سعر الفائدة وتأثيرها على الدخل الشخصي.. خبراء يوضحون
حظيت مؤخرًا القرارات المرتبطة بأسعار الفائدة باهتمامًا وترقبًا واسعين من قبل المستثمرين وحتى الأفراد من عموم الناس، لارتباطها بالأوضاع الاقتصادية والضغوطات الواسعة التي يواجهها المجتمع، لما تعكسه تلك الضغوطات على الأسعار والأوضاع المعيشية.
ويعد "سعر الفائدة" من بين أهم المؤشرات في ذلك السياق، والتي يحرص الجميع على انتظار التحديثات المرتبطة به في الاجتماعات الدورية للبنوك المركزية حول العالم، لا سيما وأنه يبعث برسائل واضحة عن اتجاهات الاقتصاد وآفاقه.
ووفقًا للخبراء يستعرض "الفجر" خلال السطور التالية توضيحًا لتعريف "الفائدة"، وتأثير أسعارها على الاقتصاد وحياة المواطنين، إضافة إلى توقيت اللجوء إلى رفع أو خفض أسعار الفائدة من قبل السلطات المختصة عن السياسات النقدية والمالية، وعلاقة كل من التضخم والركود والانكماش وغيرها من الحالات الاقتصادية، بسعر الفائدة.
الفائدة وعلاقتها بالتضخم
من جهتها أوضحت الخبيرة المصرفية سحر الدماطي، لموقع "الفجر" أن الهدف الرئيسي لدى البنوك المركزية هو "استقرار الأسعار"، وحتى تحقق هذا الهدف وتكبح جماح التضخم أو تواجه الركود تقوم باستخدام أدوات مختلفة لديها، وعلى رأسها "سعر الفائدة".
وذكرت أن الفائدة هي العائد على الأموال المستثمرة لدى البنوك، ويتم اللجوء لتعديل سعرها (سواء برفعها وبخفضها) بالنظر إلى معدلات التضخم، فعندما ترتفع معدلات التضخم يتم رفع الفائدة؛ لكبح جماحه، بينما إذا وصل التضخم إلى المعدل المستهدف (الحدود الطبيعية) يتم خفض الفائدة، وبهذه الطريقة يتم التحكم في التضخم، وهو ما لجأت إليه البنوك المركزية منذ العام الماضي، عندما اتبعت سياسة التشديد النقدي ورفع الفائدة لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة.
وأشارت إلى أن سعر الفائدة المنخفض يحفز على الاقتراض، وهو ما يؤدي بدوره لمزيد من الإنفاق، ومن ثم زيادة نشاط وكذلك مبيعات الشركات وارتفاع الأرباح، بينما على العكس في حالة ارتفاع الفائدة، فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض على مستوى الأفراد والشركات، وخفض الإنفاق والطلب على السلع بشكل عام، وهو ما يعني انخفاض أرباح الشركات وتأجيل خطط توسعتها وتطويرها بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض (وبما قد يقود إلى الركود).
تأثير الفائدة على الاقتصاد
فيما قال الخبير المصرفي، محمد عبد العال، في تصريحات لموقع "الفجر"، إن أوروبا وأميركا ومختلف دول العالم مروا بعد الحرب في أوكرانيا بحالة شديدة من ارتفاعات الأسعار أدت لارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق في تاريخها، وهو ما انعكس على السياسة النقدية في كل الدول، وبدأت البنوك المركزية اتخاذ سياسات متشددة أو فائقة التشدد في أبسط أدواتها وهو رفع سعر الفائدة المستمر.
وأوضح أن الاقتصاد العالمي يتسم بأنه يرتبط ببعضه البعض، وأن قرارات تغيير الفائدة عموماً وخاصة في الولايات المتحدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي عادة ما يكون لها تأثير على اقتصادات دول العالم، فعلى سبيل المثال بالنسبة للدول النفطية، ففي حالة رفع الفائدة بأميركا وأوروبا، يؤثر ذلك على تلك الدول التي تقوم برفع معدلات الفائدة أيضاً، خاصة مع ارتباط عملات معظمها بالدولار الأميركي، وبالنظر إلى أن العقود الآجلة للبترول يتعين سدادها بالدولار.
وأكد أنه ليس هناك انعكاس كبير للفائدة على اقتصادات الدول النفطية، حيث يتوفر لديها احتياطيات نقدية جيدة، وبالتالي لم تتأثر قيمة العملة كثيراً، ولا معدلات النمو، ولكنها تؤثر تأثيراً غير مباشر في حالة تكاليف الاقتراض الداخلي للمستثمرين فيكون التأثير على القطاعات غير النفطية كالقطاع العقاري والإنشائي، بينما في الدول النامية فإنها الأكثر تأثراً بقرارات الفائدة، فحينما ترتفع أسعار الفائدة على الدولار أو تستقر ترتفع أسعار السندات وأذون الخزانة الأميركية، وتكون أكثر جاذبية من الاستثمار الأجنبي غير المباشر (بالتالي هروب الأموال الساخنة من تلك الدول، وبما يؤثر بشكل كبير عليها).
وذكر أن الاستثمار الأجنبية غير المباشر في الدول النامية مثل السندات وأذون الخزانة قصيرة الأجل، تتأثر بارتفاع الفائدة، حيث يتخارج المستثمرون من تلك الدول بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض بها، وبالتالي ينخفض العائد الحقيقي للاستثمارات في ظل المخاطر الكبيرة.
وقال الخبير المصرفي إن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى ارتفاع كلفة الإقراض للشركات والمستثمرين ورجال الأعمال، وبالتالي أسعار السلع المتجهة للمستهلك النهائي ترتفع، ما يؤدي لاستمرار ارتفاع التضخم ودخول الاقتصاد لما يسمى بالتضخم الركودي أو الانكماشي، وهو تضخم مصحوب بركود أي ارتفاع أسعار السلع لأعلى من متوسط الدخل، وبالتالي يتم العزوف عن شرائها فيحدث ركود في مراحله الأولى يكون صحياً لأنه يعالج التضخم إنما إذا زاد وارتفع تشهد السوق ركودا وتزيد معدلات البطالة فيدخل الاقتصاد في ركود يكون من الصعب الخروج منه.