تجربة صحفية لمحررة"الفجر".. 240 ساعة في الصين

عندما تضع قدمك على أرض بكين تشعر كأنك فى كوكب أخر، الجو حار وممطر بغزارة لوقت طويل، يبدو رزقا من الله على هؤلاء الذين يؤمنون بأن العمل عبادة، كل شخص يحفظ دوره عن ظهر قلب، يقوم به بإخلاص ودأب حققا نهضة تكنولوجية وتطورا لم يتحقق من قبل، حب الصينين للحياة استطاع محو كابوس "كورونا" الذى حصد الكثير من الأرواح وعصف بالاقتصاد.
مع شروق شمس يوم جديد تستقبل الشوارع زوارها بالملايين ورغم الكثافة السكانية لا يوجد معني للزحام، الكل يعلم أين قبلته وكيف يسير بنظام، وسواء كنت مترجلًا أو تقود دراجة فالكل يلتزم بحارته المحددة بالإشارات المرورية الواضحة، لا أحد يتعدى على حق أحد في العبور، أما السيارات فإن أغلبها تعمل بنظام صديق للبيئة، فضلًا عن عدم استخدام ألات التنبيه، الكل ينجز مهامه في الوقت المحدد له حسب جدول معد مسبقًا، ودون ضجيج.

1- محطة الإعلام

كانت زيارتى لمحطة الإعلام من نصيب عدد من المواقع الالكترونية ومنهم "جلوبال تايمز"، المدهش هو كيف حقق موقع فى مدة عامين فقط، نجاحًا في التعاون مع عدد من المنصات العربية، أما منصة الخدمة الإعلامية المتعددة الوسائط والتي تم اطلاقها في فبراير 2022 والتابعة لمجموعة الصين للإعلام فهي تهتم بنشر برامج وأخبار وأفلام وثائقية حول العالم، هذه المنصة خصصت قناة  "CGTN" بالعربي ولها مراسلين صينيين ناطقين باللغة العربية منتشرين في عدد كبير من الدول العربية، يبلغ عدد العاملين على هذه المنصة 50 ألف موظف، 70 % من المناصب بها من نصيب المرأة الصينية، وخلال اجتماع مع نائب رئيس القناة صرحت بأن تم انتاج فيلم وثائقي مشترك بين مصر والصين تحت عنوان "نهر الحياة"،وهو فيلم عن مصر ونهر النيل والأهرامات يظهر فيه المؤرخ المصري زاهي حواس متحدثًا عن تاريخ مصر.

2- ماكيت العاصمة الإدارية

وسط العديد من النماذج المعمارية المصغرة المتميزة التي صممتها الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية ومنهم مطار هونج كونج الدولي، وجامعة نانيانخ التكنولوجية، ومطار بايون قوانجتشو الدولي، وغيرهم، وجدنا المجسم المصغر لمنطقة الأعمال المركزية بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة بمصر، والذى نفذته الشركة الصينية، والذى يضم التصميم 20 برجًا ويعرف بحي المال والأعمال.. هذا التصميم الذي ينفذ على مساحة 600 الف متر مربع بإجمال نحو 1.92 مليون متر مربع  بما في ذلك 10 مباني إدارية وخمس مبان سكنية و4 مباني فندقية فاخرة، وكذلك البرج الإيقوني أطول مبني في إفريقيا والذي يبلغ ارتفاعه 385.8 متر.
وتأسست الشركة عام 1982، وهى واحدة من أهم مجموعات الاستثمار والبناء في الصين، وتنفذ مشاريع معمارية في 100 دولة ومنطقة حول العالم

3- شينجيانغ.. هنا الصين الإسلامية  

السفر من بكين العاصمة الحديثة إلى مقاطعة شينجيانغ استغرق مدة 6 ساعات بالطائرة، هذه المقاطعة تبلغ مساحتها ما يقرب من مليون و700 كم تتميز بمناطق شاسعة من من الأشجار الخضراء والزهور الوردية، واللافتات بها مختلفة عن بكين، فهى باللغة الصينية وتحتها إشارات مكتوبة باللغة الأيغورية، وهي حروف تشبه الحروف العربية وقريبة من اللغة التركية..

وفي وسط مدينة أوروميتشي التابعة لإقليم شينجيانغ يوجد أكبر مسجد "يانج خان " على مساحة 5 ألاف متر، وهو مكون من ثلاث طوابق وتم تشييده عام 1898، وجدده رجل أعمال ألماني عام 1919، وقد علمنا من إمام المسجد الذى يرفع الآذان 5 مرات يوميًا، أن أشهر مقرء لديهم هو الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وخلال شهر رمضان يشهد المسجد إقامة صلاة التراويح، ويستقبل العدد الاكبر من مسلمي المقاطعة، وطبقا للإحصائيات يوجد 150 مليون مسلم في الصين.

-معرض مكافحة الارهاب

تعرضت الصين لحوادث إرهابية على مدى سنوات دفعتها لإقامة معرض كبير يقص تاريخ مكافحة الإرهاب، ويحتوي المعرض على مقاطع مصوره من العمليات الإرهابية والأسلحة البيضاء والنارية التي وجدت بحوزه الإرهابيين، ومدون على كل منها الجريمة والمكان والزمان وعدد الضحايا والخسائر بترتيب زمني منذ 1990 وحتى القضاء على الإرهاب 2016.. هذه الفكرة التى تبدو بسيطة، قوية التأثير بحيث لا ينسي المجتمع جرائم الإرهاب، ويسرد المعرض أيضًا إنجازات دولة الصين من تنمية وتطوير، وصدق من قال إن التنمية عدو الإرهاب والفقر بيئته.

من ضمن الاحصائيات التى عرضها المسئولين الصينين في هذه المقاطعة ذاتية الحكم، إنه ا حققت انتصارا في معركة مكافحة الفقر، ووضعت خطة انتقالية مدتها 5 سنوات، ونجحت شينجيانغ في انتشال 3 ملايين و64.9 ألف شخص من براثن الفقر، كما نجحت في تخليص 3666 قرية فقيرة و35 محافظة من الفقر..  باختصار اعتمدت الصين على خطتها في تحديد أهداف مكافحة الفقر بدقة، وقامت شينجيانغ بإعداد قاعدة بيانات ضخمة لمكافحة الفقر، وتوظف شينجيانغ بشكل كامل المزايا السياسية والتنظيمية، وإيصال المساعدات إلى الأسر الفقيرة، بالإضافة إلى مساعدة الاسر من خلال دعم الصناعات، وتدعم مختلف المناطق لتطوير الصناعات المناسبة لها، سواء كان الزراعة أو الغابات أو الرعي أو الصناعة أو التجارة أو السياحة، وتعمل على زيادة التوظيف من خلال تطوير الصناعات، وتضع التخطيط لتعزيز توظيف الفقراء في المناطق الأربع في جنوب شينجيانغ، بهدف تمكين فردا على الأقل من كل أسرة فقيرة من الحصول على العمل المستقر.

ويتم مكافحة الفقر من خلال دعم التربية والتعليم، وضمان أن جميع الأطفال في سن التعليم الإلزامي يتلقون التعليم، مع دعم الرعاية الصحية، ثم الانتقال من تثبيت نتائج معركة مكافحة الفقر إلى تحقيق النهضة الريفية.

- فن البالية.. وتاريخ الصين

وأقليم شينجيانغ ذاتي الحكم متصل بالحزب الشيوعي الصيني، واللافت للنظر أن المهرجان الدولي بشينجيانغ "الأوبرا" بجواره مقرا للبرلمان الصيني التابع للحزب الشيوعي الصيني، وفي المساء وعلى مدار ساعة ونص تقريبا شاهدت عرضًا مسرحيًا لفن البالية المبهر، وكانت الإجابة على السؤال: كيف لهذه الحركات الصامتة أن تكون محملة بكل هذه الرسائل السياسية للتاريخ النضالي للصين إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الأن؟ ولا أخفيكم سرًا فالكلمات لا تستطيع وصف ما يفعله تأثير فن البالية من توطيد للمشاعر الشعبية تجاه سياسة الحزب الحاكم وحبهم لوطنهم.. الفن لم يكن مقتصرًا على الأوبرا، بل كنا على موعد أخر في منطقة" اكسينجانج الدولي جراند بزار"، وهي منطقة أشبه بشارع المعز لدين الله الفاطمي ومنطقة خان الخليلي في مصر، وتجمع بين روح المساجد القديمة، والمحلات والباعة الجائلين يعرضون بها منتجات سجاجيد عربية ولوحات، ولا تخلو المنطقة من العزف الموسيقى، حيث شهدت مسنان يعزفان بينما يحتفل الناس على أنغامهم، ووسط ذلك مرت سيدة عجوز تتخطى ربما الـ 80 عامًا من عمرها، وبخفة شديدة رقصت رقصًا فلكلوريًا تعبيرًا عن حبها للحياة.

- 100 مليون سائح

على بعد 100 كم تقريبا ووسط الجبال الشاهقة تم تنفيذ طريق على جانبيه شلالات مياه، صعدنا نحو 1900 متر فوق سطح الأرض، طريق ممتع تشعر معه كأنك داخل حلم، وعلى قمة الجبال بحيرة يكسوها السحاب، لوحة إلهية، سبحان الخالق، ما شكل الجنة إذن!  
السياحة تقتصر علي السياحة الداخلية، جميع الزوار هم من أهل الصين ولا توجد سياحة خارجية، وخلال لقاء بمسئولي مقاطعة شينجيانغ، قالت أما وانج جاي، نائبة مدير إدارة الثقافة والسياحة بالمقاطعة، إن 2023 شهدت تعافيا سياحيًا، حيث زار المقاطعة 100 مليون سائح في الصيف، ومن المتوقع ارتفاع العدد بحلول الخريف، وأكدت وجود تعاون وتواصل مباشر في السنوات الأخيرة مع القطاع الثقافي في مصر، حيث تم تنظيم فعاليات بمشاركة الجانبين، وأضافت أن هذه الفعاليات والأنشطة شملت تنظيم معارض وعرض للأفلام والبرامج وتقديم عروضًا فنية، ونظم استعراضًا في دار الأوبرا المصرية للرقص التقليدي.

-      مصر وخريطة الحزام والطريق

تشغل خطة الحزام والطريق قدرا كبيرا لدي كل مسئولي القطاعات الصينية، باعتباره امتدادا لطريق الحرير التجاري الذي بدأته الصين منذ عام 1877، وتهدف الحكومة الصينية لتطوير البنية التحتية والاستثمارات في 152 دولة في أوروبا وأسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وإفريقيا.

وأكدت أما وانج جاي، أن مصر والصين لديهما حضارة كبيرة، وتعاونتا قديما ولديهما مستقبل مشترك من خلال مبادرة الحزام والطريق، معربة عن أمنيتها أن يكون هناك تعاون أكثر في قطاع الثقافة والسياحة والآثار، لافتة إن مبادرة الحزام والطريق لا تتعلق فقط بالتعاون الاقتصادي، بل تولي اهتماما بالغا باستكشاف الثقافة والتقاليد والأعراف للدول المشاركة.

فيما قال تشياو يوين، نائب مدير مكتب العلاقات الخارجية في منطقة تشينجيانج، إن مصر والصين لديهما العديد من الأهداف والتحديات المتشابهة وبينهما تاريخ ممتد من الصداقة، وأن هناك تبادلات مكثفة مع الجانب المصري الذى يلعب دورا مهما في هذه المبادرة، معتبرا أنها أداة حيوية للصين لتعزيز التعاون مع الدول وبناء علاقات صداقة وشراكة مع شعوب تلك الدول،  تركز على تبادل المنفعة والخبرات والثقافات.

واشار إلي إن إقليم تشينجيانج، أحد محطات طريق الحرير،  ويتسم بموقع جغرافي متميز وطبيعة خلابة وشهد طفرة تنموية خلال السنوات القليلة الماضية، حيث عكفت الصين على تطوير الأقليم بعد الإعلان عن مبادرة الحزام والطريق في 2013، في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والثقافية، ومن المتوقع أن يلعب دورا مهما في إطار هذه المبادرة ومن ثم هناك رغبة لتعزيز التعاون مع مصر والدول العربية.، مؤكدًا أن الإقليم هو منطقة محورية في الحزام الاقتصادي وبوابة الصين للانفتاح على العالم، حيث يربط كل من آسيا وأوروبا.
ومن جانبه، قال ليو جانتينج، مدير مكتب الاستعلامات لمنطقة تشينجيانج، إن كلا من الصين ومصر حضارتان قديمتان ربطتهما صداقة ترسخت عبر العصور، وكانت مصر أول دولة في افريقيا والعالم العربي تعترف بالصين وتقيم علاقات دبلوماسية معها، مشيرا إلى أن الصينيين لديهم صداقة ومحبة للمصريين وشغف بالتاريخ المصري الذى يدرسونه في المدارس.


- غوانغدونغ.. مدينة السحر والتكنولوجيا

على بعد 6 ساعات بالطائرة كانت محطة مقاطعة غوانغدونغ، المدينة التي تنبض بالتكنولوجيا، الشوارع تبدو الاقرب لمصر شكلا، وهناك نهر اللؤلؤ الذى يلتف حوله المواطنين، وبمجرد الوصول لمقر الفندق تشعر بأن التكنولوجيا تسيطر على الحياة، وعند صعودك لغرفتك سوف تجد روبوت توصيل الخدمات للغرف يقوم بتوسيع الطريق لك، وكأنه بني أدم يستشعر بوجودك بعد عناء السفر وطول مدته، أخيرًا ستقتنص بضع ساعات من النوم لتجد نفسك أمام غرفة تتحدث بتكنولوجيا استطاعت ان تطير النوم من عينيك، ولك أن تتخيل أن الستائر تتحرك بإشارة منك، مجرد إشاره بيدك في اتجاه الإغلاق فإنها تفعل ما أمرت، والعكس إذا أردت فتحها، التكنولوجيا طالت أيضًا دورات المياه.
أما عن الطرق فأنت تسير في طريق سريع صمم في قلب الجبل وأنفاق يكسوها اللون الاخضر والورد الاحمر لتخرج من من قلب جبل إلى الأخر، وسوف نذكر عدد من شركات التكنولوجيا فى هذه المقاطعة.

عند الوصول إلي شركة  IFLYTEK   الخاصة بالتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وهي الشركة التي انشئت عام 1999  تقوم بإنشاء برامج التعرف على الصوت، وتقدم  ايضًا بتقديم خدمات الترجمة الفورية لعدد من اللغات وهي وسيلة تسهل على الاشخاص التواصل مع الأشخاص لا يتحدثون لغته بسهولة ويسر، كما انتجت لعبة ذكية "روبوت صغير" على اشكال محببة للأطفال يتحدث 6 لغات لتعليم الاطفال اللغة والتخاطب، فضلا عن عدد من الأجهزة الخاصة بالذكاء الاصطناعي في توفير المعلومات، وتدعمها عدة صناديق  استثمار تابعة لدولة الصين

- شركة ZTE  المتخصصة فى مجال الاتصالات قد ابتكرت تقنيات في خدمات الجيل الخامس 5G، وقامت بتوفير حلول معلومات الاتصالات المتكاملة لتقديم خدمات للحكومات والشركات، وتبلغ مبيعات الشركة 13 مليار دولار فى 2019 وإرتفعت ل 17 مليار عام 2022، وتغطي الشركة 160 دولة ومنطقة

- شركة  BYDتنتج 4 صناعات رئيسية السيارات والنقل بالسكك الحديدة والطاقة المتجددة والالكترونات، وتنتج السيارات الكهربائية المعروفة بصديقة البيئة والطاقة المتجددة، وهي بين 500 شركة FORTUNE مدرجة في هونغ كونغ حتى الان توظف 600 الف موظف وتقدم على 40 الف براءة اختراع وحصلت على 28000 براءة اختراع مرخصة في جميع أنحاء العالم



5 شركات مصرية  تشارك في "كانتون "المعرض الأول في الصين

وهو المعرض الصيني التجاري للاستيراد والتصدير، انطلق عام 1957، ويقام مرتين سنويا في في مدينة قوانغتشو، وقد تم عقد 133 دورة للمعرض. أقيم المعرض برعاية وزارة التجارة والحكومة الشعبية لمقاطعة قوانغدونغ وباستضافة المركز الصيني للتجارة الخارجية، وهو أكبر معرض تجاري دولي في الصين من حيث التاريخ والحجم والمنتجات المعروضة ويلقب بـ "المعرض الأول في الصين"، حيث يشارك فيه التجار من 229 دولة ومنطقة، وبلغ عدد المشترين الأجانب 129 ألف شخص، ومنهم أكثر من 900 مشتري مصري، وبلغ عدد المشترين الأجانب المشاركين افتراضيا 390 ألف و574 شخصا، ومنهم أكثر من 2200 مشتري مصري

قدم المعرض مساهمته في تطبيق مبادرة "الحزام والطريق" بالاستفادة من مزاياه وموارده، وأصبح منصة مهمة للتعاون والتواصل بين الصين والدول المطلة على "الحزام والطريق"، ومشاركة  هذه الدول في معارض الاستيراد، مما يوفر لها القناة الأكثر سهولة لترويج منتجاتها وخدماتها في الصين، وتشكل شركات الدول المطلة على "الحزام والطريق" 70% من الشركات المشاركة في معرض الاستيراد لمعرض كانتون.

فيما شاركت 5 شركات مصرية في الدورة الـ133 للمعرض، وعرضت فيه الأجهزة الكهربائية المنزلية والمستلزمات الشخصية والمنسوجات المنزلية وغيرها من المنتجات، كما أن علاقات التعاون الوثيق مع 3 شركاء مصريين، أي جمعية رجال الأعمال المصريين واتحاد الصناعات المصرية وجمعية رجال الأعمال بالإسكندرية.