نص كلمة المفوض العام لوكالة “الأونروا” في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية 160 لمجلس الجامعة العربية
ننشر نص كلمة فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا” في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية 160 لمجلس الجامعة العربية
وكانت نص الكلمة كما يلي:
معالي السيد الرئيس،
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
كل الامتنان لإتاحة الفرصة لي مجددًا للفت انتباهكم إلى وضع اللاجئين الفلسطينيين.
يمثل هذا المجلس منبرًا بالغ الأهمية ويحظى بالأولوية لدي بصفة خاصة، نظرا لمصلحتنا المشتركة في ضمان الحفاظ على حقوقهم.
فمنذ آخر مرة خاطبت فيها المجلس في آذار/مارس، تدهور وضع ملايين اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة بشكل أكبر.
وما العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين والاشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة إلا مجرد مثالين على التطورات المقلقة.
وشهدت غزة تصعيدا متجددا وسط حصار خانق مستمر يحرم سكان القطاع من النمو الاقتصادي أو أي نوع من الحياة الطبيعية.
فيما يتعافى اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من الزلزال المدمر دون دعم كاف.
وما يزال 180،000 لاجئ فلسطيني في الأردن، ممّن فروا من سوريا أو من غزة عام 1967 يعيشون في فقر وديون متزايدة.
أصحاب المعالي الكرام،
طوال 75 عاما، قدمت الأونروا خدمات شبيهة بالخدمات العامة للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة.
وبالإضافة إلى إدارتها للمدارس والمراكز الصحية والحماية الاجتماعية، استجابت الوكالة أيضا للأزمات الإنسانية العاجلة من خلال توفير المساعدات الغذائية والنقدية وإعادة تأهيل المساكن المتضررة.
أزهو فخرًا بالتأثير الإيجابي للأونروا على المجتمعات في جميع أنحاء المنطقة.
ولكن للأسف، قد لا تتمكن الوكالة من الاستمرار في الضلوع بدورها بنفس الطريقة لفترة أطول بكثير.
لقد سمعتم أكثر من مرة عن وضعنا المالي.
والذي يبدو أحيانا وكأنه أسطوانة مشروخة.
في واقع الأمر، الأزمة تتعمق عاما بعد عام، بينما تزداد احتياجات اللاجئين.
والفجوة بين الموارد والطلب على الخدمات أصبحت الآن واسعة للغاية بحيث لا يمكن احتواؤها من خلال المناورات أو التدابير المالية الداخلية.
فالوضع القائم الذي يكبلنا اليوم يشكل التهديد الوجودي الرئيسي أمامنا.
وإن لم يتغير شيء، ستصل الوكالة إلى نقطة السقوط.
أكثر من أي وقت مضى، تتعرض حقوق الإنسان العالمية كالحق في التعليم أو الرعاية الصحية للخطر.
وإنني مقتنع بأنه لا أحد في هذه القاعة يود أن يرى الأونروا مضطرة إلى حرمان مئات الآلاف من الأطفال من الحصول على التعليم، أو حرمان ملايين آخرين من الحصول على الرعاية الصحية الأولية.
فهذا شيء لا ينبغي السماح به.
لقد تعرض اللاجئون الفلسطينيون للخذلان مرات عديدة.
وكرامتهم هي كل ما تبقى لهم.
وحقهم في حياة كريمة يمكن التفاوض بشأنها.
أصحاب المعالي،
هناك مسار بديل، يضع اللاجئين الفلسطينيين في صلب حوار متجدد حول حقوقهم وكيفية الحفاظ عليها.
إذ يجب الارتقاء بالنقاش اليوم من نقاش مالي إلى سياسي يتناول كرامة ورفاة اللاجئين الفلسطينيين ومن خلاله تحقيق استقرار المنطقة والسعي لتحقيق السلام.
إن جامعة الدول العربية وأعضائها، وخاصة الأعضاء المضيفين للاجئين هم شركاء رئيسيون.
وأنتم أيضا حلفاؤنا في جهودنا لحشد الأموال وضمان استمرار قوة التضامن العالمي مع اللاجئين الفلسطينيين.
وأقول هذا حيث انتظر اللاجئون الفلسطينيون 75 عاما للتوصل إلى حل سياسي.
ودائما ما اتكلوا على العالم العربي للتضامن معهم.
فليس لديهم حليف أقرب، ولا شريك أفضل.
ونحن ندرك الجهود المتجددة لإحياء حوار في المنطقة يمكن أن يؤدي إلى سلام طويل الأجل.
وأرحب بمثل هذه المبادرات وأعيد القول إن الحل السياسي لأطول نزاع في المنطقة هو النتيجة الوحيدة الممكنة.
ومثل هذه النتيجة لا بد أن تتضمن حلا عادلا ودائما لمحنة اللاجئين الفلسطينيين.
أتطلع إلى العمل بشكل أوثق مع المنطقة على هذه المسألة.
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
الدعم المالي الفوري هو أولوية أساسية وملحة على المدى القصير.
وفي يومنا هذا، تحتاج الأونروا إلى ما بين 170 إلى 190 مليون دولار للحفاظ على الخدمات الأساسية حتى نهاية هذا العام.
بالإضافة إلى ذلك، نحتاج إلى 75 مليون دولار أخرى لمواصلة إمدادات الغذاء المنقذة لحياة أكثر من نصف السكان في غزة.
ولكن مع اقترابنا من 75 عاما على إنشاء الأونروا، يتطلع لاجئو فلسطين صوب الدول العربية للحصول على أكثر من التمويل الفوري للوكالة.
فهم يريدون التعليم وفرص العمل.
وهم يريدون أن يكونوا وثيقي الصلة بأسواق العمل الإقليمية والعالمية، حتى لو كانوا قابعين في غزة.
ويريدون التفكير فيما وراء كفاحهم اليومي إلى مستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا.
الأونروا واللاجئون الفلسطينيون بحاجة إلى أن تكون الدول العربية في الطليعة لإحداث تحول من الوضع الراهن الذي انتهى أمده إلى مسار جديد. مسار يكون للاجئ الفلسطيني فيه سببا ملموسا ليأمل في التوصل إلى حل طويل الأمد.
إنني أحثكم على وضع قضية اللاجئين الفلسطينيين على قمة جداول أعمالكم السياسية.
فهذه هي الطريقة الوحيدة التي نتمكن من خلالها إقامة شرق أوسط مستدام، يعمه السلام ومزدهر للجميع.
شكرا لكم جميعا.