في بيان استفزازي.. إثيوبيا تتهم مصر بخرق اتفاقية الإطار وخبراء لـ "الفجر" يكشفون الحقيقة
صمت وفشل مرة جديدة حدثت في المفاوضات الخاصة بأزمة سد النهضة، وإثيوبيا لاتزال متعنتة في موقفها ولكن ما يثير الاستغراب هو إصدار خارجيتها اليوم الاثنين لبيان تهاجم فيه مصر بأنها هي من تخالف الاتفاقيات وهنا تقصد إتفاقية الإطار المبرمة عام ٢٠١٥.
منطق غير واقعي
وفي سياق متصل، علق الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قائلا:" بالتأكيد هناك إشكالية متعلقة بوقف المفاوضات وانتهائها في إثيوبيا بعد جولتين بالقاهرة والجولة الحالية".
وأضاف "فهمي" في تصريحات خاصة لـ "الفجر":" هناك إشكالية في اعتقادي متعلقة بسعي إثيوبيا لشراء الوقت وفرض استراتيجية الأمر الواقع وما تم حتى الوصول للملء الرابع وبالتالي من منظور إثيوبيا إنه قد قضي الأمر وبالتالي هم يتحدثون عن إتفاقية الإطار لعام ٢٠١٥ وأن مصر هي من تخالف هذا فهذا منطق غير واقعي وغير صحيح وأن الجانب الذي يتنصل من موقفه هو الجانب الإثيوبي".
وتابع أستاذ العلوم السياسية: "نحن أمام مفارقة فإما أن تستمر المفاوضات في حال اكتشاف مسار جديد وإما الاستمرار في ألية الاتحاد الأفريقي وإما الذهاب إلى مجلس الأمن لعمليات الاستيفاء بطريقة أو بأخري".
واستطرد "فهمي" تصريحاته، قائلا: "في تقديري أن الإثيوبيين لم يغيروا من مواقفهم وكان هناك تفاؤل كبير قد حدث لنا من المهم أن يحدث بصورة أو بأخرى لمحاولة تقريب وجهات النظر والتأكيد على الثوابت التي تتعامل معها السياسة الاستراتيجية الراهنة بالنسبة لمصر".
وتابع:" مصر دولة لديها التزاماتها ولديها الأسس الخاصة بها ولديها مواقفها المباشرة وقواعد القانون الدولي تقر حقوق مصر بصرف النظر عن هذه الاتفاقية اي اتفاقية الإطار لعام ٢٠١٥ أو غيرها، وهناك مراجعات كثيرة تتم في هذا السياق وأعتقد أن هناك حرص مباشر على هذا الأمر".
واختتم فهمي تصريحاته لـ "الفجر"، قائلا: "أعتقد أن الدولة المصرية لديها اوراق ضاغطة ولديها موقف كبير وموقف لم يتغير ولديها إمكانيات للضغط على الجانب الإثيوبي وإخضاعه لهذه التفاصيل وفي تقديري هذا الأمر مهم للغاية وفشل جولة إثيوبيا كما فشلت جولة القاهرة لا يعني فرض الإثيوبيين لاستراتيجيتهم بل بالعكس هناك إمكانية كبيره لتلعب مصر دور مباشر في هذا الإطار ونحن لدينا بدائلنا وخياراتنا الأخرى المطروحه في مواجهة إثيوبيا سواء استمرينا في آلية الاتحاد الأفريقي واستوفينا الأمر وإما بالتحرك إلى مجلس الأمن مجددا بعد استيفاء الموقف داخل المنظمة الإقليمية التي تتبعها مصر وهي الاتحاد الأفريقي".
جريمة ضد الإنسانية
بالإضافة إلى ما سبق، أعرب الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص فى القانون الدولي العام، والخبير في منازعات الانهار الدولية، عن قلقه العميق بشأن فشل مفاوضات سد النهضة والتعنت الإثيوبي في الاجتماع الثلاثي الأخير الذي عقد بإثيوبيا، واصفًا سد النهضة بأنه "قنبلة موقوتة"، لافتًا إلي عدم وجود دراسات أمان كافية بشان السد، فضلًا عن وجود تأثيرات سلبية على إمدادات المياه لمصر والسودان وتأثيرات كارثية في حالة انهيار السد، وفقًا لما جاء بتقرير لجنة الخبراء الدولية في مايو ٢٠١٣.
وشجب الدكتور مهران، التصرفات الفردية والتصعيد الغير قانوني من قبل إثيوبيا، ودعا إلى التفاوض بروح بناءة واحترام الاتفاقيات الدولية ومصالح الجميع، قائلًا "يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن النيل هو مصدر حيوي للعديد من الدول وسبيل الحياة للملايين لذلك، وهو شريان الحياه للمصريين، يجب أن نضع مصلحة الإنسان والبيئة في مقدمة أولوياتنا ونتخذ جميع الإجراءات الضرورية للحفاظ على هذا المورد الثمين، كما يجب أن ناخذ في الاعتبار ما حدث بسد ليبيا، والسوابق الافريقية بشأن انهيارات السدود.
وتابع "مهران" في تصريحات خاصة لـ "الفجر":" الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا" تحمل مسؤولية كبيرة في التعامل مع هذا النزاع بشكل بناء ومسؤول، نأمل أن يتم التوصل إلى حلًا سلميًا من خلال المفاوضات، وأن تكف إثيوبيا عن تعنتها، وإلا فإن التدخل الدولي يجب أن يكون لازمًا لمنع الأزمة من التصاعد وحتي لا تتأثر الأرواح والمصالح الإنسانية، ونظرًا لأهمية هذا النزاع، وللعمل نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
ودعا الدكتور مهران إلى الوصول لحل سلمي للنزاع حول سد النهضة، والتعاون والتفاهم المشترك بين الدول المعنية وتنفيذ اتفاقية المبادئ لعام 2015 والبيان الرئاسي لمجلس الأمن، واتفاقيةالامم المتحدة لعام ١٩٩٧ م بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية.
وناشد بدعم الجهود الدبلوماسية والتفاوض من أجل تحقيق سلام دائم ومستدام في المنطقة، من أجل مستقبل أفضل للجميع، موكدًا أهمية تجنب التسبب في أي ضرر ناتج عن استخدام مياه النيل تطبيقا لقواعد القانون الدولي، بالاضافة إلي ضرورة التعاون مع الدول المتضررة، لتقليل أي ضرر، ولاستغلال النهر بالتشارك الاستغلال الامثل وفقًا للقواعد المعمول بها في الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية، والمساهمة في الحفاظ على موارد المياه وضمان استدامتها لجميع الدول المعنية.
واختتم أستاذ القانون الدولي تصريحاته مؤكدا أهمية دور المجتمع الدولي ومجلس الأمن في التدخل لمنع تفاقم الأزمة، وطالب بتدخلهم وضرورة التحرك السريع لمنع تحقق كارثة إنسانية، بالإضافة إلي زيادة الضغط على إثيوبيا لالزامها بالتفاوض بروح بناءة، واتخاذ إجراءات جادة لحل هذا النزاع الحساس حول سد النهضة حتي إذا وصل الامر لفرض عقوبات سياسية أو اقتصادية علي الجانب الإثيوبي، مشددًا على أن هذا النزاع لا يمكن تجاهله، حيث يمكن أن يؤثر سلبًا على ملايين الأشخاص ويشكل جريمة ضد الإنسانية.