سلطان الجابر: البلدان النامية تتحمل ما لا يمكن لبشر التكيف معه
أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، أنه تماشيًا مع رؤية وتوجيهات القيادة في دولة الإمارات، تحرص رئاسة COP28 على تعزيز التعاون الفعّال والشراكات النوعية، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، بالتزامن مع تحقيق تقدم في العمل المناخي واحتواء كافة الأطراف لبناء مستقبل أفضل للجميع في كل مكان.
جاء ذلك في كلمته خلال الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين المعني بالاستدامة المناخية والمنعقد في مدينة تشيناي الهندية، حيث دعا دول المجموعة إلى القيام بدور ريادي وإيجابي لتحقيق تقدم ملموس وفعال في العمل المناخي، موضحًا أن القرارات والتعهدات التي سيقومون باتخاذها ستنعكس آثارها على مخرجات ونتائج COP28 وعلى جميع الدول، لافتًا إلى ضرورة أن تتضمن مخرجات اجتماعات المجموعة إشارة واضحة لدعوته إلى زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030، والتي وجهها خلال اجتماع المجموعة الأسبوع الماضي في ولاية غوا الهندية، وذلك في ضوء أهمية هذا الإجراء للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وأشار إلى أن دول مجموعة العشرين تشكل 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأنها مسؤولة عن 80% من الانبعاثات العالمية، لذا، فإن قراراتها وإجراءاتها تؤثر بشكل كبير على نتائج ومخرجات COP28 وعلى الجميع في كل مكان، مضيفًا أن مجموعة العشرين لديها فرصة للقيام بدور فاعل وريادي من خلال مضاعفة الجهود وتنسيق العمل بين قياداتها لتحقيق تقدم عالمي ملموس في هذا العقد الحاسم بالنسبة للعمل المناخي.
ولفت إلى البيان الذي أصدره أمس بشكل مشترك مع سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والذي تضمن دعوة مفتوحة إلى مجموعة العشرين للقيام بدور ريادي في الجهود المبذولة للتقدم في إيجاد حلول ومواجهة التحديات وتحقيق التقدم في جميع ركائز اتفاق باريس، والحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، مؤكدًا على ضرورة تكاتف كافة الأطراف وإبداء التزام واضح بميثاق الأمين العام للأمم المتحدة للتضامن المناخي و"أجندة تسريع العمل".
وقال الدكتور سلطان أحمد الجابر: "أكدت لكافة الأطراف المعنية ضرورة توحيد الجهود لتسريع زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة، وتوسيع نطاق استخدامها، بالتزامن مع خفض انبعاثات منظومة الطاقة الحالية وبناء منظومة طاقة مستقبلية خالية من الوقود التقليدي الذي لا يتم خفض انبعاثاته".
وأكد ضرورة إحراز تقدم في موضوع التكيف في ضوء التزام كافة الأطراف بالعمل على تحقيق الهدف العالمي بشأن التكيف بموجب اتفاق باريس، وقال: "نحن جميعًا ملتزمون بالعمل لمحاولة تحقيق هذا الهدف، والحقائق العلمية توضح أن العالم حاليًا أصبح أكثر تعرضًا لتداعيات تغير المناخ وأقل مرونة في مواجهتها، ويفتقد القدرات اللازمة للتعامل بشكل حاسم مع التأثيرات المناخية المتزايدة. وهناك عدة مؤشرات توضح أن العالم بعيد عن المسار الصحيح حاليًا، وأصبحنا نشهد ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة، وتم تسجيل الشهر الجاري بوصفه الأشد حرارة في التاريخ، بينما تساهم الممارسات الحالية في فقدان التنوع البيولوجي، وتراجع جودة الأراضي الزراعية، وانخفاض مستوى الأمن الغذائي".
وقال إن رئاسة COP28 تدعو الدول إلى تكثيف العمل والتركيز على تحقيق تقدم في هدف "30×30" لحماية التنوع البيولوجي، الذي يسعى إلى الحفاظ على 30% من الموائل البرية والبحرية بحلول نهاية العقد الحالي، كما تدعو أيضا إلى توسيع نطاق "شراكة قادة الغابات والمناخ".
ولفت إلى أن إحراز تقدم في موضوع التكيف يتطلب وضع معايير واضحة للنجاح عبر مجموعة أهداف منها حماية التنوع البيولوجي، واستعادة الأراضي الزراعية، والحفاظ على الغابات، وحماية السواحل من التآكل، وضمان عدم تعرض أي شخص للجوع، والحفاظ على البشر والحياة وسُبل العيش للجميع في كل مكان.
وأكد أن تطوير النظم الغذائية يأتي في مقدمة أولويات رئاسة COP28، داعيًا الوزراء الحاضرين إلى وضع هذا الموضوع على قائمة أولوياتهم، بحيث تضمن الخطط والاستراتيجيات الوطنية الخاصة بموضوع التكيّف في كل دولة تعزيز الاستخدام المستدام للأراضي، والاستفادة من التقنيات الحديثة لزيادة مرونة المحاصيل، وتحسين النظم الغذائية، والحد من الآثار المناخية على المنظومة الزراعية.
جدير بالذكر أن COP28 سيكون أول مؤتمر أطراف يسلط الضوء بشكل واضح على الترابط بين تداعيات تغير المناخ والصحة العالمية، ويخصص في برنامج موضوعاته يومًا للصحة، ويستضيف اجتماعًا وزاريًا للمناخ والصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ووجه معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر دعوة مفتوحة إلى دول مجموعة العشرين للمشاركة في هذا الاجتماع لضمان مرونة أنظمة الصحة العالمية. وجدد معاليه التأكيد على الحاجة إلى إحداث تغيير جذري وتحقيق تقدم جوهري في موضوع التمويل المخصص للتكيف، الذي لا يتجاوز 10% من المبلغ المخصص للتخفيف.
وأكد أن مضاعفة تمويل التكيف بحلول عام 2025 هو أول خطوة حاسمة مطلوبة، مشددًا على حاجة العالم إلى بحث إمكانية توجيه قدر كبير من التمويل المناخي الإجمالي نحو الاستجابات المتعلقة بالتكيف، وموضحًا أنه "كلما زاد استثمارنا في التكيف، زادت قدرتنا الجماعية على التكيف مع تداعيات تغير المناخ.".
وأشار إلى أن العديد من البلدان الأكثر تعرضًا لتداعيات تغير المناخ، خاصةً من الدول الجُزرية الصغيرة النامية والبلدان الأقل نموًا، تواجه آثارًا سلبية لتغير المناخ تتجاوز ما يمكن للبشر التكيف معه.
وقال الدكتور سلطان الجابر في ختام كلمته: "نشهد يوميًا الآثار السلبية الشديدة للظواهر المناخية شديدة القسوة التي تدمر حياة البشر العاديين في جميع أنحاء العالم. وعلينا أن نفكر في هؤلاء المتضررين وأن نذكّر أنفسنا مجددًا بضرورة التكاتف معهم وإدراك معاناتهم. وأنا أدعو الجميع دائمًا إلى تجسيد روح التكاتف هذه في COP28". وخلال زيارته، عقد معاليه لقاءات ثنائية مع عدد من وزراء البيئة والمناخ لبحث الجوانب الاستراتيجية لـ COP28 وبناء توافق في الآراء استعدادًا لانطلاق المؤتمر، حيث التقى معالي أكيهيرو نيشيمورا، وزير البيئة الياباني؛ ومعالي مارينا سيلفا، وزيرة البيئة وتغير المناخ البرازيلية؛ وجون كيري، المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ؛ ومعالي جنيفر مورغان، وزيرة الدولة والممثلة الخاصة لسياسة المناخ الدولية في ألمانيا؛ ومعالي بوبندر ياداف، وزير العمل والتوظيف والبيئة والغابات وتغير المناخ في الهند.
وتأتي زيارة الدكتور سلطان الجابر إلى تشيناي وحضوره اجتماعات مجموعة العشرين عقب زيارته دكّا الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها معالي الشيخة حسينة واجد، رئيسة وزراء جمهورية بنغلادش الشعبية، وعدد من القادة العالميين الآخرين في إطار مناقشات معاليه المستمرة مع القادة العالميين سعيًا لتحقيق تقدم ملموس وفعال خلال COP28، إلى جانب مواصلة مشاركة ركائز خطة عمل المؤتمر مع كافة الأطراف والمعنيين.