أحمد فايق يكتب : الإنجليزى الغامض الذى يخطط للسيطرة على الفضائيات المصرية
عرض شراء 50% من قنوات الحياة مقابل 125 مليون دولار ومائة وخمسين مليون دولار مقابل شراء أغلبية أسهم دريم والنهار.. وأجهزة سيادية رفضت
من الطبيعى أن نستوعب المنافسة بين مختلف الشبكات التليفزيونية، المنافسة التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى حرب لتكسير العظام، ينتصر فيها من يمتلك مالا أكثر وأفكاراً جديدة، لكن منذ ظهور قناة «mbc مصر» على الساحة، وهناك الكثير من علامات الاستفهام التى تؤكد أن القناة الجديدة تجاوزت المنافسة العادية، والأهداف الطبيعية إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، المعلومات التى لدى تؤكد أن القناة الجديدة تسعى بشكل واضح إلى احتكار الإعلام المصرى والسيطرة عليه، والتحكم فى مضمونه، بل سعت شبكة الـ»إم بى سي» خلال الشهور الماضية إلى استخدام لعبة المال لشراء الثقافة المصرية سواء على مستوى الإعلام أو السينما أو حتى الدراما التليفزيونية.
قناة «إم بى سى مصر» بدأت لعبتها بدخول السوق المصرى بجدية فى المنافسة، لكن كان هناك الكثير من علامات الاستفهام حول قناة موجهة إلى مصر، وإدارتها تقريبا بالكامل تعيش فى دبى ولبنان، ولا يوجد لها فى القاهرة سوى مدير للقناة منزوع الصلاحيات تقريبا، كما أن محتوى القناة الموجهة لمصر والموضوع من دبى وبيروت أكثر غرابة «4 مسلسلات تركية ومسلسل مصري»، واحتوت القناة على برنامج «توك شو» وحيد لمنى الشاذلى مقابل 12 مليون جنيه مصرى سنويا، بعدما أخذوها من قنوات دريم، وبعقد مدته ثلاث سنوات، وهى صفقة مثيرة للتساؤلات أيضا، فالتوقيع مع إعلامية بحجم منى الشاذلى كان كفيلا بالتأثير فى قنوات دريم، التى افتقدت المقدمة الرئيسية للتوك شو وصاحبة النسبة الأكثر مشاهدة فى العاشرة مساء، ولم يتوقف الأمر على هذا فقد تعاقدت «إم بى سى مصر» مع المهندس أسامة الشيخ كمستشار للشبكة، وخرج أسامة الشيخ من دريم رغم أنه كان مستشارا بها، وقام بعمل خطة كاملة للتطوير، وهذا لا يعنى سوى إفراغ دريم من الكفاءات.
وطوال عام مضى سعت «إم بى سى مصر» لدخول السوق المصرى بقوة من خلال خريطة برامج جديدة أثبتت فشلها، رغم أن إدارة شبكة «إم بى سى» تكبدت حتى الان مئات الملايين من الجنيهات، والسبب كان واضحا للجميع، وهو أن «إم بى سى مصر» لم تكن تشبه اى قناة مصرية فى الشكل والمضمون، لا تختلف كثيرا عن قنوات «إم بى سي» الرئيسية، ولم تنجح القناة فى أن تحتل ترتيبا متقدما لبحوث المشاهدة التابعة لشركة «ipsos» وهى شركة فرنسية يملكها اللبنانى «إدوارد موناه» والتى يعتمد عليها الإعلام العربى فى تحديد القنوات الأكثر مشاهدة، فقد احتلت الـ«إم بى سى مصر» المركز السابع رغم الملايين التى تم ضخها فى القناة، واحتل المركز الأول شبكة قنوات الحياة والمركز الثانى قنوات «سى بى سي» والمركز الثالث شبكة قنوات «النهار».
فشل «إم بى سى مصر» فى المرحلة الأولى ساهم فى تبكير المرحلة الثانية التى ظهر فيها «سام بيرنت» الرجل الأول فى شبكة إم بى سى، والمعلومات المتوافرة عنه قليلة لكنه كان يمتلك شركة إدارة أعمال إنجليزية، ثم التحق للعمل فى مجموعة «إم بى سى» حينما كان مقرها فى لندن، وأصبح الرجل الثانى، ثم أصبح الرجل الأول فى الشبكة كلها بعد نقلها إلى دبى، ومن خلال اسمه يمكن أن نشك فى أنه يهودى إنجليزى، ومن شاهده يقول إنه رجل شديد الغموض طويل القامة أصلع، يشبه لاعبى كرة السلة، ويرتدى دائما ملابس كلاسيكية.
«سام بيرنت» جاء إلى مصر فى أكثر من زيارة وكان لديه عرض واضح لأهم شبكات تليفزيونية، وهو الدخول فى شراكة، بالطبع رحبت به الشبكات التليفزيونية المصرية، خاصة فى ظل أزمة مالية يعانى منها الجميع، لكن الغريب أن «سام» اشترط أن تحصل «إم بى سي» على نسبة تعطيه حق الإدارة، وليضمن التزام الإدارة المصرية بتوجهات «إم بى سي» وإلا ستستخدم حقها فى الإدارة لأنها تمتلك النسبة الغالبة من أسهم القنوات.
شبكة تليفزيون الحياة رفضت أن تمنح«إم بى سى» نسبة تزيد على 50%، واتفق الطرفان بعد معاناة على أن تتشارك «إم بى سى» والحياة بنسبة 50% لكل منهما، على أن تدفع «إم بى سى» مقابلاً ماديًا قدره 125 مليون دولار، ووافقت شبكة قنوات دريم وشبكة قنوات «النهار» على بيع أكثر من نصف حصتهما بمقابل مادى يتجاوز الـ150 مليون دولار، كل هذا فى البداية جاء بحسن نية من القنوات المصرية، حيث اعتقدت كل شبكة أن المفاوضات تتم معها وحدها، وأنه ليست هناك نية احتكارية لدى الشبكة السعودية، لكن بعد فترة شعرت القنوات المصرية بأن هناك شيئًا ما يدار فى السر، لذا عرضت الموضوع على جهاز سيادى كبير يختص بالأمن القومى لمصر ودون أن يتدخل الجهاز السيادى فى تفاصيل المفاوضات أو الصفقات فقد اشترط شيئين، الأول ألا تزيد نسبة البيع علي 49% حتى يتبقى للقنوات المصرية حق الإدارة، والثانى الابتعاد تماما عن وكالة «شويري» للدعاية والإعلان، التى تحتكر النسبة الغالبة من سوق الإعلان العربى، وهى وكالة عليها الكثير من علامات الاستفهام سنتحدث عنها فى مقالات أخرى.
وفى ظروف غامضة توقفت المفاوضات أو تأجلت إلى حين واختفى العم «سام» من المشهد، وقد كان يريد أن يحصل على نسبة تزيد على الـ50% حتى يتحكم فى حق الإدارة.
وبدأت المرحلة الثالثة لخطة اليهودى الغامض وهى تدمير القنوات المصرية، التى بدأت باستهداف قنوات الحياة فى البداية بإعتبارها الأكثر منافسة لقنوات الـ«إم بى سي» والأعلى مشاهدة فى مصر، وتعاقدت «إم بى سى مصر» مع محمد عبدالمتعال رئيس قنوات الحياة، وبدأت عملية هجرة جماعية من قنوات الحياة إلى «إم بى سى مصر» بدأت بـ شريف عامر وتم التعاقد معه مقابل 500 ألف جنيه فى الشهر، وجرت مفاوضات أخرى مع معتز الدمرداش وسيعلن قريبا عن انتقاله للعمل فى «إم بى سى مصر والهجرة لم تتوقف عند هذا بل هناك العديد من الإداريين والعشرات من العمالة الفنية فى الطريق من قنوات الحياة إلى «إم بى سى مصر».
«إم بى سى مصر» لم تتوقف عند محاولة تدمير شبكات الحياة والنهار ودريم، بل سعت أيضا إلى قنوات الـ«سى بى سي» وكان من الصعب أن تعرض شراء أى أسهم فى سى بى سى بعد دخول ممول إماراتى بنسبة 35%، وتبقت النسبة الغالبة فى يد رجل الأعمال محمد الأمين مالك سى بى سى 60%، وسعت «إم بى سى » للتعاقد مع باسم يوسف بعد أزمته الشهيرة مع الأمين، وبالطبع لو نجحت المفاوضات مع باسم يوسف فإنه سينتقل بمشاهديه إلى «إم بى سى مصر» بالإضافة إلى أسماء كبيرة أخرى مثل معتز الدمرداش وشريف عامر.
السؤال هنا: هل ستتوقف خطة الإنجليزى الغامض على تدمير القنوات المصرية فقط أم أن هناك حروبًا أخرى بدأت فى الدراما والسينما والوكالات الإعلانية؟
إجابة هذا السؤال فى العدد القادم