أستاذ آثار: بالمخالفة للقانون.. إنشاء مسرح مكشوف بالحرم الأثري لسور مجرى العيون (مستندات)
كشفت بوابة الفجر الإلكترونية في يناير 2020 عن قضية هامة للغاية، وهي تعدي جمعية صناع الأثاث على الحرم الأثري لـ سور مجرى العيون، والصادر في حقها قرار إزالة منذ عام 1995م.
إقرأ: مبنى يهدد سور مجرى العيون.. ومصدر يكشف مفاجأة
وفجرت الفجر القضية، والتي حازت في وقتها على اهتمام كبير من المسؤولين، وبعد فترة وجيزة تم تنفيذ قرار إزالة جمعية صناع الأثاث، وجاء هذا التنفيذ لأن مبنى الجمعية متعدٍ على حرم سور مجرى العيون والذي يبلغ 30 مترًا، وكانت جمعية صناع الأثاث ملاصقة للسور، وأيضًا لأن مبنى صناع الأثاث فوق السواقي الأثرية التي كان من المفترض أن تتم حفائر لاكتشافها، أو اكتشاف آثارها.
إقرأ: إزالة مبنى جمعية صناع الأثاث لتعديه على مجرى العيون الأثري
واليوم في 2023، فوجئ الجميع بأن هناك مبنى عبارة عن مسرح مكشوف يتم بناؤه في حرم سور مجرى العيون، وهو الأمر الذي كشفه الدكتور محمد حمزة الحداد الأستاذ في التراث والآثار بجامعة القاهرة، حيث قال إن سور مجرى مسجل في عِداد الآثار وفق القرار الوزاري رقم 10357 لسنة 1951م ويحمل رقَم 78 ووافقت اللجنة الدائمة على تحديد حرم له من الجهة الجنوبية مقداره 30 مترًا في 4/4/2010م ووافق مجلس الإدارة في 19/5/2010م؛ كما تم اعتماد خطوط التجميل في مجلس الإدارة وكنت عضوًا فيه وقتئذ وصدر بذلك القرار الوزاري رقم 38 لسنة 2012م.
إقرأ مصاعب العمل في ترميم سور مجرى العيون الأثري
وتابع الحداد قائلًا إنه بعد إسناد مشروع التطوير إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بعد توقيع بروتوكول مع الوزارة؛ قام رئيس الجهاز بمخاطبة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار للموافقة على تنفيذ 4 بنود لم يرد فيها إشارة بإنشاء مسرح مكشوف في حرم السور الأثري؛ وحول الأمين العام الخطاب للعرض على اللجنة الدائمة وتمت موافقة اللجنة بالفعل على تنفيذ 4 بنود في 20/6/2022م لكون المشروع من المشروعات القومية، وليس من بين هذه البنود إنشاء مسرحًا مكشوفًا في حرم الأثر.
أستاذ آثار: بالمخالفة للقانون إنشاء مسرح مكشوف في حرم سور مجرى العيون
وفي 15/6/2022م صدر تقرير معاينة، بأن تكون الأعمال تحت إشراف المنطقة الأثرية وقطاع المشروعات؛ وبما لا يؤثر على السلامة الإنشائية أو بانوراما الأثر وعلى نفقة مقدم الطلب مع اعتبار أعمال الحفر التي ستتم هي الجسات المطلوب تنفيذها؛ وفي حالة وجود شواهد أثرية مكتشفة يتم إخطار الجهة المختصة، وقام المشرف العام على اللجان الدائمة وشئون البعثات بإرسال قرار اللجنة إلى رئيس القطاع.
وأشار الدكتور محمد حمزة الحداد إلى أن القرار تمت مخالفته من قبل إحدى الشركات المنفذة لمشروع التطوير بصب خرسانة مسلحة بمساحة 21 مترًا وأكثر قليلًا في حرم السور الأثري المحدد له حرمًا 30 مترًا من الناحية الجنوبية ولم يتبق من مساحة الحرم سوى 9 أمتار أمام جسم السور الأثري، لإنشاء مسرحًا مكشوفًا مما يُعد انتهاكًا لقانون الآثار 117 لسنة 1983م وتعديلاته 2010م ولقرار اللجنة في 20/6/2022م وهو ما كان يستوجب إزالته على الفور ومحاسبة الشركة المنفذة لانتهاكها القانون ومخالفتها لقرار اللجنة الدائمة.
وتم عمل محاضر تعدي من مدير السور وعلى الرغم من ذلك صدر خطاب الدكتور رئيس القطاع إلى السيد المهندس رئيس الجهاز في 18/6/2023م يفيده باستمرار العمل في إنشاء المسرح حيث وافقت اللجنة الدائمة على ذلك بجلستها في 29/6/2022م.
وأسجل -والكلام للدكتور محمد حمزة الحداد- أنه ورد في صدر الخطاب أن المنطقة الأثرية أوقفت الأعمال الجارية وحررت محضرًا في السيد المهندس نائب رئيس الجهاز وهو ما ثبت من وجود محضر تعدٍ في قسم شرطة مصر القديمة بتاريخ 16/6/2023م تحت رقم 5273 إداري مصر القديمة.
أما الخطاب نفسه فهو فارغ المضمون، فلم تكن هناك لجنة دائمة يوم 29/6/2022م من الأساس؛ فاللجنة عُقدت بالفعل قبل هذا التاريخ الوارد في خطاب رئيس القطاع بـ 9 أيام أي في 20/6/2022 م وفيها تمت الموافقة على تنفيذ البنود الأربعة وليس من بينها إنشاء المسرح وبالتالي كيف يرسل رئيس القطاع هذا الخطاب رغم عدم انعقاد لجنة؟.
ثم نجد أن خطاب المشرف العام على اللجان الدائمة وشئون البعثات إلى رئيس القطاع في 17/7/2023م، حيث تمت الإشارة إلى أن الطلب المقدم من الجهاز إلى المجلس الأعلى للآثار في 20/6/2022م لم يرد فيه صراحة وكتابة ضمن البنود الأربعة المطلوب الموافقة على تنفيذها ما يفيد إنشاء مسرحًا مكشوفًا؛ كما أن قرار اللجنة الدائمة في 20/6/2022م بالموافقة على تنفيذ البنود الأربعة لم ير د فيه أيضًا انشاء المسرح.
وهنا يتساءل الحداد، كيف يضيف رئيس القطاع المسرح المكشوف في خطابه بناء على لجنة وهمية لم تُعقد؛ وبالتالي نحن أمام خطاب لا سند له لأنه لم ترد الإشارة إلى محتواه في جميع الأوراق الرسمية الثبوتية المتعلقة بسور مجري العيون وتطويره.
ويبدو أن الغرض من الخطاب لتبرير الاستمرار في المشروع، حتى ولو لم يكن هناك موافقة رسمية حتى ذلك الوقت، في تنفيذ المشروع حيث جاءت موافقة اللجنة الدائمة على هذا الاستكمال في 13/7/2023م، أي بعد بناء المسرح بما يقرب من شهر كامل.
وختم الحداد كلماته قائلًا، ماحدث يكشف عن إهمال وتقصير ومخالفة للقانون حيث تم التعدي على ثلثي مساحة الحرم الأثري لسور مجرى العيون، حيث لم يتم مراعاة المحيط الأثري والتاريخي والمواصفات التي تضمن حماية الأثر وبيئته وحرمه وخطوط تجميله المعتمده وفقًا للقانون.
هنا نتساءل نحن ما هو الفارق بين جمعية صناع الأثاث التي كانت متعدية على حرم السور الأثري في عام 2020، والتي تم إزالتها لهذا السبب، وبين المسرح المكشوف الذي يتم بناؤه الآن والذي هو متعدٍ على الحرم الأثري للسور بمسافة 21 مترًا كاملة.. وننتظر الإجابة؟