ثلاثيني العمرانية مزق خالته وزوجها وأحرق جثتيهما.. وزيارة "روماني" كشفت المستور

حوادث

أرشيفية
أرشيفية

 

 

فجر الثلاثاء كانت الأجواء ملبدة بالدخان بجوار قسم شرطة العمرانية الكل هرع لتقديم يد العون أملًا في إنقاذ قاطني شقة باغتتها النيران لكن الواقع بدا أشد قسوة. جثتا مسن وزوجته العجوز في حالة تفحم لم يدر بخلد الأهالي أنهم بصدد جريمة قتل بطلها شخص مألوف لدى الضحيتين.

في وقت مبكر من فجر الثلاثاء، سُمع دوي سارينة داخل أروقة الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة بمنطقة بين السرايات. سارينة تحولت معها الإدارة إلى خلية نحل يعرف كل فرد فيها دوره.

بلاغ بنشوب حريق داخل شقة سكنية قريبة من قسم شرطة العمرانية. دفع اللواء جابر بهاء بـ3 سيارات إطفاء يترأسها ضابطا بوحدة الإطفاء والإنقاذ البري بالتنسيق مع مأمور القسم.

 

بدأ رجال الإطفاء في مد خراطيم المياه وصولا إلى اشقة بالعقار رقم 25 شارع أبو صابر فجاءت الصدمة الأولى "يا فندم في رجل جوا أوضة النوم" هكذا أبلغ مدير العمليات قبل أن يجدد إخطاره عبر اللاسلكي "لقينا جثة تاني في الأوضة اللي جنبها".

مع السيطرة على الحريق، وصل فريق من الأدلة الجنائية وإدارة البحث الجنائي برئاسة اللواء محمد الشرقاوي بالتنسيق مع الامن العام والأمن الوطني؛ للوقوف على ملابسات الواقعة في شواهد تشير إلى أنهم بصدد جريمة قتل بحريق بفعل فاعل.

معاينة اللواء أحمد الوتيدي مدير المباحث الجنائية ورئيس نيابة العمرانية والطالبية المستشار محمد النبراوي أثبتت وجود طعنات -6 لكل منهما- بجثتي مكرم توفيق 62 سنة وزوجته ثريا إسكندر 50 سنة، الأول بغرفة النوم والثانية بغرفة مجاورة.

فريق بحث ترأسه اللواء أحمد خلف نائب مدير مباحث الجيزة بمشاركة العميد علي عبد الرحمن رئيس قطاع الغرب والعقيد أحمد الوليلي مفتش فرقة الطالبية والعمرانية وضباط وحدة مباحث العمرانية.

بعيدا عن قيادات المديرية، عقد الرائد هاني عماد رئيس مباحث العمرانية اجتماعا مغلقًا بمعاونيه لبحث بنود خطة البحث المقرر تنفيذها. تركزت الخطة على فحص كاميرات المراقبة بمحيط العقار محل الجريمة ورصد حركة الدخول والخروج فضلا عن تنشيط مصادر المعلومات السرية حول المترددين على الضحيتين.

انطلق الرائد هاني عجلان معاون أول مباحث العمرانية لجمع المعلومات. عمد إلى تطبيق قاعدة شرطية مهمة بأن مسرح الجريمة يكتظ بالخبايا التي مع تتبعها تكتمل الصورة.

طرف الخيط الأول جاء على لسان الجيران "عم مكرم ومراته كانوا في حالهم ومعندهمش أولاد" الرجل على المعاش والزوجة تعمل في خدمة البيوت لإعانة بعلها على متطلبات الحياة وأن آخر مشاهدة لهما السبت الماضي! -قبل 3 أيام من اكتشاف الوفاة-.

النقطة التالية كانت قائمة المترددين على الزوجين، توصلت تحريات النقيب فواز حسين إلى أن ابن أخت الزوجة "ثريا" هو أكثر الزائرين. اعتاد الجيران مشاهدة "روماني 36 سنة" صعودا ونزولا بشقة العجوزين بل والمبيت أحيانا.

داخل مكتبه بالطابق العلوي بالقسم عكف الرائد هاني عماد على تجميع خيوط القضية حتى تلقى اتصالا من أحد معاونيه "الكاميرات جابت روماني وهو بيتردد على البيت بشكل ملفت للنظر يا فندم" تبين تردده أيام السبت والأحد والاتنين بكشل غريب الأطوار لتتجه إليه أصابع الاتهام.

التاسعة مساء الثلاثاء، وضع رجال المباحث تقريرا شاملا لما توصلت إليه التحريات على مكتب اللواء "الشرقاوي" ليوجه بسرعة ضبط المشتبه به الرئيس ذا الـ36 سنة.

بتقنين الإجراءات، تمكنت مأمورية بقيادة الرائد هاني عماد ومعاونيه الرائد هاني عجلان والنقيب فواز حسين من ضبطه ليظهر قدرا من الحزن على خالته وزوجها "يا حبيبتي يا خالتي" لكن بتطوير مناقشته ومواجهته بفيديو يرصد مشاهدة واضحة له في توقيت متزامن للحريق خارت قواه وأقر بجريمته.

بهدوء يحسد عليه، وقف روماني أمام رجال التحقيق يسرد خطوات جريمته. بنبرة متحشرجة بالكاد تسمع قال المتهم إنه حضر إلى مسكن خالته يوم السبت ولم يجدها فطالب زوجها بمبلغ مالي لكنه "انت شايف الحال يابني" فما كان منه إلا عاجله بـ6 طعنات متفرقة.

جلس الشاب الثلاثيني بجوار جثة زوج خالته الستيني يبحث كيف السبيل للخروج من مأزق قد يقوده إلى طبلية عشماوي. انتظر قدوم خالته وطلب منها الحديث في أمر هام بغرفة مجاورة -لغرفة النوم- ليسدد لها 6 طعنات مماثلة.

3 أيام تردد خلالها المتهم على الشقة لإبعاد الشبهة الجنائية عنه حتى بدأت الجثتان في التحلل وانبعاث رائحة كريهة منهما فأضرم النار في الشقة فجر الثلاثاء واستولى على 4 آلاف جنيه وخاتم وقرط ذهبيين ولاذ بالفرار ليبدو الأمر "حريق قضاء وقدر".

جريمة قتل بشعة نفذها "روماني" في حق خالته وزوجها بدم بارد وغدر لم يتوقعاه منه أضحت حديث الأهالي بالحي المكتظ بالسكان وسط إشادة بجهود رجال المباحث "بيقولك حلوا القضية في أقل من 24 ساعة" هكذا أخبر عم وليد صديقه على مقهى قريب من القسم.

تعنيف دائم ومحاولات مستمرة جاهد معها أب تصرفات ابنه الشاب غير السوية، بحث معها رب البيت عن التفريق بين فلذة كبده ورفقاء سوء صبغوه بصبغتهم فانجرف عن طريق الصلاح وسقط في براثن المخدرات حتى بات لا يقوى على مفارقتهم قط.

ما سبق لطالما تكرر بشتى أنحاء المعمورة لكن تلك القصة كانت لها نهاية مأساوية. فقد الشاب شغفه بالحياة مفضلا الرحيل بطريقته وإخراج المشهد الأخير من حياته بشكل صادم سيظل عالقا في ذاكرة والده وباقي أسرته.

داخل قسم شرطة الوراق شمال محافظة الجيزة للتو وصل العميد محمد سلامة مكتبه بعد تفقده الحالة الأمنية بدائرة القسم والاطمئنان على انتظام الخدمات الأمنية تنفيذا لتعليمات اللواء هشام أبو النصر مدير أمن الجيزة. وصل "سلامة" مكتبه لا ليأخذ قسط من الراحة بل إنجاز أعمال مكتبية إلا أن صوت جاهز اللاسلكي الذي لا يفارقه حال دون إتمام ذلك.

ورد بلاغ إلى غرفة عمليات إدارة شرطة النجدة بالعثور على جثة شاب مشنوقًا داخل غرفته في ظروف غامضة. وجه العميد هاني شعراوي رئيس مباحث قطاع الشمال بسرعة فحص محل الواقعة بالتنسيق مع الأدلة الجنائية.

معاينة العقيد مجدي موسى مفتش فرقة الوراق وأوسيم بينت أن الجثة لشاب يدعى "أحمد.ي." يتدلى من حبل مثبت بسقف الغرفة وأنه يرتدي ملابسه كاملة ولا توجد بعثرة في محتويات المسكن.

على باب الغرفة وقف الأب يندب حظه العسر ودموع غالبت مقلتاه "ليه كده يابني.. تحرق قلبي عليك!" في إشارة إلى تخلص الابن من حياته وصنع مشنقته.

سرد والد المتوفى لرجال المباحث بقيادة المقدم هاني مندور ملخصًا لآخر أيام ابنه وتعنيفه الدائم له "كنت بحاول أبعده عن أصحاب السوء". نقلت سيارة إسعاف جثمان الشاب إلى مشرحة زينهم للتشريح بمعرفة مصلحة الطب الشرعي تحت إشراف النيابة العامة للتصريح بالدفن.

وتعمل الدولة على تقديم الدعم للمرضى النفسيين من خلال أكثر من جهة خط ساخن لمساعدة من لديهم مشاكل نفسية أو رغبة في الانتحار، أبرزها الخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية، بوزارة الصحة والسكان، لتلقي الاستفسارات النفسية والدعم النفسي، ومساندة الراغبين في الانتحار، من خلال رقم 08008880700، 0220816831، طول اليوم.

كما خصص المجلس القومي للصحة النفسية خط ساخن لتلقي الاستفسارات النفسية 20818102. وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن الانتحار كبيرة من الكبائر وجريمة في حق النفس والشرع، والمنتحر ليس بكافر، ولا ينبغي التقليل من ذنب هذا الجرم وكذلك عدم إيجاد مبررات وخلق حالة من التعاطف مع هذا الأمر، وإنما التعامل معه على أنه مرض نفسي يمكن علاجه من خلال المتخصصين.