مطران إبراشية نيويورك للروم الارثوذكس: المثلية موضة مكروهة
قال المتروبوليت سابا اسبر مطران إبراشية نيويورك وكل أمريكا الشمالية الأنطاكية الأرثوذكسية، في نشرة تعريغية له عن المثلية الجنسية إنه يقف، عادةً، خلف أيّ موضة، شخص، أو مجموعة لها فكر محدَّد وهدف واضح، يسعون إلى تحقيقه، عبر ما يطرحونه في سوق الحياة، من "موضات". إنّهم يتوسّلون الموضة طريقًا للوصول إلى هدفهم. كان الهدف تجاريًّا في ما مضى، أمّا الآن، فقد تجاوز البعد التجاري. ثمّة شيطان متحكّم بذوي التأثير، بغية تغيير البُنى الاجتماعيّة والأخلاق الإنسانيّة والقيم الروحيّة.
موضة المثلية
موضة المثليّة على سبيل المثال، وهي الأبرز في هذه الأيام، لا تنحصر، فقط، بمجرّد إقامة علاقة جسديّة بين شخصين من جنس واحد. الأمر أبعد من هذا. للأسف. فالدول الكبرى استخدامت النفوذ، الذي تتمتّع به حتّى تفرض قوانين وتوصيات تسمح بالحرية المطلقة، لذوي الجنس الأحادي والإجهاض.
ثمّة فارق عظيم بين أن لا يلاحق القانون ذوي الميول غير الطبيعيّة، ولا يقتلهم أو يضطهدهم، وبين أن يشرعن وضعهم ويفرضه، على الرأي العام، بالدستور والثقافة والإعلام، ممارسةً طبيعيّة، ويضطهد من لا يقبله، ولو كان رفضه سلاميًّا لا عنفيًّا. في الواقع، بات الاضطهاد سيفًا مسلطًا على كلّ من لا يسير في ركاب المثليّة وتفرّعاتها. ففي تورنتو، كندا، صدر منذ شهر قانون يجرّم أهالي الأطفال، الذين يتلفّظون بعبارات ترفض المثليّة، أمام رفاقهم، من الأزواج من الجنس الواحد المتبّنين للأطفال. والحجّة أنّهم يمارسون تمييزًا عنصريًا تجاه هؤلاء الأطفال. ما يعني أنّ الوالدَين اللذين يعلّمان أطفالهما أن العلاقة الطبيعيّة، هي تلك التي بين الرجل والمرأة، باتوا، بحكم هذا القانون، مهدّدين بفصل أولادهم عنهم، إذا ما ردّد الأطفال ما تعلّموه في البيت، أمام رفاقهم في المدرسة.
أيّة حريّة هذه، التي تطلق العنان لفئةٍ باستخدام كامل حريّتها، وتمنع على ضمير فئة أخرى عدم قبول ما تقول به الفئة الأولى!!! لماذا يُسمح لفئة بالتعبير، بشكل كامل، عن رأيها في أمور الجنس على اختلافها، ويُمنع على فئة أخرى حتّى التصريح برأيها، في الأمر ذاته؟؟ يحقّ للمثليين المجاهرة بقناعتهم هذه ونشرها، ولا يحقّ لمن يرفضونها، حتى المجاهرة بقناعتهم بخصوصها.
أين حريّة ضمير كلّ إنسان؟ ثمّة تشويهٌ هائل، في الممارسة، لمبادئ حقوق الإنسان، وتجييرٌ لها لتخدم ما هو ضد الأديان.
مؤخرًا، وفي اليونان، حيث ما يزال للكنيسة بعض من تأثير، دامت محاكمة أحد المطارنة، ستة أشهر لأنّه قال في عظة له: "إنّ المثلية شذوذ". استند الحكم ببراءته، من تهمة " التمييز الجنسي"، إلى أنّه لفظ عبارة "خلافًا للطبيعة" على لسان الكتاب المقدّس وليس تعبيرًا عن رأيه هو. أشكّ في إمكانيّة تبرئته، لوحدث الأمر ذاته، في بلد غربي آخر.
مع تراجع الإيمان الديني، الذي تشهده المجتمعات الغربيّة، عمومًا، واستبدال الله بالإنسان، ما عاد للإنسان من قيمة شخصيّة مطلقة، يسمو بها ويهفو إليها. فما كان له إلا أن يتوجّه نحو ذاته، ليبتدع من طاقاتها اللامحدودة (كونه مخلوقًا على صورة الله اللا محدود) أشكالًا وألوانًا، ولو قادته إلى الانتحار التدريجي الجماعي.
إن العالم يحتاج إلى تبشير مستمر. فما من عالم ثابت بعد. إنّ التغيّر والتحرّك المستمرين والمتسارعين على جميع الصعد، سمةُ الحياة المعاصرة. ومع ذلك يتبع الكثير من المؤمنين، وببلاهة بليدة، الموضات على اختلاف أنواعها، غير مميّزين بين ما يليق بهم، باعتبارهم مؤمنين، وبين ما لا يليق.
أمام هذا الجنون، الذي يعصف بالعالم بحثًا عن معنىً للحياة، بات مفقودًا، لنا في شخص المسيح وإنجيله منقذ وحيد. كم هي عظيمة مسؤوليتنا إنْ وعيناها؟!! من له أذنان للسمع فليسمع.