صيدلانية: ليس له مثيل والبدائل من مشتقاته
10% من المصريين مهددون بالموت.. اختفاء "التروكسين" يعرض حياة المرضى للخطر
خفقان في القلب يمكنك أن تسمعه ما اقتربت منها، وتعرق شديد، وزجاجة مياه تتناول جرعات كبيرة منها كل دقيقة تقريبا، وخطى حثيثة، ودعوات بالتيسير، مع صعوبة في التنفس والحركة معا، فهي لم تمنعها حالتها الصحية والحر الشديد من التجول في شوارع الإسكندرية المزدحمة بين الصيدليات، للحصول على شريط دواء يساوي حياة، ليس لها وحدها إنما لـ10 ملايين مصري، يعانون من مرض قصور الغدة الدرقية.
"الفجر" صاحبت إحدى السيدات اللاتي يعانين من قصور الغدة الدرقية، بمدينة الإسكندرية، خلال رحلة البحث عن التروكسين وهو العلاج الوحيد للغدة، إذ ترددت على ما يزيد عن 25 صيدلية ولم تجده.
تقول هند مختار، ربة منزل، 55 سنة، رفيقة البحث عن العقار، خلال رحلتها لـ “الفجر"، إنها لجأت إلى صفحات السوشيال ميديا والتي تعلن عن توافر الدواء لديها ولكنها فوجأت بأن الدواء والذي كان ثمنه 300 جنيه وصل إلى 900 جنيه للعلبة الواحدة.
ملايين المصريين مهددون بالموت
تقول الدكتورة علياء الأجهوري أستاذ ورئيس وحدة الغدد الصماء بكلية طب جامعة الإسكندرية، ورئيس جمعية الإسكندرية للغدة الدرقية إن نسبة الإصابة بأمراض الغدة الدرقية في تزايد مستمر وتصل نسبتها إلى 10٪ تقريبا من السكان في مصر، وأن الخطورة الكبيرة لهذا المرض تكمن في الحاجة لدقة التشخيص والجرعات العلاجية.
وكانت المفاجأة وفق المركز المصري للحق في الدواء، هي أن أزمة نقص الأدوية خلال الفترة الحالية تجاوزت أكثر من 50 عقار ناقص في عدد كبير من المحافظات.
المصريون يتداوون بأدوية مخزونة
يقول محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء إن سبب الأزمة في نقص الأدوية أن أغلب الأدوية تستورد من الخارج ومرتبطة بأسعار الدولار، وأسعار الدواء في مصر، يتم تسعيرها جبريًا، فشركات الأدوية تحصل على الدولار بـ 30 جنيهًا وتقوم ببيع الدواء على آخر تسعير جبري للدواء وهو عام 2017 والذي كان الدولار فيه بـ 18 جنيهًا فقط، وبالتالي تكبد الشركات خسائر باهظة.
وأضاف فؤاد وتقوم الشركات بتشغيل المخزون المتوفر لديها ولكن عقب الانتهاء من المخزون يتوقف الإنتاج، ويشعر المواطن المريض بالأزمة عندما لا يجد دواء لمرضه، وتتفاقم الأزمة.
وتابع فؤاد وعند التواصل مع الشركات أكدت أنه تم التوريد للبنك المركزي أو أن الادوية والمواد الخام موجودة في الجمارك ومنتظرين الاعتماد الدولاري، وهناك 200 شركة مقدمة في البنك المركزي على دولار لشراء المواد الخام وهنا يجب أن نفحص الأولوية في الشراء فمن يحتاج إلى الدولار لشراء الأدوية الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة فهنا لهم الأولوية عن بعض الشركات التي تقوم بشراء المواد الخام لشراء المنشطات والمسكنات".
وأشار إلى أن هناك 8 شركات عامة تستطيع توفير الدواء الناقص ولكن تحتاج إلى دعم وهنا يجب أن نقوم بدعم هذه الشركات حتى تقوم بمنافسة حقيقية مع الشركات الخاصة".
لا بديل أو مثيل لـ “التروكسين”
وقالت إسراء أحمد المعداوي، صيدلانية، ومعيد بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، الثيروكسين هو الهرمون الذي تفرزه الغدة الدرقية، في جسم الإنسان، وله تأثيرات على جميع وظائف الجسم، وفي حالة تعرض أحد المرضى لمرض وجرى على إثره استئصال الغدة الدرقية، فإن الجسم يفقتد هذا الهرمون وبشده، لانعدام الجزء المسؤول عن إفراز هرمون الثيروكسين وتظهر أعراض سلبية كثيرة تصعب الحياة معها ولهذا يجب تعويض إفراز الغدة بالتيروكسين الصناعي، المستحضر معمليا وكيميائيا، وليس هناك أي دواء بديل له، ولكن هناك أدوية من مشتقاته فهي تشبهه، فلا بد من تحمل الاستمرار على تناول الهرمون بالجرعة الموصوفة وبانتظام تفاديا لما قد يحدث من سلبيات.
وتضيف المعداوي، مريض الغدة الدرقية، إذا لم يتناول دواء الغدة "ليفوثيروكسين" في حالة خمول الغدة أو كسلها، وعدم إفرازها للهرمون يؤدي إلى انخفاض مستويات الثيروكسين في الجسم، وبالتالي يمكن أن تظهر أعراض صعبة جدا، مثل مواجهة صعوبة في نقصان الوزن، زيادة الشعور بالعطش والجوع، ارتفاع ضغط الدم، العصبية والقلق وقد يؤدي للإصابة بنوبات الهلع، زيادة في التعرق، ضعف في العضلات، إسهال، وغثيان، وقيء.
وتابعت المعداوي، ويحدث أيضا العديد من الاضطرابات في الدورة الشهرية، وتضخم في الغدة الدرقية، وارتفاع احتمالية الإصابة بالعقم، أو الإجهاض، أو الولادة المبكرة، وتساقط الشعر، وضعف الرغبة الجنسية، وانتفاخ في القدمين واليدين والوجه، ضعف الذاكرة.
مصير مجهول
توقفت الغدة الدرقية لدى “هند” عن إفراز الهرمون وقت كتابة التحقيق، أي بعد جولة “الفجر” بأيام قلائل معها، واستستلمت للمرض على سرير بالمستشىفى الميري والذي حاول إسعافها وإعطائها بعض جرعات من العلاج المشابه، لم يغنيها عن “التروكسين” إنما منحها فرصة أخرى للبحث عنه، وسط مصير مجهول تواجهه في رحلة مرضها.
ووفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن الدواء المحلي يغطي السوق المصرية بنسبة ٩٢٪ في حين يتم استيراد ٨٪ ولكن التغطية الحقيقية للإنتاج الفعلي المحلي ٦٥٪ ويتم استيراد ٣٥٪ من الدواء "لأمراض الأورام والأدوية البيولوجية والأدوية التي تتمتع بحماية الملكية الفكرية"، والشركات متعددة الجنسيات تسيطر على ٦٠٪ من القيمة والشركات الخاصة على ٣٦٪ أما شركات القطاع العام ٤٪.