دكتور خالد صلاح يكتب: تحت الميكروسكوب
يمكن تعريف الميكروسكوب أو المجهر أنه تلك الأداة التي تنتج صور مكبرة للأجسام الصغيرة؛ حيث تسمح لنا برؤية جيدة ودقيقة للكائنات الدقيقة مثل الخلايا والبكتيريا ومن ثم يمكن فحصها وتحليلها، ويعود اكتشاف الميكروسكوب إلى أقدم عدسة تم اختراعها إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، حيث تم العثور على هذه العدسة في نينوى بآشور القديمة في كردستان، وتذكر الكتابات الرومانية الوسائل المكبرة مثل الكرات الزجاجية المملوءة بالماء، أو الزمرد المقطوع على شكل عدسة مقعرة، ولقرون عديدة دفع فضول الإنسان نفسه إلى مراقبة العالم الصغير بلا حدود، حتى ظهر الميكروسكوب بشكله الحالي.
وقد أجرى الفيزيائي والفلكي الإيطالي غاليليو غاليلي 1609 دراسة على البصريات حدّث من خلالها على العدسات والضوء قبل أن يتمكن خلال نفس العام من صنع أول مجهر له، ووضع هذا العالم الإيطالي سنة 1624 مجهرا آخر تميّز باحتوائه على عدسات محدّبة.
ويختلف المؤرخون حول مخترع الميكروسكوب، لكنه في الحقيقة اكتشاف وتطور حدث عبر الزمن، ويعد هانز ليبرشي هو الأكثر شهرة هو وزكريا يانسن، ولقد تم رسم أول تصوير لمجهر عام 1631م في هولندا، وفي عام 1665مـ نشر روبرت هوك رسومات الفحص المجهري وملاحظاته؛ التي تمثل القمل والخلايا النباتية والفطريات الأخرى، وذلك بفضل استخدام المجهر، واستخدم أنطوني فان ليفينهوك المجهر البدائي الذي بناه بيديه، وكان أول من وصف البكتيريا، وكتب ملاحظاته عن البكتيريا في تجويف الفم، وفي منتصف القرن الثامن عشر، قام البريطاني جون دولوند بتصحيح عدم وجود انحراف لوني في المجاهر المركبة، عدسة دونالد هي العدسة السلبية وتتكون من عدسات بلانو المحدبة، ومنذ ذلك الوقت، كان المجهر الضوئي مشابهًا لذلك الذي نعرفه اليوم. حتى الآن، ساهمت العديد من التحسينات في جودة هذه الأداة، من حيث البصريات والميكانيكا، في عام 1676م أعلن أنتوني فان ليوينهويك اكتشاف الكائنات الحية الدقيقة والمجهرية، في أواخر القرن السابع عشر ميلادي طوّر كريستيان هيغنز نظام بصري وذلك للحد من آثار الانحراف البصري، ولا زال مستخدمًا حتى اليوم، في عام 1893م طور أوغست كوهلر تقنية إضاءة العينات، وفي عام في عام 1903م اخترع ريتشارد زيجموني مجهرًا فائق الدقة، كان قادرًا على دراسة الجسيمات، وفي عام 1931م اخترع كل من إرنست روسكا وماكس كنول المجهر الإلكتروني، وفي عام 1932م اخترع فريتز زيرنك مجهرًا قادرًا على دراسة الأجسام البيولوجية عديمة اللون، وفي عام 1981م اخترع جيرد بينيج وهاينريش روهر المجهر المسحي.
وبغض النظر عن تاريخ اكتشاف الميكروسكوب أو تطوره أو غاياته السامية التي أفادت البشرية على مر التاريخ، فلم يكن في أذهان جميع المساهمين في اكتشاف الميكروسكوب أن العالم سوف يحتاج لميكروسكوب من نوع آخر وهو الميكروسكوب السياسي الذي نحتاجه لنرى به أنفسنا أو نكبر به ملايين المرات لحجمنا السياسي لكي يرانا الآخرين سواء عن قصد أم تناسي وتجاهل بعد ان تناست القوى العالمية الحالية لدورنا وثقلنا السياسي، ولست أطالب بالدور السياسي لنا في دولة الدومنيكان أو حدود الصين أو الأميركتين؛ وإنما أطالب واتساءل بدورنا وواجبنا في الدفاع عن مقدراتنا وأمننا القومي في قضية فلسطين وامن البحر الأحمر.
هل يعقل أن تحل قضية فلسطين وما يتعلق بالحرب في غزة وتبادل الأسرى في غياب دور لمصر وكأننا من قارة أمريكا الجنوبية.
هل يعقل أن يتم تشكيل قوى لحماية البحر الأحمر من هجمات الحوثيين من قوى غربية ولا يوجد تمثيل لأى دولة عربية ولا أصحاب الشأن الأساسيين والمتضررين من عدم الأمن في مياه البحر الأحمر.
ربما تكون الإجابة بسبب رغبة بعض القوى الإقليمية والعالمية تهميش الدور المصري، أو ربما عقاب ومساومة لمصر بضرب مصالحنا وأمننا القومي أو السياسي، أو ربما للازمات الاقتصادية التي تمر بها العالم والمنطقة.
ربما تكون كل الإجابات واردة ومقبولة، ولكن ليس من المقبول من قريب أو بعيد أن يتم تجاهل الدور المصري في المنطقة.
كل القضايا المحيطة بنا قضايانا وكل الموضوعات يجب أن تطرح ومصر على طاولة المفاوضات سواء أبى من أبى وشاء من شاء.
لإن هذه مصر يا سادة صاحبة السبعة آلاف عام