"الفجر" يرصد حكاية معرض للحرف صنعه «المتحف الإسلامي»
لا عمل ناجح دون تنظيم مؤسسي متقن ومحكم وهذا ما لمسته كاميرا بوابة الفجر الإلكترونية أمس السبت في معرض الحرف التراثية والذي افتتحه متحف الفن الإسلامي على هامش احتفالية مرور 120 عامًا على افتتاح المتحف، والذي تجلى فيه دقة الحرفيين وجمال التنظيم رغم الإمكانيات التي نستطيع ببساطة أن نصفها بالمتواضعة ولكنها مبهرة وهنا تكمن العبقرية.
بداية الفكرة
بدأت الفكرة من القسم التعليمي في المتحف الإسلامي بقيادة الأثرية رشا جمال، والتي أسرعت لمدير المتحف أحمد صيام، وعرضت عليه عمل معرض يجسد الحرف المصرية في العصر الإسلامي ويكون هذا المعرض من إنتاج حرفيين موجودين في الواقع وورثوا تلك الحرف عن أجدادهم.
مدير المتحف
وتحمس أحمد صيام مدير عام المتحف للفكرة، وتقول رشا جمال إنه وضع خطة عمل وبدأ في متابعتها بنفسه، ودعم كل الخطوات حتى اكتمل العمل، وأشارت إلى أنه كان يحضر في بعض الأوقات بنفسه ليشارك بالعمل مع الحرفيين والفنيين ويساعدهم.
توظيف الإمكانات المتاحة
واستطاعت رشا جمال توظيف كل الإمكانات المتاحة كي يخرج العمل بهذه الصورة المبهرة، من توظيف لقطع أخشاب، وصناديق كانت مهملة، ودهان الحوائط بطريقة معينة، وجمع كل ما يحتاجه المعرض وتوظيفه، ورغم قلة الإمكانات المتاحة إلا أن القاعة حالها تبدل من حال إلى حال، وبعد أن كانت مجرد جدران مطلية كما هو المعتاد، أصبحت تحمل تلك اللوحات الفنية التي أبهرت الجميع.
مشاركة الجميع
ووجه مدير المتحف جميع الإدارات كي تشارك في هذا العمل الذي لا نستطيع أن نصفه سوى بالضخم، حيث شارك أفراد إدارة الترميم، وكذلك الفنيين من مختلف المهن، وكذلك إدارة الأمن، وبالطبع أمناء المتحف.
الفنانون المشاركون
وأظهر المتحف جوانب الفنون في مصر بالعصر الإسلامي حيث عرض أول ما عرض فن الخيامية، بقطعة عمرها يقترب من 120 عامًا، صنعها أجداد عم حنفي محمود، وهي عائلة ذات باع قديم في هذه الصناعة، وهي مصنوعة بطريقة يدوية بالكامل، ثم لقطعة تقليد من كسوة الكعبة، والتي صنعها أحمد القصبجي، حفيد آخر صناع كسوة الكعبة، والذي أتقن هذا الفن عنه، وهو فن السيرما أو التقصيب.
فيما عرض عماد حسين وهو آل حسين المحترفين بمهنة تكفيت المعادن صينية وبعض المنتجات المعدنية المكفتة بالفضة، والتكفيت هو فن الحفر على النحاس وتزيين الزخارف بعد ذلك بخيوط الذهب والفضة.
أما أعمال الخزف وهي عبارة عن تقليد لبلاطات خزفية من العصر العثماني وأطباق فاطمية فمن تنفيذ هبة أمين وأيضًا الرسم على المشكاوات.
أما طلعت إبراهيم فقد أبدع في إنتاج المشربيات التي كانت تغطي الشبابيك في البيوت المصرية خلال العصور الإسلامية المختلفة.
طارق الترجمان في إنتاج النسيج حيث يعشق السجاد اليدوي والترميم أبًا عن جد، فهي مهنة متوارثة في العائلة من 1930م
أما القوالب الخزفية للشمعدان فمن صنع الفنان تامر أفندي، فيما صنعت رحاب محمد الشموع بتوليفة عطور من مسك وعنبر وعود.
فيما صمم محمد الحداد برافان رائع مكتوب عليه بطريقة الحفر المفرغ بالخط العربي الكوفي المربع جملة «القلب يعشق كل جميل»، أما لوحة الخط العربي الإبداعية أعلى مدخل القاعة فمن تنفيذ الفنان الخطاط أنور الفوال
فيما شاركت الفنانة مي محمود بأشغال الخشب المطعم بالصدف، وزود الدكتور محمود البغدادي المعرض أعمال خشبية بالمرايا، وشارك مصطفى السكري وفريقه بصنع الديكور الداخلي، وشاركت عبير سعد الدين بأعمال من المصغرات تحاكي بها مشاهد من البيوت والشوارع في القاهرة التاريخية.
احتفالية 120 عامًا على افتتاح المتحف
وكان متحف الفن الإسلامي قد احتفل أمس السبت بمرور 120 عامًا على افتتاحه، حيث يُعد المتحف من أكبر متاحف العالم التي تخص حضارة واحدة، بما يضمه من آثار تصل إلى ١٠٠ ألف قطعة أثرية.
وشهد الحفل أحمد صيام مدير عام متحف الفن الإسلامي، وكوكبة من العاملين والمهتمين بمجالي السياحة والآثار، وعدد من الدبلوماسيين منهم سفير كازاخستان، وعدد من أساتذة الجامعات جاء في مقدمتهم الدكتور جمال عبد الرحيم أستاذ الفنون والآثار جامعة القاهرة.
وأيضًا مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف، والدكتور علي ضاحي رئيس الإدارة المركزية لشئون المتاحف، والدكتور جمال مصطفي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار لشئون الآثار الإسلامية.
كما حضر أيضًا عدد من أساتذة الآثار الإسلامية بالجامعات، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور محسن صالح عميد كلية الآثار جامعة القاهرة، والدكتور أسامة عبد الوارث عضو لجنة سيناريو العرض للمتاحف بوزارة السياحة والآثار، وجيهان عاطف مدير عام المتحف القبطي بالقاهرة، والدكتور ممدوح فاروق مدير عام متحف إيمحتب بسقارة، ومصطفي خالد المدير العام الأسبق للمتحف الإسلامي، وليلي فرماوي مدير عام التدريب والنشر العلمي بالمنافذ الأثرية سابقا، والدكتور حمدي عبد المنعم مدير عام الترميم السابق بالمتحف الإسلامي.
وتنوعت فقرات الحفل ما بين افتتاح عدد من المعارض المؤقتة التي تبرز جمال فنون الحضارة الإسلامية ضمنها معرضًا للفنانة الروسية ليزا يوخنيفا، وهي فنانة تقلد رسوم المستشرقين الذين سجلوا بفرشاتهم المعالم الحضارية في مصر بالعصر الإسلامي، ومعرضًا للحرف التراثية اشترك فيه عدد من الفنانين بأعمال المصغرات والنحت والتكفيت وأشغال الخشب وغيرها من فنون.
كما تضمن الحفل فقرات لعرض المولوية وعدد من الفقرات الأخرى التي لها علاقة بالحضارة المصرية في العصر الإسلامي.