الأب بدر: مسيحيو غزة يعلموننا كيف يجب أن يكون عيد الميلاد عميقًا في القلوب

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

على الرغم من زمن عيد الميلاد، يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه المستمرّ في كافة مناطق قطاع غزة، في الوقت الذي فيه يشجب رجال دين مسيحيون استمرار هذه الهجمات على السكان المدنيين، ولم يسلم منها المجتمع المسيحي المتضائل في القطاع.
وقال الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام،  "كان عيد الميلاد هذا العام حزينًا، ونحن نرى مسيحيي غزة يحتفلون به محاصرين داخل كنيسة العائلة المقدّسة"، الكنيسة الكاثوليكيّة الوحيدة في القطاع. وأضاف: "إنهم ما زالوا يشهدون للإيمان، ويعلموننا أيضًا كيف يجب أن يحمل عيد الميلاد العمق الروحي في القلوب، وليس من خلال زينات خارجيّة".

رسالة عظيمة

ومع ذلك، "يوجد داخل الكنيسة العديد من المرضى الذين لا يجدوا أية خدمات طبيّة أو معونة"، في إشارة إلى 700 شخص يحتمون داخل الكنيسة منذ اندلاع الحرب. ويضيف الأب بدر: "يحمل الأب يوسف أسعد، نائب كاهن الرعيّة، المناولة المقدسة للجميع بعد القداس اليومي، خاصة للمصابين الذين لا يستطيعون السير".
ويوضّح الأب بدر "هذه رسالة عظيمة لهذا الكاهن في هذا الوقت العصيب. إنّه يقوم بإرشاد الناس وتشجيعهم روحيًّا ورعويًا. ونحن نبقى على تواصل معهم، نواسيهم، ونعلمهم أنّنا ما زلنا نأمل أن تتوقف الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها"، لافتًا إلى أنّه "ستكون هناك حاجة إلى الكثير من الجهود لإعادة إعمار غزة. لكنهم اليوم، يطلبون الدعم والخلاص من الرّب".

الناس خائفون

قُتلت امرأتان مسيحيتان، ناهدة خليل أنطون وابنتها سمر كمال أنطون، في 16 ديسمبر، خلال تواجدهما داخل مجمّع دير العائلة المقدّسة. وقال الأب بدر: "الناس خائفون بعد هذا الحدث الأليم. إنهم ينامون داخل الكنيسة، وليس في مرافقها أو في مبنى المدرسة القريبة منها".
أضاف: "وعلى الرغم من الألم والمعاناة بسقوط العديد من الشهداء والجرحى، فقد زار وفد من كنيسة العائلة المقدّسة، يوم عيد الميلاد، كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، الكائنة في مدينة غزة أيضًا. قد أظهرت هذه الفتة أنه يمكننا أن نكون معًا في وحدة، وأن إيماننا يمكن أن يكون عظيمًا وسط الصعاب".

الحرب الأكثر رعبًا

تقول السيّدة سهير انسطاس، التي كانت مقيمة وابنتها في كنيسة العائلة المقدّسة لمدّة 42 يومًا تحت القصف، للموقع الكاثوليكيّ الإلكتروني: "كانت الأوضاع مخيفة جدًا. لقد مررنا بحروب عديدة في غزة، لكن ما يحدث الآن هو الأكثر رعبًا. أنت لا تعلم إن كان لديك يوم آخر أم لا".
وانسطاس، الأردنيّة الفلسطينيّة، حاصلة على الجنسيّة الكنديّة وهو ما مكّنها من مغادرة القطاع، هي وابنتها، في 14 تشرين الثاني الفائت. تقول: "حتى موعد مغادرتي من القطاع، كان لدينا في الكنيسة ما يكفي من الماء والغذاء لمواصلة العيش حتّى موعد الهدنة الإنسانيّة الأخيرة. أمّا اليوم، وعندما أتصل بأصدقائي داخل الكنيسة أجد بأنّ الأمور هناك سيئة جدًا".
تضيف: "لا يبدو أن المأساة قد انتهت. لقد كان الأمر متعبًا للغاية عندما كنّا هناك. والآن أصبح الخوف والتعب الذين يشعرون به الناس ثلاثة أضعاف". وتتابع: "تعتقد بأنك ستشعر بخير عندما تغادر، لكنك تشعر بالذنب عندما تترك الجميع خلفك".

بابا نويل هذا العام

وأعرب الملك عبدالله الثاني عن أسفه لغياب مظاهر الفرح والسلام في المنطقة، في عيد الميلاد لهذا العام.
وقام الأردن بإنزال مواد غذائيّة ومساعدات إنسانيّة، عبر الجو، إلى الأشخاص الذين يقطعت بهم السبل في كنيسة القديس برفيريوس، والتي تعد أقدم كنيسة في القطاع، عشية عيد الميلاد. وخلال الهدنة الإنسانيّة، قدّمت الهيئة الخيريّة الهاشمية طرود إغاثية للذين لجأوا إلى رعيّة العائلة المقدّسة.
يقول الأب بدر: "أعتقد أنّ الجيش الأردني كان بمثابة بابا نويل لنا هذا العام، حيث قدّم هذه الهدايا إلى المحتاجين عشية عيد الميلاد".