"حل المجالس المحلية".. اتفاق البرلمان والحوار الوطني على التنفيذ العاجل
في نهاية عام 2015 انتُخب أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو، لذا أطلق عليه "برلمان الثورة"، والذي حمل معه آمالًا عريضة لشعب ثار مرتين في غضون عامين ضد نظامين مختلفين.
تشكل مجلس النواب بحلته الجديدة حاملًا لواء الدفاع عن حقوق المواطن الآمل والطامح في التقدم والرخاء، بعد سنوات طوال عاش فيها مكبلًا تحت وطأة ظروف اقتصادية متهاوية وسياسية مترنحة، ولكن هل قام البرلمان بدوره المنوط به؟.
انشغل البرلمان بدوره التشريعي على حساب الدور الرقابي الأهم، فعمل على سن الكثير من القوانين والتشريعات التي تتوافق مع الدستور الجديد الذي وضع عام 2014، أو قد تساهم في دفع عجلة التقدم والنمو أو ربما تحفظ حق المواطن.
تنوعت وتعددت القوانين التي سَنها البرلمان خلال تلك الفترة، فمنها ما دارت حوله مناقشات واسعة مثل قانون الأحوال المدنية، وقانون التأمين الصحي الشامل، ومنها ما أثار جدلا كبيرًا ونعيش تبعياته إلى الآن وربما لسنوات قادمة مثل قانون الخدمة المدنية، وقانون الجمعيات الأهلية الجديد، وقانون الإعلام الموحد، ومنها ما مَر مرور الكرام مثل قانون المرور وقانون مكافحة الإرهاب.
وفي سياق مُغاير، بدأ البرلمان عبر لجانه المختلفة في طرح ومناقشة مشروعات قوانين لم تُستكمل مثل تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، أو اختفت تمامًا وذهبت أدراج الرياح مثل قانون المحليات أو الإدارة المحلية، وهذا موضع الحديث في السطور القادمة.
ناقش البرلمان عبر لجانه المختلفة وبالأخص لجنة الإدارة المحلية مشروع قانون المحليات، والذي دارت حوله الكثير من التساؤلات والمقترحات والأحاديث والجلسات، ثم بعد أشهر من الجدل اختفى تماما دون سابق إنذار وكأن لم يكن، وظلت المجالس المحلية بالتعيين دون انتخاب.
وفي السطور التالية نحاول الإجابة عن: أين ذهب قانون المحليات؟، وهل هناك قانونًا جديدًا في المستقبل القريب؟، هل تشكيل المجالس المحلية بتلك الشاكلة دستوريا أم توجب الحل؟.
الوضع غير دستوري
قال النائب محمد الفيومي، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن قانون المحليات الذي كان يتم مناقشته أثناء البرلمان الماضي، ذهب أدراج الرياح إذ تم تجميده داخل اللجنة بالرغم من مناقشته لفترة طويلة داخل أروقة المجلس.
وأضاف النائب محمد الفيومي، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن الوضع الحالي فيه مخالفة دستورية صريحة، إذ نص دستور مصر الصادر عام 2014، على أن يتم تنفيذ المركزية كاملة خلال 5 سنوات من صدور الدستور.
وأوضح عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه طبقا للدستور، كان يجب صدور قانون المحليات قبل عام 2019، ومن ثم انتخاب المجالس المحلية على أساسه، ثم تنقل جميع الصلاحيات والسلطات المركزية للمجالس المنتخبة.
وأكد النائب البرلماني أنه لا يوجد قانون جديد للمحليات خلال الفترة القليلة المقبلة، حيث لا يتم مناقشة أية مشروعات قوانين متعلقة بهذا الشأن داخل المجلس حاليًا، مضيفًا بأنه يتم مناقشة مقترحات عديدة داخل جلسات الحوار الوطني كي ترقى إلى مشروعات قوانين.
الإسكان أهم من المحليات
ومن جانبها، قالت النائبة مي رشدي غيث، عضو لجنة الإدارة المحلية، إن أعضاء البرلمان يحاولون القيام بأدوارهم الرقابية بجانب الدور التشريعي، مؤكدة بأن اللجنة تناقش العديد من مشروعات القوانين والمقترحات.
وأفادت عضو لجنة الإدارة المحلية، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، بأن اللجنة تقدم وتناقش العديد من المقترحات لأجل صياغتها وبلورتها في إطار قانون محدد، يمثل أساس المحليات خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت النائبة البرلمانية، أنها ترى بأن إجراء التعديلات على قانون الإسكان ذات أولوية وأهمية قصوى، وأهم من قانون المحليات في الوقت الحالي، لما يتضمنه من مواد تتعلق بالمواطنين.
وشددت النائبة مي رشدي، على أنه بالرغم من غياب المحليات إلا أن الجميع في تعاون كبير من أجل المواطن، إذ هناك تنسيق دائم بين النواب في مختلف الدوائر والمحافظين ورؤساء المجالس المحلية.
قانون جديد سيُقدم قريبًا
وبدوره، قال المحامي عماد غنيم، أمين شباب حزب الاتحاد وعضو التيار الإصلاحي الحر، والمشارك في جلسات الحوار الوطني، إن إصدار قانون المجالس المحلية أصبح ذات أهمية بالغة وضرورة ملحة، خلال الوقت الراهن.
وأضاف أمين شباب حزب الاتحاد، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن وجود المجالس الشعبية المحلية ذات دورا هاما في ضبط إيقاع الأداء الحكومي، وأيضا كونها جزء لا يتجزء من السلطة التنفيذية يقوم بنوع من الرقابة الشعبية على مهام السلطة.
وأفاد عضو التيار الإصلاحي الحر، بأنه تم حل المجالس المحلية بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقانون رقم 116 لسنة 2011، وظلت الدولة المصرية دون مجالس محلية حتى صدور دستور 2014.
ونص الدستور في مادته رقم 176 على دعم اللامركزية وتمكن الوحدات المحلية من تحقيق العدالة الاجتماعية، ثم جاءت المادة 242 من الدستور بالنص على: "يستمر العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه في الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه"، ما يعني غياب أكثر من عشر سنوات دون محليات وفقا للدستور.
وأوضح عماد غنيم، أنه بمراجعة مفهوم الفراغ السياسي نجد أنه يفسر بعجز الأطراف السياسية في الاستجابة لمتطلبات الدستور والنظام العام، مما يثير التساؤل هل عدم اصدار القانون منذ دستور 2014 يجعلنا في حالة فراغ سياسي؟.
وشدد ممثل حزب الاتحاد بجلسات الحوار الوطني خلال جلسة قانون المجالس الشعبية المحلية، على التاكيد بضرورة خروج القانون إلى النور خلال أقرب وقت ممكن لإحكام الرقابة.
ولفت إلى أن جلسات الحوار الوطني المتعلقة بالإدارة المحلية، تناقش العديد من المقترحات خلال الوقت الحالي، ومن ثم يتم بلورة تلك المقترحات في مشروع قانون لتقديمه إلى البرلمان مع عودة انعقاده في أكتوبر المقبل.