الأرز في خطر.. ما هي ظاهرة النينو وتأثيرها على السلعة الأكثر استهلاكًا بالعالم؟
تتفاقم المخاطر التي تواجه زراعة الأرز الذي يعد من أكثر السلع استهلاكًا في دول العالم، خاصة بعد قرار الهند حظر تصديره وما سيعكسه مستقبلًا هذا القرار على أسعاره العالمية.
وتتأثر زراعة الأرز وإنتاجه بعوامل مختلفة كان آخرها وأكثرها خطورة ظاهرة "إل نينو"، فأعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، الشهر الجاري عن عودة الظاهرة لتتواصل على مدار العام.
وخلال السطور التالية يستعرض "الفجر" تفاصيل تلك الظاهرة وتفاصيل تأثيرها على الطقس والمحاصيل الزراعية وتابعاتها على النمو الاقتصادي للبلدان، وفقًا لبعض الخبراء.
ما هي ظاهرة إل نينو؟
في هذا الصدد يوضح أستاذ التربية البيئية بجامعة عين شمس في مصر، عبد المسيح سمعان، لموقع "الفجر"، أن ظاهرة إل نينو تظهر تقريباً كل فترة تتراوح من أربع إلى سبع سنوات، مشيراً إلى أنها عبارة عن دورة مناخية تحدث في المحيط الهادئ، لها تأثير كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم، وعادة ما تبدأ هذه الدورة عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادئ من الجهة الغربية للجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أميركا الجنوبية على طول خط الاستواء، وبعد ذلك تطفو هذه المياه الدافئة على مياه شمال غرب أميركا الجنوبية وتعتبر هذه الظاهرة مناخية شاذة.
ويوضح أن "إل نينو" تتسبب في حدوث سيول وفيضانات في أميركا الجنوبية، وأحياناً تنتقل الظاهرة إلى دول أوروبا وتسيطر على هذه المنطقة بشكل كبير من خلال العواصف والأعاصير والأمطار والسيول، وفي بعض الأوقات الأخرى قد يحدث جفاف.
ويلفت إلى أنه من سوء الحظ تزامن الظاهرة في هذا العام مع ارتفاع درجات الحرارة في شهر يوليو، وهو ما قد يسبب تفاقم تأثيرها خاصة مع الاحتباس الحراري، لتكون الظاهرة أكثر قسوة، ويشهد العالم ذروتها في ديسمبر لتنتهي في شهر أبريل، على حد قوله.
وتؤدي ظاهرة إل نينو إلى تقلبات مناخية كبيرة تؤثر على زراعات الأرز والزراعات الأخرى، مما يجعلها تحدياً كبيراً للمزارعين والمجتمعات التي تعتمد على هذه الزراعة للعيش.
ومن بين أبرز العوامل المرتبطة بتأثر زراعات الأرز جفاف ونقص المياه، ذلك أنه خلال ظاهرة إل نينو، يحدث ارتفاع في درجات حرارة سطح المحيط الهادئ، وهذا يؤدي عموماً إلى تقليل الأمطار في مناطق معينة وزيادة التبخر. يمكن أن يؤدي ذلك إلى جفاف ونقص المياه في المناطق التي تزرع فيها الأرز.
ذلك بالإضافة إلى تأثيرات الجفاف على النمو، على اعتبار أن نقص المياه يؤثر سلباً على نمو النباتات، بما في ذلك نمو الأرز.
وقد تتوقف النباتات عن النمو أو تتأخر نموها، ما يؤدي إلى تقليل حجم المحصول وجودته، كما يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن إل نينو إلى تسريع نمو النباتات وتجفيف التربة. قد يؤدي ذلك إلى تدهور الجودة الكلية للمحصول وتأثيرات سلبية على الأرز.
كما تؤدي ظاهرة إل نينو إلى تغيرات كبيرة في أنماط الطقس، ما يمكن أن يؤثر على جدول الزراعة والموسم الزراعي لزراعة الأرز. يمكن أن تتسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة في خسائر في المحاصيل، في حين يمكن أن يؤدي الجفاف إلى انخفاض مستويات المياه في الأراضي الزراعية.
التأثير الاقتصادي للظاهرة
فيما أوضح أستاذ اقتصاديات البيئة بالقاهرة، الدكتور علاء سرحان، لموقع "الفجر"، أن ظاهرة إل نينو تمثل تغيرات متطرفة بالمناخ، تؤدي إلى ارتفاع في درجة الحرارة وجفاف في بعض المناطق من العالم، في حين في مناطق أخرى تشد سيولاً وفيضانات.
وأشار إلى أن تلك الظاهرة تضر باقتصاديات الدول ومحاصيلها الزراعية (لا سيما الأرز)، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وكندا كانتا قد تضررتا من تلك الظاهرة بسبب السيول والأمطار الغزيرة ، وأدى ذلك إلى خسائر بشرية واقتصادية، لا سيما في ولاية فلوريدا الأميركية التي تعرضت منذ سنوات لارتفاع كبير في درجة الحرارة وهو ما تسبب في احتراق محصول البرتقال وإتلافه.
وذكر أستاذ اقتصاديات البيئة أن ما بين هطول الأمطار والسيول وارتفاع درجات الحرارة والجفاف، تتكبد دول العالم خسائر اقتصادية كبيرة مرتبطة بالتغيرات المناخية؛ فعلى سبيل المثال في المناطق التي قد تتعرض إلى حرائق الغابات تسبب إل نينو تبخر الرطوبة الموجودة في النباتات والتربة، ليصبح النبات جافاً، وبسبب الحرارة مع أشعة الشمس وأي احتكاك يندلع الحريق، مشيراً إلى أن ذلك ما حدث في جزيرة رودس اليونانية منذ أيام.
دراسة بحثية صدرت مايو الماضي ونشرتها مجلة "ساينس"التابعة للجمعية الأميركية لتقدم العلوم، ذكرت أن الظاهرة تتسبب في خسائر بتريليونات الدولارات للاقتصاد العالمي.