البابا تواضروس.. النسك المسيحي الأصيل هو: ضبط للجسد بميزان حساس
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
واستكمل قداسته سلسلة "صلوات قصيرة قوية من القداس"، وتناول جزءًا من الأصحاح الثلاثين في سفر التثنية والأعداد (١١ – ٢٠)، وأشار إلى طِلبة قصيرة من الطِلبات التي ترفعها الكنيسة بعد صلوات التقديس في القداس الغريغوري، وهي: "نسكًا للرهبان والراهبات"، وأوضح أن المقصود بها الرهبان والراهبات وكل مَنْ هم في حياة التكريس، وأن أشهر منطقة رهبانية في العالم هي منطقة وادي النطرون، والتي تُسمى "الإسقيط" وهي كلمة يونانية بمعنى "جامعة النسك"، وأن منطقة وادي النطرون جذبت كبار الراغبين في معرفة الحياة الرهبانية، ولها أسماء جغرافية متعددة مثل: "برية شيهيت" و"ميزان القلوب"، ثم شرح قداسته الاختلاف بين "الناسك" و"الفقير"، من خلال:
الفقير: يتمنى ويرغب أن يصير غنيًّا ولا يستطيع تحقيق ذلك.
الناسك: يتعفف ويضبط نفسه بإرادته عن كل شيء.
ووضع البابا تعريفًا للنسك المسيحي الأصيل، وهو: ضبط للجسد بميزان حساس، لأن النسك دون تمييز وميزان حسن هو سلاح قاتل للنفس، وتأمل قداسته في كلمة "النسك" من خلال حروفها الثلاثة:
١- "ن": ترمز إلى حياة النقاوة الداخلية والخارجية لنفس الإنسان، "قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي" (مز ٥١: ١٠).
٢- "س": ترمز إلى حياة السهر الروحي، كعلامة للانتظار والاستعداد لملكوت السموات.
٣- "ك": ترمز إلى حياة الكتاب المقدس، "اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ" (يو ٦: ٦٣).
وأشار قداسته إلى أهمية الصلاة من أجل الرهبان والراهبات، وأن يعطيهم الله الحياة الناسكة، من خلال:
١- النسك يوجد فيه معنى الشركة، فالناسك لا بد أن يسير في طريقه الروحي بمساعدة أبيه الروحي، والنسك خالٍ من أي تطرف أو تشدد.
٢- النسك هو وسيلة تساعد في مسيرة التوبة.
٣- النسك هو وسيلة توازن في حياة الإنسان، "ادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ" (مت ٦: ٦)، والنسك يُقلل الارتباط بالأرض ويُزيد الاشتياق للسماء.
٤- النسك يُعتبر وسيلة علاجية، "وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ" (١كو ٩: ٢٥)، لأن الضبط يجعل الإنسان يتحرر شيئًا فشيئًا من الارتباط الأرضي، ويجعله حارسًا لجميع حواسه وأفكاره.
٥- النسك هو وسيلة قوية لنمو القامة الروحية للإنسان، و"طوبى للراهب الذي يرى بفرح وابتهاج خلاصه وخلاص الآخرين" من أقوال القديس إيڤاجريوس البنطي.
وتناول قداسة البابا علامات النسك، وهي:
١- الملبس: ملابس الراهب تتميز بالبساطة، ولونها الأسود يرمز إلى الموت عن الدنيا والشهوات.
٢- المسكن: يتميز أثاث القلاية (حجرة الراهب) بالبساطة، مما يجعل الإنسان يشعر برهبنته.
٣- الطعام: الراهب يحفظ نفسه من محبة البطنة (الامتلاء) والحنجرة (أنواع الطعام)، "فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا" (١تي ٦: ٨).
٤- الصمت والكلام: الحرص على الصمت، "الساكن مكانه عند الله في زمرة الملائكة" من أقوال القديس الأنبا أنطونيوس.
٥- ضبط المال: الرهبنة هي حياة فقر اختياري، "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ" (١تي ٦: ١٠).