بعد التصعيد الإسرائيلي.. هل بدأ الاجتياح البري لغزة؟

تقارير وحوارات

قصف قطاع غزة
قصف قطاع غزة

صعدت إسرائيل في الساعات الأولى من ليل الجمعة، من قصفها على قطاع غزة، وحرب الانتقام والإبادة التي تشنها على القطاع منذ وقوع الهجوم المباغت الذي شنته "حركة حماس" وفصائل المقاومة الفلسطينية على بلدات ومعسكرات إسرائيلية في السابع من أكتوبر.

وأثيرت التكهنات بعد التطورات التي شهدتها غزة من تصعيد إسرائيلي، بشأن التحضير النهائي لبدء قواتها التمهيد لاجتياح القطاع وخوض حرب برية قد تمتد لفترة طويلة حتى يتثنى لإسرائيل القضاء على حركة حماس، حسب ما تزعم. 

إسرائيل تكثف من هجومها

من جانبه أكد الجيش الإسرائيلي أن العملية البرية الموسعة في قطاع غزة ليست اجتياحًا بريًا رسميًا.

ووفقًا لما أعلنه أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في بيان عبر منصة "إكس": "استمرارا للعمليات الهجومية التي قمنا بها في الأيام الأخيرة، توسع القوات البرية الأعمال البرية مساء اليوم.. في الساعات الأخيرة، كثّفنا الغارات في غزة، ويشنّ سلاح الجو هجومًا واسع النطاق على أهداف تقع تحت الأرض وعلى البنى التحتية الإرهابية".

واختتم: "يعمل الجيش الإسرائيلي بمنتهى القوة، وعلى جميع الأصعدة، سعيًا لتحقيق أهداف الحرب". مجددًا الدعوة إلى سكان شمال غزة للتوجه إلى جنوب القطاع.

حماس تدعو الفلسطينيين إلى النفير 

من جهتها أعلنت "حركة حماس" أنها أطلقت مساء الجمعة "رشقات صاروخية" في اتجاه إسرائيل، ردًا على القصف الإسرائيلي الكثيف الذي يتعرض له شمال قطاع غزة.

وشددت الحركة، في بيان، على أن قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة، وتصعيد القصف، برًا وبحرًا وجوًا، على الأحياء السكنية، ينذر بنية الاحتلال ارتكاب مزيد من المجازر وجرائم الإبادة بعيدًا عن أعين الصحافة والعالم، داعية الفلسطينيين إلى النفير العام نصرةً لغزة ولوقف العدوان وحرب الإبادة ضد المدنيين.

إبادة جماعية

في هذا الصدد، قال نائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية، السفير صلاح حليمة، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إن ما يحدث في قطاع غزة الآن، هو عبارة عن حلقة ضمن سلسلة من العلميات العسكرية الإسرائيلية، واصفًا التصعيد الإسرائيلي بـ "عدوان غاشم" على القطاع ينتهك كافة القوانين الدولية.

وأكد أن ما تقوم به إسرائيل الآن تجاه أهالي قطاع غزة، يعد محاولة منها لتصفية القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالسعي نحو تطبيق صفقة القرن، والتي تتمثل في محاولة التهجير القصري الذي فشلت فشلت فيه حتى هذه اللحظة.

وأوضح أن ما يحدث في غزة من قصف وقتل هو عقاب وإبادة جماعية، فضلًا عن وقف جميع المساعدات الإنسانية، حتى تكون هناك أوضاعًا تنهي من خلالها القضية وتساعد على تفريغ القطاع من الفلسطينيين وتصبح الأرض إسرائيلية.

واستدل على المخطط الإسرائيلي بما يجري من عمليات عسكرية ودعم وتواطؤ غربي، خاصة من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا ودعمها السياسي والاستراتيجي لإسرائيل، من خلال إرسال أسلحة وجنود بالإضافة إلى زيارة الرئيس الأمريكي إلى تل أبيب.

وأوضح نائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية، أن هناك نقطة مهمة وهي، أن الجانب الأمريكي يركز في موقفه على أن حركة حماس هي منظمة إرهابية وما قامت به خلال عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر، هو نوع من أنواع الإرهاب وتحاول أن تقارنها بـ "داعش"، مضيفًا: يوجد فرق شائع بين منظمة وحركة مقاومة مشروعة ضد احتلال، بينما داعش هي منظمة إرهابية تحاول تغير النظم من خلال فكر أيديولوجي يختلف تمامًا عن الأفكار الموجودة في المنطقة.

حرب إسرائيلية على ثلاث مراحل

كان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أعلن منذ ما يقرب من أسبوع أن الحرب في غزة ستكون على ثلاث مراحل، لتشمل المرحلة الأولى حملة من القصف، وفي الثانية، حرب برية تهدف إلى هزيمة حماس في غزة وتدميرها، لتشمل استخدام منسق لأسلحة الجو والبر والبحر، وتستمر القوات الإسرائيلية في القتال، ولكن بكثافة أقل حيث تعمل القوات على القضاء على جيوب المقاومة.

وعن الخطوة الثالثة فقال إنها ستكون بإنشاء نظام أمني جديد في قطاع غزة، وإزالة مسؤولية إسرائيل عن الحياة اليومية فيه، وخلق واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل والمنطقة المحيطة بقطاع غزة.

اجتياح بسيط 

يوضح خبير الشؤون الإفريقية والأمن القومي، اللواء محمد عبد الواحد، في تصريحات خاصة لموقع "الفجر"، أن التصعيد الآن في غزة بمثابة اجتياح بسيط ومحدود، مشيرًا إلى أن هذا الاجتياح هو الرابع من نوعه منذ أن بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بعد السابع من أكتوبر الجاري.

وأشار إلى أن الاجتياح الأول كان بين قوات من النخب الإسرائيلية والنخب الأميركية، استطاعوا التوغل إلى غزة، وكانت من بين مهامه الاستطلاع والاستكشاف للأماكن وجس النبض، ثم اجتياح أمس وهو كان بسيط ومحدود له أغراض أخرى، موضحًا أنه في شكل اجتياح لكنه يعد عملية نوعية لأنه يفتقد إلى أشكال الاجتياح البري المعروفة بأن يكون هناك مركبات مشاة ومركبات مدرعات، لكنه ظهر برتل دبابات كبير تحميه طائرات هليكوبتر فقط في هاتين المرتين.

أما في فجر اليوم وقع الاجتياح الثالث الذي كان عبارة عن قوات برية ومشاة، قاموا بالتوغل إلى القطاع لعدة ساعات وخرجوا مرة أخرى، بينما ما يحدث الآن هو اجتياح رابع، لافتًا إلى أن جميع المحاولات تمهيدًا للاجتياح البري الطويل.

وأوضح أن الاجتياح البري بعده من المتوقع أن تصمد القوات الإسرائيلية في غزة لفترة طويلة بهدف القضاء على حركة حماس كما يدعون، وتصدير الحكومة الإسرائيلية مبرر للداخل الإسرائيلي من هذه العملية التي استمرت 21 يومًا دون نتائج إيجابية، في ظل توالي الرشقات الصاروخية من المقاومة على إسرائيل.

وأكد خبير الأمن القومي أنه على مدار 21 يومًا من العملية العسكرية المتضرر الوحيد منها هم المدنيين والأطفال والنساء وكبار السن، مشيرًا إلى أن العمليات مستمرة بسبب الخلافات داخل إسرائيل ما بين المكون السياسي والعسكري، والتي تتعلق بملامح وطبيعة وأهداف الاجتياح البري.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الجمعة، أن حصيلة ضحايا عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، منذ الـ 7 من شهر أكتوبر الجاري، ارتفع إلى أكثر من 7415 شهيدًا، و20517 جريحًا.

وقالت الوزارة - في تقرير لها اليوم - إن 7305 شهداء ارتقوا في قطاع غزة، و110 شهداء في الضفة الغربية، فيما جرح في القطاع 18567 مواطنًا، و1950 في الضفة.

وأوضحت الوزارة أن 70% من الشهداء في قطاع غزة هم من الأطفال والسيدات والمسنين.

وبشأن انقطاع شبكة الإنترنت وكافة وسائل الاتصالات، أشار إلى أن ذلك سيكون لفترة معينة كتجربة على الاجتياح فيما بعد، بهدف إفقاد المقاومة الفلسطينية الاتصال والتنسيق فيما بينها، مؤكدًا أن من مصلحة الاحتلال الإسرائيلي عودة الإنترنت للعمل لالتقاط محادثات المقاومة.

واستبعد حدوث أي هدنة بين الطرفين، وعدم وجود نية إسرائيلية للرضوخ لأي ضغوط أو مفاوضات، مستدلًا بتعنتها تجاه دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة من خلال معبر رفح، مستطردًا أن إسرائيل تفرض وصاية شديدة على المساعدات بالرقابة والتفتيش، وبالتالي تعطل وصولها، بهدف تشديد الحصار على غزة لتجويع وتعطيش أهلها وإذلالهم، ثم توجيه الضربات الجوية والبحرية والمدفعية من المستوطنات المجاورة لاستنزاف حركة حماس وتقليص قوتها واستنزاف صواريخها والوقود المتاح لديها، وبالتالي حينما تنفذ العملية البرية تكون الأرض مهيئة لهذا. 

وبحسب تقرير وزارة الصحة الفلسطينية في أحدث تقرير لها، فإن 45% من الوحدات السكنية في قطاع غزة تم تدميرها، جراء القصف العنيف الذي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي جوًا وبرًا وبحرًا منذ بدء العدوان في السابع من شهر أكتوبر الجاري.

فيما بلغ عدد الوحدات السكنية المدمرة بالكامل وغير قابلة للسكن 27781 وحدة، و150 ألف وحدة دمرت بشكل جزئي، و12 منشأة صحية مدمرة أو خارجة عن الخدمة بعد تدميرها، و46 مركز رعاية صحية، إلى جانب 219 مؤسسة تعليمية، منها 29 مدرسة تابعة للأونروا في غزة.

وقدر عدد النازحين في قطاع غزة لنحو 1.4 مليون مواطن، حيث يعيش 629000 شخص في 150 ملجأ طوارئ مخصص للأونروا، مؤكدة أن الاكتظاظ يشكل مصدر قلق متزايد، وأنه وصل متوسط عدد النازحين داخليا لكل مأوى إلى 2.7 ضعف طاقته الاستيعابية، مع وصول المأوى الأكثر اكتظاظا إلى 11 ضعفا فوق طاقته الاستيعابية.

وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن مراكز الإيواء في غزة تحمل فوق طاقتها بنسبة 250%، ما يشكل خطرا على تفشي الأمراض، لافتة إلى أن العديد من الضحايا ما زالوا في عداد المفقودين تحت الأنقاض.