«بالأدلة الأثرية».. مؤرخ يفجر حقيقة صادمة: شجرة الكريسماس ليست مصرية (صور)
قال بسام الشماع المؤرخ والمحاضر الدولي، إن شجرة الكريسماس تُعد من النباتات التي لها أصل واسم علمي ومنشأ جغرافي معلوم، فهي من الأشجار الاسكندنافية، واسمها العلمي Araucaria heterophylla أروكاريا متغايرة الأوراق، ومشهورة بشجرة عيد الميلاد.
وتابع الشماع في تصريحات خاصة إلى الفجر، إن شجرة الأروكاريا مستديمة الخضرة بطيئة النمو مخروطية الشكل وتعد من الأشجار غالية الثمن، وأوراقها مبرومة رفيعة وتمتد أفرعها على شكل طبقات أفقية تُزرع في الحدائق منفردة لجمالها، ويمكن زراعتها كنبات زينة، وهي تتحمل الظل ولا تتحمل الصقيع والرياح والجفاف.
شجرة البرساء وعيد الميلاد
وقال الشماع إذًا فشجرة عيد الميلاد ليست أصلها مصري قديم، بل هي شجرة أوروبية، أما الشجرة المصرية القديمة، والتي نجدها منحوتة ومرسومة على جدران المعابد، وعلى بعض الأبنية الأثرية المصرية بأزمنة مختلفة، فهي شجرة الـ برساء Persea، ويوجد منها أشجار حقيقية في حديقة المتحف المصري بالتحرير واسمها العلمي mimusope schimperi.
كما نجد أن الأكاليل الجنائزية كانت تستخدم في مصر بداية من الدولة الحديثة، ومنها بوكية الورد الضخم في مقبرة توت عنخ آمون وكذلك الأكاليل في مقبرة الملك رمسيس الثاني كلها من شجرة الـ برساء المصرية الأصيلة.
وفاكهة تلك الشجرة نجدها موجودة في المتحف الزراعي في الدقي بالجيزة، وكانت تلك الفاكهة تقدم للمعبودات على مائدة الهبات، ونجد تلك الطقوس مسجلة في مقبرة «مننا» ومقبرة «نخت» ومقبرة «سنفر» بالأقصر.
البرساء في الديانة المصرية القديمة
من ناحية الديانة المصرية القديمة فإن الـ برساء كانت مقدسة لارتباطها بالمعبودة الأسطورية باستت، وهي المعبودة القطة الخاصة بالمتعة الحسية، والتي كانت تعيش داخل تلك الشجرة، ولدينا مناظر مكررة لباستت (قطة هليوبوليس) وهي تذبح الثعبان «أبوفيس» معبود الشر، نجده تذبحه بجوار شجرة الـ برساء، وأبو فيس هو العدو التقليدي لـ رع، فيجب قتله بجانب شجرة البرساء خضراء الأوراق، وفي الأسطورة نجد أن «أبو فيس» الثعبان، يحاول عرقلة طريق رع «الشمس»
نجد أن البرساء كانت مقدسة عند المعبودة إيزيس لأن الفاكهة التي تنتجها تلك الشجرة تشبة القلب «إيب»، وورقتها الخضراء تشبه اللسان، ولونها أصفر وأخضر، وطعمها مائل للحلاوة، وفي هذا رمزية إلى أسطورة الخلق عند المصري القديم، وأن الخلق من فعل الإرادة، والتي يمثلها القلب، وجاء الخلق عبر الكلمة المنطوقة، عبر اللسان، ومن هنا نجد أن الأسطورة تم تجسيدها في تلك المناظر.
وفي نصوص الطقس الديني المصري القديم كان المعبود الأسطوري جحوتي يظهر على هيئة رجل ذو رأس طائر أبومنجل Ibis bird يكتب أسماء الملك على أوراقها.
وأشار الشماع إلى أن الادعاء بأن شجرة أوزوريس (وسير) هي أصل شجرة الكريسماس نستطيع ضمه إلى قائمة الخرافات المخترعة من بعض مهاويس التاريخ.
وأضاف أنه لا يوجد أي دليل مادي أو نصي على هذه العلاقة بين شجرة أوزريس وشجرة الكريسماس، ولم يكن هناك احتفال يمسى بالكريسماس عبر الـ 31 أسرة مصرية قديمة ولم يكن هناك أي احتفال يشابهه.
وعن ارتباط عيد الميلاد بشجرة الكريسماس الخضراء فهذا يرجع إلى أن المجتمعات الزراعية بشكل عام تقدس الشمس سواء في الأساطير الإسكندنافية، أو عند الآزتيك أو عند الإغريق.
أما عن الشكل والشبه الذي اعتمد عليه البعض في الربط بين شجرة البرساء المصرية الأصيلة، وبين شجرة الكريسماس، فنجد أنه لاشبه على الإطلاق حيث أن الثانية مخروطية الشكل في حين أن المصرية وهي البرساء شجرة ذات قوام ملفوف يشابه إلى حد كبير الأشجار المصرية طويلة الجزع وهي ليست مخروطية بالمرة.
أصل الاحتفال
ونجد دومًا أن تلك الشعوب كانت تقدس يوم الانقلاب الشتوي وتهتم به اهتمامًا شديدًا، وكانت الزينة المفضلة فيه هي النباتات دائمة الخضرة، لأنها رمز للمثابرة خلال فصل الشتاء وأمل عودة الشمس، فنجد أن قدماء المصريين كانوا يجمعون أغصان النخيل للاحتفال بالمعبود رع، والرومان كانوا يجمعون أكاليل الزهور في عيد معبود الحصاد.
والاحتفال بعيد الميلاد جاء بعد ولادة نبي الله عيسى المسيح (صلى الله عليه وسلم) بفترة كبيرة، وكلمة كريسماس (Christmas) وهي اختصار إلى لفظة قداس المسيح Christ’s Mass انتشرت بعد مرور أكثر من 1000 عام على الحدث الأصلي.
ثم لما تقرر الاحتفال في أوروبا بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام يوم 25 ديسمبر، استمر الأوروبيين في الاحتفال بنفس طريقة احتفالهم بالانقلاب الشتوي، ومنها استخدام النباتات دائمة الخضرة، وعلى الأخص شجرة عيد الميلاد، والتي هي الأثر الباقي والأكثر وضوحا لاحتفالات الانقلاب الشمسي القديم الموروث قبل المسيحية.
ونجد أن أغنية الشاعر والمؤرخ الألماني إرنست أنشوتز عام 1824، والتي ذكر فيها شجرة التنُّوب، تُرجمت إلى الإنجليزية باسم (O Christmas Tree) وتعني (يا شجرة عيد الميلاد) ولكن في الأغنية الأصلية بالألمانية هو (Tannenbaum) أي شجرة التنُّوب، ولا توجد إشارة إلى عيد الميلاد في أغنيته.
وتشيد الأغنية بقوة تحمل الشجرة التي أصبحت شجرة عيد الميلاد لاحقا- خلال الشتاء المظلم والبارد، وعندما هاجر الألمان إلى أمريكا ازدهر التقليد الألماني لشجرة عيد الميلاد في الولايات المتحدة.