بعد رفعها 11%.. هل يكفي رفع الفائدة لمواجهة التضخم في مصر؟
يواصل البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية وصولا إلى 11% إجمالي نسبة رفع أسعار الفائدة منذ اندلاع الأزمة، في محاولة للسيطرة على معدلات التضخم في مصر والتي ارتفعت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة رغم رفع أسعار الفائدة ما يطرح التساؤلات حول جدوى رفع الفائدة لمواجهة التضخم.
رفع أسعار الفائدة
قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها الخميس الموافق 3 أغسطس 2023 رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.25٪، 20.25٪ و19.75٪، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75٪.
ويأتي رفع أسعار الفائدة في مصر بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة في آخر اجتماع له قبل عدة أيام.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي، إن رفع الفائدة هي الأداة الرئيسية التي تستخدم في مواجهة التضخم ولكن هناك متغيرات أخرى لا بد من وضعها في الحسبان منها حالة النشاط الاقتصادي في الدولة.
وأضاف أبو زيد، في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أنه يوضع في الحسبان أيضا حجم الناتج المحلي الإجمالي وهل هو متغير أم ثابت وخاصة فيما يتعلق بحالة النمو في القطاعات الرائدة في الاقتصاد أم أنها ثابتة أم يوجد بها انكماش لمعرفة حالة الإنتاج والاستهلاك في الدولة.
وتابع أن معدل التضخم الصادر عن البنك المركزي بلغ 41% وكان لا بد من رفع الفائدة 1% لمحاصرة التضخم الأعلى في تاريخ مصر والذي لم يسبق تسجيله من قبل.
وواصل: كان لازم أحجم التضخم لكن توجد إشكاليات أخرى منها آليات السوق والتجار والسيطرة الرقابية والأسعار التي يتم رفعها بشكل غير مبرر كما تبقى المشكلة الأكبر وهي نقص العملة الدولارية ولا بد من العمل عليها بالتوازي مع رفع الفائدة.
وقال الخبير الاقتصادي إن الدولة تعمل على ملف الطروحات الحكومية ومن المفترض دخول مليار دولار خلال شهر أغسطس فضلا عن باقي عمليات الطرح وهي ليست بيعا لأصول الدولة ولكنها شراكة وفق نسب محددة.
في حين قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إنه كان الاتجاه الطبيعي نحو رفع أسعار الفائدة بنسبة 1% وهو ما حدث بالفعل ليبلغ إجمالي رفع أسعار الفائدة منذ الحرب الروسية الأوكرانية 11% في مصر.
وأضاف الإدريسي، في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أنه مع ارتفاع المعدلات الخاصة بمستويات التضخم غير المسبوقة والتي وصلت الشهر الماضي إلى 41% كان لا بد للبنك المركزي المحاولة قدر الإمكان للسيطرة على التضخم وارتفاعات أسعار الفائدة من جانب الفيدرالي الأمريكي.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى ضرورة العمل على مسارات موازية لرفع أسعار الفائدة ومنها جذب استثمارات أجنبية وزيادة الحصيلة الدولارية التي تدخل الاقتصاد المصري، فضلا عن طرح أفكار جديدة وتقديم تسهيلات من شأنها زيادة تحويلات المصريين في الخارج بالعملة الأجنبية وزيادة الاستثمارات الأجنبية في مصر لحب أزمة الدولار.
أسباب رفع أسعار الفائدة
على الصعيد العالمي، استمرت توقعات الأسعار العالمية للسلع في التراجع مقارنةً بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعها في يونيو 2023. وفي المقابل، ارتفعت الأسعار الفعلية للبترول خلال الشهر الماضي. كما تراجعت توقعات معدلات التضخم لدى بعض الاقتصادات الرئيسية على الرغم من استمرارها عند مستويات تفوق المعدلات المستهدفة. وفي ذات الوقت، ارتفعت التوقعات الخاصة بالنشاط الاقتصادي العالمي مقارنة بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق. ومن المتوقع أن تظل أسعار العائد الرئيسية عند مستوياتها المرتفعة نتيجة استمرار المعدلات العالمية للتضخم عند مستويات أعلى من تلك المستهدفة، وهو ما يتسق مع تقييد الأوضاع المالية العالمية بشكل عام.
وعلى الصعيد المحلي، ظل معدل نمو النشاط الاقتصادي الحقيقي دون تغيير مسجلًا 3.9% خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنةً بالربع الرابع من عام 2022. وتوضح البيانات المبدئية للربع الأول من عام 2023 أن النشاط الاقتصادي جاء مدفوعًا بالمساهمة الموجبة لقطاعات السياحة والزراعة والتشييد والبناء. ومن المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022/2023 مقارنةً بالعام المالي السابق له، بما يتسق مع المؤشرات الأولية للربع الثاني من عام 2023، على أن يعاود الارتفاع تدريجيا بعد ذلك على المدى المتوسط. وفيما يتعلق بسوق العمل، انخفض معدل البطالة إلى 7.1% خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنةً بمعدل بلغ 7.2% خلال الربع السابق له، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى زيادة أعداد المشتغلين.
وارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى 35.7% في يونيو 2023 من 32.7% في مايو 2023. كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 41.0% في يونيو 2023 من معدل بلغ 40.3% في مايو 2023. وقد جاء ذلك مدفوعا بارتفاع واسع النطاق في أسعار معظم بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين نتيجة لاستمرار صدمات العرض.
وفي ضوء ما سبق، وأخذا في الاعتبار توازنات المخاطر المحيطة بالتضخم، قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس لتفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم.
ورأت اللجنة أنه من المتوقع أن تصل معدلات التضخم إلى ذروتها في النصف الثاني من عام 2023 وذلك قبل أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والمعلنة مسبقا، مدعومة بالسياسات النقدية التقييدية حتى الآن.
وأكدت اللجنة أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة.