بعد عرض المسلسل.. خبراء يحللون لـ "الفجر" شخصية "سفاح الجيزة"
يعرض هذه الأيام مسلسل سفاح الجيزة للفنان أحمد فهمي، ونال إعجاب الجمهور، ولكن المفاجأة أن هذا المسلسل مستوحى من قصة حقيقية لشخص يدعى قذافي عبد العاطي.
فهو يدعى قذافي فراج عبد العاطي عبد الغني، ولد بمحافظة الجيزة، ظل خلال مدة 5 سنوات بفعل العديد من الجرائم والتي منها القتل العمد والنصب والاحتيال، والتي كان عددهم 4 ضحايا، فقد بدأ بصديقه المقرب المهندس رضا وبعدها زوجته فاطمة ونادين شقيقة زوجته وزوجة أخرى، واجتمعت كل هذه الجرائم في محافظتي الجيزة والإسكندرية.
وقد أطلق عليه لقب سفاح الجيزة، بعدما سقط في قبضة الأجهزة الأمنية، وأصبحت قضيته تشغل اهتمام الرأي العام، حتى إن وسائل إعلام أجنبية أطلقت على جرائمه الأغرب في مصر.
بدأت جرائم قذافي بصديقة المقرب رضا، والذي كان يعمل مهندس في السعودية، فقد اعتاد أن يرسل أموال إلى صديقة قذافي لكي يستثمرها باعتباره محل ثقة، دون أن يعلم أن صديقه خدعه واستولى على تلك الأموال والممتلكات، بموجب توكيل رسمي أقنع رضا بتحريره.
وفي عام 2015، عاد رضا فجأة من السعودية، وطالب قذافي بتصفية الحسابات المالية، فأعد المتهم للتخلص منه، ودعاه إلى تناول العشاء في منزله بمحافظة الجيزة ودس له السم داخل الطعام، وخلال دقائق لفظ المهندس رضا أنفاسه الأخيرة، ودفنه القذافي في حفرة عمقها مترين داخل إحدى غرف منزله، كان قد أعدها قبل أيام من القتل ضمن خطته للتخلص من الجثة ولكي يضلل أسرة القتيل، أرسل رسالة من الهاتف المحمول الخاص بالضحية إلى زوجته، مفادها أن الشرطة ألقت القبض عليه دون تفاصيل أخرى.
ولم يكتف القذافي بهذه الجريمة فقط، بل كانت ثاني ضحاياه هي زوجته فاطمة التي استولت على 400 ألف جنيه من أمواله، لأنها كانت تخشى أن يتزوج بأخرى، وبعد محاولات لإعادة الود بين الزوجين، رفضت إعطاءه الأموال، فاستشاط القذافي غضبًا من أفعال زوجته وأعد حفرة مشابهة لتلك التي دفن بها صديقه، وبعد أيام من قتل صديقه قام بإنهاء حياة زوجته، ثم دفنها في حفرة داخل غرفة أخرى، وبجوارها مصوغات خاصة بها، بغرض تأكيد أن المال لا قيمة له.
وكانت نادين شقيقة زوجته الأولى تعمل في إحدى المكتبات التي استولى عليها قذافي من صديقة رضا بناءً على التوكيل العام الذي حصل عليه منه، وكانت تقف عائقا أمام زواجه من شقيقتها، وهددته بفضح أمره أمام أسرتها ما لم يتوقف عن مخططه للزواج من شقيقتها، فاستدراجها لمنزله للتخلص منها بنفس الطريقة، ودفن جثمانها بجوار جثمان صديقه وزوجته السابقة، ثم أوهم أسرة نادين أن ابنتهم على علاقة بمخرج سينمائي، وأنها تهوى الفن والتمثيل، وهربت إلى إحدى الدول العربية، ما دفع الأسرة للتكتم على الأمر حتى لا يتم تحرير محضر بتغيب ابنتهم.
في ذلك الوقت كان القذافي قد انتحل صفة ضحيته الأولى وصديقه المهندس رضا، وباع كل أملاكه وعقاراته التي استولى عليها وتوجه إلى الإسكندرية، ليكمل مسيرة جرائمه.
حيث تعرف على ضحيته الأخيرة ياسمين نصر إبراهيم، في الإسكندرية وقام بخنقها بعد اكتشافها عملية النصب والاحتيال التي تعرّضت لها من قبله، بعد أن اشترك مع خطيبها في بيع شقة تملكها والحصول على مبلغها وتقاسموا المبلغ بينهما دون إعطائها أي شيء من الأموال، وأقدم المتهم على التخلص من الضحية من خلال استدراجها إلى مخزن بمنطقة العصافرة وخنقها حتى فارقت الحياة، ثم دفنها داخل إحدى الغرف في المخزن، وذلك للتخلص من تهديدها له بتقديم بلاغ بعملية النصب التي تعرّضت لها إذا لم يرد أموالها.
وبعد عدد من الجرائم تم القبض على قذافي نتيجة شريط لإحدى كاميرات المراقبة، وهو يسرق محل ذهب يمتلكه والد زوجته الخامسة، وهي طبيبة صيدلانية، وكشف الفيديو أن الأسرة تعرفت على المتهم وأبلغوا الشرطة، ليتم إلقاء القبض عليه، وفي نفس الوقت كانت أسرة رضا لم تقف عن السؤال عنه وكلفت محامي للبحث عنه ووصلت معلومة لمحامي الأسرة بصدور حكم قضائي صدر ضد المهندس رضا، وعندما ذهبت الأسرة لمقابلته في سجن الاستئناف بالإسكندرية اتضح أن الشخص المحبوس باسم المهندس رضا، هو قذافي فراج فتقدمت أسرة المهندس ببلاغ للنائب العام للتحقيق، وفتح التحقيق من جديد في بلاغ التغيب الخاص بالمهندس رضا، وبمواجهة القذافي بجميع المعلومات اعترف بكافة الجرائم التي ارتكبها.
وقد كشفت التحقيقات مفاجآت صادمة عندما تحدث المتهم عن تفاصيل جريمة إنهاء حياة وأخرى يروي كواليس واقعة نصب وثالثة انتحال صفة وما بين جرائمه المتعددة بدأ يربطها خيط واحد، وهو أن المتهم استغل ذكاءه في المراوغة والهرب لنحو 5 سنوات للإفلات من رجال الشرطة.
وكشف قذافي أنه تخلص من صديقه المهندس رضا منذ 7 سنوات، بعد النصب عليه وأخفى جثته في حفرة بشقة الطابق الأول، ثم أنهى حياة زوجته وقطع يديها ودفنها بمتعلقاتها داخل غرفة أخرى بالشقة المكونة من غرفتين وصالة، وهرب بعد ارتكاب جريمتيه في 2015 إلى الإسكندرية وهناك ظل يمارس عاداته المحببة دون أن يضل طريقه نحو النصب والاحتيال، حتى إنه انتحل ذات مرة، حسب اعترافاته، صفة ضابط في جهة سيادية للارتباط بسيدة قضى معها عدة أشهر بأوراق مزيفة ضمن 6 سيدات ارتبطن به وأقمن معه علاقات زوجية وعاطفية.
المتهم من خلال اعترافه، بقيامه باستدراج المجني عليها إلى شقة مواجهة للشقة السابق دفن جثتي زوجته، صديقه بها وقام بخنقها ودفنها بملابسها بإحدى غرفها وأوهم أهليتها بهروبها والسفر خارج البلاد مع أحد الأشخاص للعمل بمجال التمثيل والإعلانات فلم يقوموا بتحرير محضر بغيابها، فضلا عن إزهاقه روح عاملة بمحل أدوات كهربائية خاص بالمتهم ومقيمة بالمنتزه بالإسكندرية، والمحرر عن غيابها محضر إداري، حيث اعترف المتهم بسابقة وعده لها بالزواج منها وتحصله منها على مبلغ 45 ألف جنيه قيمة بيع شقة ملكها، وبسبب إلحاحها في استعادة المبلغ أو إتمام الزواج بها استدرجها إلى مخزن كائن بمنطقة العصافرة بالإسكندرية بزعم إعطائها بضاعة بقيمة المبلغ وخنقها ودفنها بملابسها داخل المخزن.
وكان مصير القذافي بعد كل هذه الجرائم البشعة أن حكم عليه بالاعدام.
هو بالفعل سفاح وليس قاتل
وحول هذه الواقعة قال الدكتور وليد هندي استشاري الطب النفسي، هو بالفعل سفاح وليس قاتل لأن السفاح في أبسط تعريفاته هو الشخص الذي يكثر من سفك الدماء، فبنائه النفسي يختلف عن أي شخص يقوم بالقتل فدائمًا السفاح يكون عملية القتل التي يقوم بها مدبرة ومخطط لها وتتحول بعد ذلك لهواية ويحب تكرارها، فيقوم بانتقاء ضحاياه عن طريق معايير نفسية أو جسديه أو عنصرية.
وتابع هندي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، فمن الواضح أن هذا المجرم زير من النساء فيقوم بانتقاء ضحاياه من النساء بعدما يأخد منها ما يشاء سواء جسدية أو مادية وبعدما يشعر أنها بدأت تهدد أمنه فيبدأ بقتلها وذلك اتضح في جرائمه، كما فعل ما زوجته الأولى وبعدها كرر فعلته مع اختها.
وأضاف هندي، من وجهة نظري الشخصية أن الجنس هو الرابط المشترك في جميع دوافع القتل له، فبعدما ينهي رغبته وشهوته ينهي حياتهم، ودائمًا بعد القتل الأول يستسهل المجرم عمليات القتل حيث أن أصعب جريمة هي القتل الأول ويكون القاتل في أول مره خائف من جريمته ويكشف نفسه بطريقة غير مباشرة، إنما هذا القاتل مختلف فهو سفاح يقتل بدم بارد، فبعدما نجح في القتل الأول تابع جرائمه.
وأكمل، يقتل السفاح دائمًا من أجل الإحساس بالقوة وليس فقط من أجل المال، واتضح ذلك في هذا السفاح كلما أحس أن هناك شخصا يهدد أمنه يقوم بقتله ليشعر أنه هو الأقوى.
واختتم الدكتور وليد هندي، هذا السفاح لم يقتل نتيجة تهور أو موقف ولكن هو يمتلك ثبات اندفاعي وهذا السفاح تحديدًا يصنف تحت نوعين أنه سفاح النوابي والسفاح السيكوباتي، فالنوابي تجتاحه رغبه في العنف والجنس ويظهر بأنه شخص هادئ جدًا ولا يثير حوله أي شبهات، والسيكوباتي بأنه شخص معادي للمجتمع ويريد نهب الآخرين وسلوكه مضاد للمجتمع يدنس القيم وكثير الكذب والخداع والتضليل ومنعدم الضمير، وأؤكد أن السفاح يختلف تمامًا عن القاتل العادي أو عن الإرهابي العادي الذي يرتكب الجرائم من أجل دوافع خاصه.
عدم الإحساس بالأمان
وقالت الدكتورة اعتماد عبدالحميد أستاذة علم الاجتماع، نحن نعاني من عدم الإحساس بالأمان فالصاحب يقتل صاحبه والدكتور يقتل صاحب عمره، ولكن تعود المشكلة الأساسية في البيت والأسرة والتنشئة، فإذا كان البيت سوي فسوف يخرج طفل سوي وغير مضطرب نفسيًا.
وتابعت الدكتورة اعتماد في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، الكثير من هذه الجرائم تحدث بدافع الغيرة أو السرقة فبعض الشخصيات تقوم بابتزاز الآخرين خاصةً في حال علمهم بسر عنهم.
وأكملت، عدم الشعور بالأمان بعد هذه الجرائم زاد، فمثل هذه الحالة يجب أن نحلل شخصية أسرته وليس هو فقط، يجب معرفة كيف نشأ وكيف كانت بيئته، هل الجو كان سوي وهو الذي به خلل ولم يلاحظ أهله هذا أم الخلل منهم في البداية، فهناك أطفال كانوا يعانون من خلل ولكن تم معالجعتهم في سن صغير جدا بسبب متابعة الأسرة له.
عند انعدام الضمير لا يقف أمام الإنسان شيء
قال الدكتور فتحي قناوي أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن المشكلة هنا ليست مشكلة القتل فقط ولكن هي الطمع، فعندما يكون الإنسان طماع فييسر لنفسه كل شئ حتى قتل الآخرين وطريقة التخلص منهم، فالإنسان لم يخلق طماع ولكن المال يعمي العين، فأعتقد أن المال هو ما أعمى عينيه وجعلته يقوم بأفعاله.
وتابع قناوي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، ففي بداية الأمر تخلص من صديقه طمعًا في المال، وبعدها خوفًا على ما بناه وكونه قام بالتخلص من زوجته وبعدها اختها وإلى نهاية الجرائم، فهو لا يمتلك ضمير لذلك خان أمانة صديقه وقتله.
وأكمل قناوي، هذا السفاح لا يمتلك الناحية الدينية ولا الناحية الأخلاقية ولا الضمير، فقام بالتخلص من كل من يقف أمامه بالقتل، وذلك بعدما تخلص من صديقه ولم تكتشف الجريمة.
واختتم، عند انعدام الضمير لا يقف أمام الإنسان شيء سواء ارتكاب جريمة أو خيانة الأمانة أو الزوجة، وعدم وجود أخلاق، والمال الذي يعمي العيون والقلوب، بالإضافة إلى أن الدفاع النفسي موجود، فيجب العودة إلى الإيمان والأخلاق والضمير.