خبراء يرصدون أبرز ملفات المفاوضات النهائية في cop28
يختتم اليوم مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب28) في دبي، والذي بدأ انعقاده يوم 30 نوفمبر الماضي، بعد جولات من المفاوضات الجادة دون التوصل إلى اتفاق بشأن الوقود الأحفوري، بعد معارضة من الدول المصدرة للنفط.
وفي الساعات الأخيرة تداولت أنباء بشأن وجود اتجاه نحو استمرار القمة لوقت إضافي اليوم الثلاثاء، فيشير برنامج المؤتمر الذي حددته الأمم المتحدة إلى أن اليوم الثلاثاء هو اليوم الأخير للمؤتمر، ذلك بعد انتقاد عدة دول نسخة مسودة الاتفاق الأخيرة، باعتبارها ضعيفة لاغفالها "التخلص التدريجي" من الوقود الأحفوري.
واقترحت مسودة اتفاق نهائي نشرتها دولة الإمارات التي تتولى رئاسة القمة أمس الإثنين ثمانية خيارات "يمكن" أن تتخذها الدول لخفض الانبعاثات.
أحدهما كان "خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة من أجل تحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050 أو قبله أو في حدوده".
وفي هذا الصدد استعرض خبراء خلال تصريحات متفرقة لموقع "الفجر"، توقعاتهم بشأن أبرز الملفات العالقة خلال المفاوضات النهائية في cop28، وتصوراتهم بشأن التوصيات النهائية للقمة.
آليات جادة وقرارات مُلزمة
من جهته استعرض عضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، واستشاري التغيرات المناخية في الأمم المتحدة، الدكتور سمير طنطاوي، خلال تصريحات خاصة لموقع "الفجر"، بعضًا من الملامح المبدئية التي من المتوقع أن يسفر ختام مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ "كوب 28"، في دبي، ومن ثم ينتج عنها المخرجات النهائية للقمة، ومن تلك الملامح المتوقعة:
-الاتفاق على الهدف العالمي لتمويل المناخ، وهو ما قد يحقق بعضًا من النجاحات في هذا الإطار.
-حسم الملف الخاص بالتخارج الفوري أو التدريجي من الوقود الأحفوري، وهو موضوع شائك، من المتوقع أن يحقق بعضًا من التقدم.
-الوصول للهدف العالمي للتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وهو مطلب من الدول النامية، لذا من المتوقع أن تضغط تلك الدول خلال الأسبوع الثاني، ليسفر هذا الضغط عن نتائج ملموسة خلال المفاوضات النهائية.
-توجيه رسائل سياسية قوية، فنظرًا لأن الجهود العالمية لخفض الانبعاثات ليست بالمستوى المطلوب من أجل تحقيق انخفاضًا 1.5 بالمئة درجة من الانبعاثات وفقًا لاتفاقية باريس، من المتوقع أن يشهد ختام المؤتمر بعض الرسائل السياسية القوية الموجهة تحديدًا للدول بازغة النمو والتي تستهلك كمية كبيرة من الوقود الأحفوري.
-إقرار توفير نظام إنذار مُبكر يغطي الكرة الأرضية بأكملها لتستفيد منه الدول النامية على غرار الدول الغنية، بهدف الحد من الخسائر خاصة البشرية منها في حالة الكوارث المناخية.
وشدد عضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، على أن الخروج من القمة بقرارات ملزمة وآليات جادة يتوقف على، عدة عوامل من شأنها أن تتسبب في نجاح نتائجها لتكون ذات أثر واقعي، وعدد تلك العوامل فمنها:
-توافر الإرادة السياسية
-وجود آلية لمتابعة تنفيذ القرارات وضمان التنفيذ الكامل والفاعل للقرارات التي سيتم اتخاذها، وكذلك آلية للمحاسبة على عدم التنفيذ.
-أن تتسم القرارات في نهاية كوب 28 بالموضوعية وأن تأخذ بالاعتبار الظروف الوطنية في كل دولة وقدراتها، فقدات بعض الدول محدودة، خاصة وأن هناك دول تعاني مشاكل داخلية بين الاقتصادية والنزاعات الداخلية على سبيل المثال، لذا حتى يتخذ المؤتمر قرارات ويتم تنفيذها لا بد أن تتسم بالموضوعية.
-توفير وسائل التنفيذ المتمثلة في التمويل والتدريب ونقل، مشددًا على ضرورة توفير التكنولوجيات الحديثة الخاصة بالتخفيف والتكيف للدول النامية على أسس تفضيلية وليست أسس اقتصادية.
حسم ملف الطاقة
فيما قال أستاذ الدراسات البيئية عبدالمسيح سمعان، في تصريحات خاصة لموقع "الفجر"، إنه في ضوء ما شهدته قمة مؤتمر المناخ هذا العام في دبي، من طرح ملفات ساخنة على مائدة المفاوضات، فهناك عدد من الأمور التي من المتوقع أن تحسم ويعلن عنها خلال الختام لتصبح نسخة مميزة من القمة.
وعن تلك الملفات التي نوه عنها أوضح أن هناك بارقة أمل تشير إلى أن هناك حراك دولي في ملف التمويل، الذي يعد شائكًا، وسيتم حسمه خلال نهاية القمة بشكل أكثر فعالية، خاصة مع إقرار تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، والذي كانت أنشأته مصر في كوب 27، فبالفعل بدأت الدول وضع المبالغ المالية فيه، فوصلت التمويلات إلى 88 مليار دولار موزعة على الصناديق المختلفة.
وأشار أستاذ الدراسات البيئية، إلى أن الصندوق الذي افتتحه الشيخ محمد بن زايد بقيمة 30 مليار دولار للحلول القائمة على المناخ، وهو صندوق جديد لتمويل الأفكار وتشجيع البحث العلمي في مجال الحلول المناخية.
وذكر أن القمة خلال الختام ستعمل على اتخاذ إجراءات عاجلة بالنسبة للرعاية الطبية على مستوى العالم، خاصة بعد أن تم دمج يوم للصحة لأول مرة خلال كوب 28.
ولفت إلى أنه مازال هناك جدالًا قائمًا بشأن ملف الطاقة على طاولة المفاوضات، من المنتظر أن يحسم، موضحًا أن تقليل الانبعاثات الكربونية مُزعج بالنسبة للدول المنتجة للبترول ومنظمات تقف أمام هذا الاتجاه على رأسها أوبك على سبيل المثال، مشيرًا إلى أن هناك أفكار تم استعراضها خلال القمة بوقف استخدام الفحم خلال 20 عامًا ويليه الوقود الأحفوري خلال خمسين عام.
واستبعد أستاذ الدراسات البيئية، خروج القمة بقرارات ملزمة للدول أو إقرار عقوبات على الدول المتقاعسة أو المخالفة، مؤكدًا على أنه إذا لم يكن هناك التزام أخلاقي بما تم التوافق عليه فلا يوجد التزام قانوني، وأن التنفيذ عملية بالغة الصعوبة في ظل ما يشهده العالم من أزمات سياسية واقتصادية تؤثر على قدرة الدول على تنفيذ أي التزامات.
التمويل المناسب
أكد مستشار برنامج المناخ العالمي مجدي علام، في تصريحات لموقع "الفجر"، أن المفاوضات النهائية لكوب 28 هي عبارة عن أهم مخرجات القمة السابقة في شرم الشيخ بمصر، والتي لم تستكمل ونقل معظمها إلى النسخة الحالية لاستكمالها، وهو ما يعكس حجم المناقشات وصعوبتها، والتي تهدف إلى محاولة الوصول إلى نقطة اتفاق ما بين الدول الصناعية الكبرى المسببة للتغير المناخي والدول الصاعدة التي تمثلها دول البريكس حاليا ومن ضمنها مصر والهند والصين، وعدة دول تصنف على أنها من دول العالم الثاني أو الثالث.
وأشار إلى أن من أهم الملفات التي سيتم حسمها خلال مفاوضات هذه النسخة، هو الوصول لتمويل مناسب للدول التي تضررت من آثار التغيرات المناخية سواء بالجفاف أو التصحر أو ارتفاع درجات الحرارة وما يطلق عليه الظواهر الجامحة، لتكون أول قمة تتخذ إجراء فعلي حول هذا الشأن.
وذكر أن المفاوضات الختامية ستشهد اهتمامًا بالحديث حول مثلث الأمن الغذائي والمياه والطاقة، خاصة وأن الأمن الغذائي هو الأكثر تضررا عالميا من سيطرة القوى العظمى على الطاقة وحرق حجم هائل من الوقود، منوهًا إلى أن سيناريو تخطي ارتفاع درجة الحرارة 1.5 درجة حتى 2050 ينذر بحدوث كوارث بيئية كبيرة.
وبشأن خروج القمة بقرارات ملزمة وجادة، من أجل الوصول إلى نتائج واقعية، عدد مستشار برنامج المناخ العالمي بعض تلك القرارات، ومن بينها:
-وجود اتفاق حقيقي لما يطلق عليه بتعويض الخسائر والأضرار، وهو ملف شهد خلافات بين الدول النامية التي تشكو تضررها من الخسائر.
-الاتفاق على التمويل المطلق والتطوير لإيجاد حماية للنظم البيئية الهشة، وهو ما يتطلب تمويلًا، مشيرًا إلى أنه انخفض من تريليون دولار إلى مليار ثم إلى أقل من مليار إلى أن وصل إلى 750 مليوون دولار في الصندوق الأخضر، وأن البنك الدولي وعد بزيادة في هذا التمويل لكن لم ينفذ بعد، متوقعًا أن تشهد نهاية القمة الإعلان عن تمويل خاصة وأن الإمارات وضعت تمويلًا ضخمًا لإنجاح التجربة في كوب 28.
واستطرد بأن القمة مطالبة بتحقيق تمويل لازم لإعادة المناطق المتضررة من التغيرات المناخية لأصلها حتى لو كان ذلك التمويل على المدى البعيد، لكن لا بد من الإعلان عن جدول مالي يتم تنفيذه على عدة سنوات.