته وأبنائه وأفراد عائلته خلال تغطيته الحية للقصف المتواصل على قطاع غزة في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.
ووقعت هذه الفاجعة نتيجة لغارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلهم في مخيم النصيرات وسط غزة، الذي كانوا قد لجأوا إليه بعد قصف منزلهم السابق وبناءً على دعوة قوات الاحتلال للمدنيين بالتوجه جنوبًا في القطاع.
*استهداف متعمد*
تلك ليست المرة الوحيدة التي يستهدف فيها الاحتلال الصحفيين بشكل متعمد. استمرت إسرائيل في توجيه ضربات مستهدفة إلى منازل الصحفيين الفلسطينيين، وتوسعت قائمة الجرائم لتتضمن، على سبيل المثال، استهداف منزل محمد أبو حطب، مراسل التلفزيون الفلسطيني، الذي استشهد هو و11 فردًا من أسرته. وفي حادث آخر، تم استشهاد الصحفي في "وكالة وفا" محمد أبو حصيرة، بالإضافة إلى أكثر من أربعين فردًا من أفراد عائلته، وأصيب زميله محمد حمودة خلال قصف استهدف منزليهما.
*نمط إسرائيل في التعدي على الصحفيين*
تُعد قضية استهداف شيرين أبو عاقلة مثالًا على النمط الذي تتبعه إسرائيل في التعامل مع الأدلة في حالات اغتيال الصحفيين. يظهر أن درجة نجاح التحقيقات في مثل هذه القضايا ترتبط بشكل كبير بحجم الضغوط الخارجية.
يتناقص احتمال إجراء التحقيقات في حالات الصحفيين الفلسطينيين، باستثناء حالات قليلة تعرضت لضغوط دولية قوية. على سبيل المثال، حالة شيرين أبو عاقلة التي تحمل جواز سفرًا أميركيًا تبرز هذا النمط، حتى في الحالات التي تتعرض فيها قوات الاحتلال لضغوط دولية قوية، أشارت لجنة حماية الصحفيين إلى وجود نمط متكرر للتهرب والابتعاد عن المسائلة.
*جريمة حرب مروعة*
أكدت مقررة الأمم المتحدة، إيرين خان، أن استهداف الصحفيين في غزة يُعتبر جريمة مروعة وجريمة حرب. وأشارت إلى أهمية أن يتفحص أعضاء مجلس الأمن الأممي ما يحدث في قطاع غزة، موضحةً أن إسرائيل تنتهك قواعد القانون الدولي. وأكدت أن هناك أدلة كثيرة تشير حاليًا إلى ارتكاب إسرائيل لجرائم في قطاع غزة، ودعت مسؤولي الأمم المتحدة إلى التحرك للضغط على إسرائيل من أجل التوصل إلى هدنة.