سائقو الشاحنات المصرية في معبر رفح يروون مشاهد الدمار التي شاهدوها في غزة
قصفُ ليل نهار على الشريط الحدودي لقطاع غزة، زادت عزيمة سائقي الشاحنات المصرية للدخول إلى القطاع عبر معبر رفح، وإرسال المساعدات المختلفة إلى أشقائنا في فلسطين، على الرغم من أن أغلبهم لم يقم بذلك من قبل.
رائحة البارود في كل مكان، وترى نيران القصف والغبار بعينك، وتسمع دوي الانفجارات طوال اليوم، كل هذه هي المشاهد من معبر رفح المصري، فما بالك بالوضع داخل قطاع غزة؟
رؤوهم بعينهم، وفرحتهم بدخول تلك الأطنان من الأدوية والغذاء والماء والأغطية، بعد 15 يومًا من الحصار الكامل في سجن كبير.
حالة من الحزن خيّمت على سائقي الشاحنات المصرية منذ اليوم الأول لوصولهم إلى معبر رفح البري، وسط محاولات كبيرة محليًا ودوليًا، لإدخال المساعدات إلى الجانب الفلسطيني، ولأكثر من مرة يتجهّز السائقين للدخول، وتنتهي جميع الإجراءات، إلا أن القصف الشديد على الشريط الحدودي لغزة، يحول دون دخولهم، ولكن هذا لم يرهبهم في أي مرة.
وفي يوم السبت 21 أكتوبر 2023، تحوّل المشهد أمام معبر رفح، من الحزن والإحباط، إلى فرحة كبيرة وهتافات، بعبور شاحنات المساعدات من الأراضي المصرية إلى الفلسطينية، وإيصال الأدوية والمواد الغذائية إلى قطاع غزة، وخرجت الشاحنات من المعبر وسط فرحة وهتاف ورفع للأعلام الفلسطينية والمصرية، وارتفاع أصوات الفرحة.
لحظات صعبة عاشها سائقو تلك الشاحنات، خلال عبورهم من البوابة المصرية إلى البوابة الفلسطينية، وعلى الرغم من ذلك، لم نشعر أن شخصًا منهم في حالة قلق أو توتر أو خوف، بل بدى على وجوههم فرحة إيصال تلك المساعدات إلى الأشقاء.
وعند عودتهم، كان لدينا الكثير من التساؤلات حول المشهد في الجهة المقابلة لمعبر رفح، ما هي شكل البيوت؟ هل رأيتم أحدًا من الفلسطينيين خلال عبوركم في داخل أراضي غزة؟ ما هو الوضع الآن؟ خاصة وأن الكثير من الأحياء انقطع عنها الإنترنت وخطوط التليفون، ولا يستطيعون نقل الصورة لنا بشكل كامل، إلا تلك المشاهد القليلة التي ترصدها شاشات التلفزيون والصحفيين.
عم بهاء: آثار الدمار ورائحة الدماء في كل مكان
"آثار الدمار ورائحة الدماء في كل مكان"، بهذه الكلمات بدأ عم بهاء حديثه بعد خروجه من معبر رفح، وهو أحد أقدم سائقي الشاحنات أمام معبر رفح، والذي ظلّ أمام المعبر لمدة 7 أيام، في انتظار الدخول لتقديم المساعدات إلى الأشقاء في غزة.
وأضاف: "المشهد قاسٍ، ربما يشبه أحد أفلام الرعب الشهيرة، لا أدري ما الإحساس الذي شعرت به في تلك اللحظات، لكن من المؤكّد أنني لم أشعر به من قبل".
محمد العربي: شعرت وأن صاروخًا نوويًا ضرب المكان
قال محمد العربي سائق إحدى الشاحنات التي عبرت، إنه أمام المعبر منذ نحو 5 أيام، ولديه الاستعداد للبقاء لأيام أخرى لإيصال ما أسماه بـ "الأمانة" للأشقاء في غزة، قائلًا: "الحمدلله نحمده كثيرًا ونتمنّى أن تصل كل الشحنات إلى أشقائنا في أسرع وقت، نشعر بمعاناتهم، المصريين والفلسطينيين على قلبٍ واحد".
وحول المشهد في الجهة المقابلة، أكد أن القصف في كل مكان، ويظهر على البيوت والأبراج المقابلة للمعبر وقريبة منه، حيث شعر وأن صاروخًا نوويًا ضرب المكان.
محمد صلاح: كانوا في انتظارنا ووقفوا في الشُرفات لرؤيتنا
سائق شاحنة أخرى يُدعى محمد صلاح، كان له نصيبُ في الدخول إلى الأراضي الفلسطينية وسط الركام، ليطمئن على الأشقاء في غزة، قبل أن يكون سببًا في إرسال المساعدات لهم.
قال صلاح: "جئت من بني سويف لأكون بجوار الفلسطينيين الذين يحتاجون إلينا، استقبلونا أفضل استقبال، وكانوا متشوقين لدخولنا، رأيت الكثير منهم يقف في شرفات منزله، يرسل لنا السلام بيديه، وظهر عليهم علامات الفرحة، وقاموا بتصويرنا بهواتفهم المحمولة، كنوع من أنواع الامتنان والفرحة".
حلمي السعيد: قالوا لنا أنهم ينتظروننا منذ أيام طويلة.. والدمار في كل مكان
أما سائق الشاحنة حلمي السعيد، قال: "سألنا الهلال الأحمر في الجانب الفلسطيني، هل يوجد أمل للدخول مرة أخرى؟ نريد أن نساندكم وكون بجواركم، قالوا ليس بأيدينا، ونتمنّى كل المساعدات تصل للفلسطينيين".
وأضاف: "تعرّض الشريط الحدودي للمعبر للقصف من الجانب الفلسطيني كثيرًا، وأثار الدمار في كل مكان، الوضع سيئ بالداخل، وقال لنا الفلسطينيون أنهم ينتظّروننا منذ أيام طويلة".
شريف صلاح: المشهد كان "مهيبًا".. والأرض لم تكن مستوية من شِدة القصف
قال السائق شريف صلاح أحد سائقي الشاحنات: "المشهد كان مهيبًا، حتى الأرض لم تكن مستوية من كثرة القصف، وهو ما سبب عندي حالة من الحزن على ما يحدث للفلسطينيين، كنت أتمنّى لو أذهب لكل فلسطيني رأيته في الجهة المقابلة وأتقدّم به بالاعتذار نيابة عن العالم لفعلت ذلك".
وأضاف: "المشاهد في الجهة المقابلة كانت في شدة القسوة والألم، وإذا خُيرت للعودة مرة أخرة لقطاع غزة سأعود، حملت مساعدات طبية وأدوية وإسعافات أولية، وأقول لهم مصر والمصريين معكم".