نقيب الصحفيين يُعيد طرح مطالب الجمعية العمومية على الحوار الوطني
شارك الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، في جلسات الأسبوع السادس للحوار الوطني، وألقى كلمة، وأودعها لدى اللجنة الفنية للحوار الوطني، جاء نصّها كالتالي:
السيد الأستاذ/ ضياء رشوان
منسق عام الحوار الوطني
السادة أعضاء الأمانه الفنية للحوار
تحية طيبة وبعد،،،
سيظلّ الإعلام الحر والصحافة الحرة على رأس الضمانات المطلوبة لأي تطوّر سياسي، وأي محاولة للانفتاح في المجتمع.
ودون العمل معًا على وضع ضمانات واضحة، تضمن حرية الصحفيين والإعلاميين في تناول الشأن العام، وتتيح لهم التعبير عن آرائهم بكل حرية، فإن كل الخطوات المبذولة على هذا الطريق ستبقى محل تساؤل كبير، بل ربما تصبح مطعنًا رئيسيًا في جدية أى إجراء مهما حسنت النوايا.
وفي ظل التطورات المتسارعة في المجتمع، وبينها الأزمة الاقتصادية التي نالت من الجميع، تزداد الحاجة لخطوات متسارعة تتيح للصحافة والإعلام القدرة على نقل آلام وشكاوى المواطنين، وكذلك التعبير عن آمالهم وطموحاتهم، خاصة ونحن على أبواب عدد من الاستحقاقات السياسية خلال الفترة القادمة.
وسط كل ذلك تبقى حرية الصحافة والإعلام، وقدرتهما على التعبير عن جميع التيارات بموضوعية واستقلالية ومهنية وحياد، وإتاحة مساحات متساوية للجميع لطرح آرائهم ورؤاهم وعكس التنوع داخل المجتمع، أحد الإجراءات الرئيسية لقياس الديمقراطية، وتأكيد على وجود إرادة سياسية لتحقيق ما تم الاعلان عنه من دعوات للانفتاح والرغبة في تغيير الأوضاع.
ومن هذا المنطلق فإنني أنتهز هذه الفرصة لإعادة طرح مطالب الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين على حضراتكم، وكلي أمل أن يكون تبنيها وتحقيقها هي رسالتكم ورسالة الدولة المصرية على أن نهجًا جديدًا يأخذ مكانة، وأن هناك رغبة حقيقية ليس فقط في تحرير الصحافة من القيود المفروضة عليها، ولكن في توفير مناخ عام يضمن حرية الحركة للصحفيين، ويتيح لهم نقل كافة الآراء بكل حرية ودون أسقف يتم فرضها على الجميع سوى القانون والدستور، وكذلك دون مخاوف من أثمان أو مخاطر يتعرّضون لها.
السيدات والسادة،،،
إن الحوار الوطني ليس أمرًا مرهونًا بزمن، ولا مجرد لقاءات في قاعات مغلقة، ولكنه يجب أن يصبح حالة مستمرة وممتدة، تبقى الصحافة هي ساحتها، وتبقى حريتها وقدرتها على عكس كافة الرؤى ضمانتها الرئيسية، فلا حوار وطني حقيقي دون أن تكون هذه الساحة مفتوحة لكل رؤية، ولكل لاعب في إطار القانون والدستور والمبادىء الدستورية العليا.
وفي هذا الإطار، تأتي مطالب الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، ضمن سياق عام عماده الحُلم بوطن يتسع للجميع، وبمساحات أكثر رحابة للحركة، وباستعادة دور ما دام مارسته الصحافة في التنوير والتثقيف وكشف مكامن الخطر التي تواجه الدولة المصرية، كسلطة رابعة تراقب وتحذر وتبشر بمستقبل يليق بنا جميعًا، ومن هذا المنطلق فإننا نرفع لحضراتكم هذه المطالب، والتي نتمنى أن تكون جزءًا من وثيقة سياسية عامة تتبناها، أمانة الحوار الوطني تضمن للصحافة حريتها وللقوى الفاعلة في المجتمع (أحزاب ونقابات ومنظمات مجتمع مدني) حرية حركتها، وتحرر المجال العام من القيود التي تكبّل حركة المواطنين داخله.
وتنقسم هذه المطالب إلى عدة محاور إلى الآتي:
1- مطالب عاجلة
أولًا: إطلاق سراح جميع الصحفيين المحبوسين والإفراج عن سجناء الرأي الذين لم يتورطوا في عنف، ومن هذا المنطلق فإن النقابة، تتقدم لحضراتكم بقائمة كاملة بكل الصحفيين المحبوسين "نقابيون وغير نقابيين" ونتمنى أن يكون من بين مخرجات هذا الحوار إعادة النظر في أوضاعهم وإطلاق سراحهم خاصة أن أغلبهم تجاوزت فترات حبسهم الاحتياطي عامين كاملين "مرفق قائمة "مفصلة بالاسماء والقضايا".
ونؤكد أن الإفراج عن الصحفيين المحبوسين لا بد أن يأتي ضمن حزمة إجراءات تمنع ضم آخرين لقوائم المحبوسين، وتؤكد قدرة الصحفيين على أداء عملهم بأمان، ودون خوف من النيل من حريتهم، والتي ينبغي أن تكون على رأس أية ضمانات لتحقيق انفتاح حقيقي في المجتمع ولنزاهة وديمقراطية أي استحقاق سياسي.
ثانيًا: رفع الحَجب عن المواقع التي تم حجبها خلال السنوات الماضية ومراجعة القوانين التي تفتح الباب للحَجب.
ثالثًا: إعادة الاعتبار للصحافة القومية كأحد روافد التنوع في المجتمع وتجديد دمائها عبر عدد من الخطوات يأتي على رأسها: طريقة اختيار القيادات الصحفية، من خلال الكفاءة وإعادة الاعتبار للموهبة والقدرة على الإدارة الرشيدة، وكذلك إجراء التغييرات الصحفية في موعدها، وتجديد الدماء داخل هذه المؤسسات التي تركت لتشيخ، عبر فتح باب التعيينات أمام مئات المؤقتين الذين أصبحوا العماد الرئيسي للعمل داخلها، باعتبارها الوسيلة الرئيسية لتجديد شبابها خاصة وأن أعداد كبيرة منهم وصلت فترات عملهم بالمؤسسات لأكثر من عشر سنوات دون الحصول على حقهم في التعيين.
رابعًا: اعتماد كارنية نقابة الصحفيين بوصفه تصريح العمل الوحيد المعتمد دستوريًا للزملاء من أعضاء النقابة (صحفيين ومصورين)، في كافة الفاعليات الميدانية وكذلك اللقاءات والمؤتمرات، دون الحاجة لأي تصريحات أخرى للتغطية، واعتماد خطابات الصحف والمواقع المعتمدة لبقية الزملاء ممن لم يتسن لهم الحصول على عضوية النقابة، خاصة وأن قانون النقابة يشترط مزاولة المهنة كسبيل وحيد للحصول على عضوية النقابة، وأن يتم ذلك على الفور حتى إجراء التعديلات على النصوص التي فتحت الباب لذلك القيد بقانون تنظيم الصحافة والإعلام.
2- إجراءات قانونية
أ- إصدار قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية، إنفاذًا للمادة 71 من الدستور والتي نصت على الآتي: "لا توقَّع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى تُرتكب بطريق كالنشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون".
ب- تعديل مواد الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية والتي حولت الإجراء الاحترازي إلى عقوبة تم تنفيذها على العديد من الصحفيين وأصحاب الرأي خلال السنوات الماضية.
ج- تعديل التشريعات المنظِّمة للصحافة والإعلام وعلى رأسها "قانون تنظيم الصحافة والاعلام"، بما يرسخ استقلال المؤسسات الصحفية، ويسهّل أداء الصحفيين لواجبهم المهني، ويرفع القيود التي فرضتها بعض مواد تلك القوانين على حرية الرأي والتعبير، ويحسّن أجور العاملين في المهنة بما يتناسب مع طبيعة الواجب الملقى على عاتقهم ومعدلات التضخم الأخيرة.
د- إصدار قانون حرية تداول المعلومات إنفاذًا للمادة 68 من الدستور والتي نصت على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية"، على أن تكون النقابة حاضرة ومشاركة وطرفًا في المناقشات التي تسبق إصدار هذا القانون.
السيدات والسادة،،،
إن حرية الصحافة ليست مجرد إجراءات يتم اتخاذها ولكنها لن تتم إلا في مناخ عام حر يتيح الفرصة للقوى المختلفة للتعبير عن رأيهم بحرية ويمنح الفرصة لوسائل الإعلام لنقل وجهات النظر المختلفة والتعبير عن جميع شرائح المجتمع، وتحرير المجال العام من القيود التي تمنع النقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب من الحركة والعمل بحرية، والتفاعل فيما بينها بما يتيح للصحفيين حرية الحركة ويتيح للصحافة والقوى الفاعلة بالمجتمع تمثيل جموع الموطنين، والتفاوض من أجل حقوقهم.
ومن هذا المنطلق فإن مطالب الجماعة الصحفية لا تقف عند حدود العمل اليومي ولكنها تمتد أيضا إلى المناخ العام الذي يحكم عمل الصحافة وكذلك الأوضاع الاقتصادية للصحفيين والمواطنين ومن بينها:
• إجراءات اقتصادية
أ- دعم صناعة الصحافة، وتدخل مؤسسات الدولة لتخفيف الأعباء عن المؤسسات الصحفية، وإقرار تطبيق إعفاءات جمركية على مستلزمات وخامات الطباعة لتخفيف الأعباء عن كاهل المؤسسات الصحفية، وإقرار تعديل تشريعي لإسقاط الفوائد عن مديونيات المؤسسات الصحفية القومية، خاصة مديونيات التأمينات.
ب- السعي لإقرار لائحة أجور أجور عادلة وإلزام المؤسسات الصحفية بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وصدور قرارات وزارية لتسهيل تسوية الموقف التأميني لمئات الصحفيين المتعطلين.
ج- مراجعة القيود والضوابط القانونية المفروضة على حرية الإصدار بالمخالفة للدستور، وإعادة النظر في تركز ملكية المؤسسات الإعلامية بيد عدد من الشركات بما يتعارض مع مواد قانون منع الاحتكار وقانون تنظيم الصحافة والإعلام والصحافة، وبما يضيق السوق الصحفية والذي انعكس في زيادة أعداد المتعطلين عن العمل.
• إجراءات عامة
- توسيع مساحات الحرية المتاحة للتعبير عن الرأي، ورفع القيود عن المؤسسات الصحفية والإعلامية بما يُبرز التعدد والتنوع ويساعد على صناعة محتوى صحفي يليق بالمتلقي المصري والعربي، ووقف التدخلات في العمل النقابي وتحريره من أي قيود تعوقه.
- تحرير المجال العام من القيود التي تمنع النقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب من الحركة، والعمل بحرية، والتفاعل فيما بينها بما يتيح لها تمثيل جموع الموطنين، والتفاوض من أجلهم، فلا حوار منتج أو يحقق هدف التغيير والتطوير بنفس الأدوات القديمة.
إن إعادة الاعتبار للتنوع في المجتمع، من خلال صحافة حرة ومتنوعة عبر تحرير الصحافة والصحفيين من القيود المفروضة على عملهم، وعلى حريتهم في ممارسة مهنتهم سيظل ضمانة رئيسية ليس للصحفيين وحدهم ولكن للمجتمع بكل فئاته، فحرية الصحافة ليست مطلبًا فئويًا ولا ريشة توضع على رأس ممارسي المهنة، ولكنها طوق نجاة للمجتمع بأسره وساحة حوار دائمة مفتوحة للجميع لمناقشة كل قضايا الوطن والمواطنين.