كيف نجحت الوساطة المصرية في تحقيق الهدنة بغزة؟ (خبراء يجيبون)

الفجر السياسي

آثار الدمار في غزة
آثار الدمار في غزة

كشف عدد من الخبراء والمحللين السياسيين عن الجهود السياسية والدبلوماسية الضخمة التي تُبذل من قبل القيادة المصرية منذ بداية الحرب الإسرائيلية الشديدة في قطاع غزة، مؤكدين أن مصر لعبت دورًا مهمًا وتاريخيًا في دعم القضية الفلسطينية، بدءًا من عام 1948 وحتى فترة حكم الرئيس السيسي، وقد أوضحوا أن هذه التطورات حققت حتى الآن أهدافًا رئيسية ضمن أهداف الأمة العربية والإسلامية، ونستعرض هذه الإنجازات في هذا التقرير.

ضياء حلمي: التطورات حققت أهدافًا رئيسية من أهداف الأمة العربية والإسلامية

الدكتور ضياء حلمي الفقي 

في هذا الإطار، قال الدكتور ضياء حلمي الفقي الفقي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن مصر قامت بجهود سياسية ودبلوماسية هائلة على مدار الساعة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الشرسة في قطاع غزة، فمنذ اليوم الأول، تمت إجراءات اتصال رفيعة المستوى من قبل الرئيس السيسي مع قادة دول العالم الكبرى وأماكن صنع القرارات الدولية.

وأضاف ضياء حلمي في تصريح خاص لـ "الفجر": "قامت مصر بتنظيم قمة السلام في القاهرة، حيث شارك فيها ممثلون من دول العالم والهيئات الدولية"، مؤكدا أن التحرك المصري يهدف بشكل رئيسي إلى إيقاف الحرب ووقف إطلاق النار، بهدف حماية أهلنا في غزة، وقد أسفر هذا الجهد المستمر عن نجاح التعاون الثلاثي بين مصر والولايات المتحدة وقطر في تحقيق هذه الهدنة الهامة، والتي بدأت سريانها اعتبارًا من يوم أمس الجمعة، مما يضفي على توقيتها ودلالاتها أهمية كبيرة".

وأشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إلى أن الرئيس بايدن قام بالاتصال الهاتفي بالرئيس السيسي ليعبر عن شكره على "قيادته للمفاوضات"، مؤكدًا أن هذه الكلمة ليست مجرد تعبير في السياق السياسي، بل هي رسالة وإشارة واضحة تبرز أن التحرك الدولي للرئيس السيسي وجهد مصر على المستوى العالمي قد ساهما في تحقيق هذا التقدم، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الانفراجة إلى تحقيق مكاسب أخرى إضافية.

وتابع: بفضل نجاح مصر في المفاوضات الصعبة مع الجانب الإسرائيلي، تم توسيع نطاق الهدنة ليشمل بندًا آخرًا ذا أهمية بالغة، حيث تم الاتفاق على السماح بدخول 200 شاحنة يوميًا تحمل مواد غذائية وإغاثية وطبية، بالإضافة إلى 4 شاحنات تحمل وقودًا وغازًا.

وأوضح أن هذه التطورات قد حققت حتى الآن أهدافًا رئيسية من أهداف الأمة العربية والإسلامية، أولًا تم تحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وثانيًا، تم التأكيد على ضرورة دخول مساعدات "كافية" إلى قطاع غزة، ويتعين التوقف عند مصطلح "المساعدات الكافية"، حيث أكد الرئيس السيسي على أهمية أن تتناسب المساعدات مع احتياجات سكان غزة في ظل محنتهم، حيث يتعرضون للاعتداء اليومي من جيش الاحتلال، ولم يسلم أي شخص من هذا البطش، سواء كان طفلًا، أو امرأة، أو شيخًا، أو مريضًا.

واستكمل: أصرت مصر بشكل حازم على بند المساعدات بهذا الحجم، بهدف تجنب أن تكون تلك المساعدات مجرد رمزية، بل أن تعكس دور مصر بشكل جاد وحقيقي وواقعي، هكذا كانت مصر العربية في الماضي، وهكذا هي في الحاضر، وبإذن الله ستظل كذلك في المستقبل، مؤكدا أنها دولة كبيرة تتحلّى بالمسئولية والالتزام.

وفيما يتعلق بالبند الثالث والأخير، الذي تسعى مصر إليه في هذه الأزمة، هو بدء مفاوضات جادة وبإرادة سياسية حقيقية من جميع أطراف الصراع والمجتمع الدولي، بهدف التوصل إلى حل دولتين، يهدف هذا الحل إلى أن تكون لفلسطين دولة ذات حدود تعود إلى الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها في القدس الشرقية، وأن تكون هذه الدولة خالية من السلاح لضمان استمرار السلام الشامل، حيث يهدف ذلك إلى ضمان الأمان لفلسطين وإسرائيل على حد سواء.


أسامة شعث: مصر البوابة الرئيسية يدخل من خلالها المساعدات الإنسانية في غزة

الدكتور أسامة شعث 

من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي، إن الجهود المصرية لوقف الحرب على غزة كانت مستمرة منذ اللحظة الأولى، رغم أن الاحتلال الإسرائيلي كان يرفض التعاون والاتصال ووقف إطلاق النار، نظرًا للهزيمة التي تعرض لها في 7 أكتوبر وتأثيرها على مختلف الجوانب العسكرية والأمنية والاستخباراتية والخسائر البشرية.

وأوضح "الشعث" في تصريح خاص لـ "الفجر" أن دور مصر لم يتوقف منذ اللحظات الأولى واستمرت محاولاتها في التعاون مع الأشقاء العرب، وتحديدا قطر التي لعبت دورا محوريًا جنبًا إلى جنب مع مصر في تثبيت الاتفاق والتواصل مع حركة حماس، بالإضافة إلى التفاعل المباشر مع الإدارة الأمريكية.

وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الفترة التي تجاوزت 45 يومًا من العدوان على غزة شهدت صمودًا حققته المقاومة الفلسطينية، ورغم فشل نتنياهو في تحقيق أهدافه المعلنه، مثل القضاء على حماس وتغيير التاريخ كما يدعي، وعدم نجاح محاولاته في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، إلا أن الضغوط الدولية وتحولات الرأي العام الدولي، خاصة الشعب الأمريكي الذي طالب بوقف الحرب على غزة، والإدارة الأمريكية التي ضغطت بشكل كبير على الاحتلال، ساهمت في نجاح جهود مصر لتحقيق وتحقيق الهدنة ووقف إطلاق النار.

وعن دلالات تلك الهدنة، قال أستاذ العلاقات الدولية: أولا لا يمكن وقف عملية إطلاق النار إلا من خلال مصر لأن عملية التبادل تجري عبر الأراضي المصرية، ثانيا الضامن لتحقيق الهدنة من جانب المقاومة والشعب الفلسطيني، مصر باعتبارها البوابة الرئيسية التي سيدخل من خلالها المساعدات الإنسانية لشعب فلسطين في غزة، ثالثًا المكانة القومية العظيمة لمصر في المنطقة باعتبارها دولة كبرى تجعلها محط احترام وتقدير من المجتمع الدولي ومن كل المنطقة العربية والمحيط، بالإضافة إلى ثقة الشعب الفلسطيني المطلقة في الدور المصري الشريف المتنزه عن المصالح الخاصة، مؤكدًا أن مصر لم تتلاعب يوما في القضية الفلسطينية ولم ولن تنحاز لطرف على حساب آخر.

وأكد أن مصر لعبت دورًا مهمًا وتاريخيا في دعم القضية الفلسطينية، بدءًا من 1948 مرورًا برؤساء مصر منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر وحتى الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، الذي طالب بوقف العدوان على غزة ورفض التهجير القسري للشعب الفلسطيني، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم المستقلة، وهذا يتماشى مع مواقف الشعب الفلسطيني وطموحات الأمة العربية.