متخصص في تلميع أحذية المحامين وكل العاملين بالمحاكم يعرفونني..
ورنيش وصندوق خشب.. "عبد الهادي" ملمع الأحذية الصعيدي يعيد رونق زبائنه بالإسكندرية
تك تك، تك تتك تك، ليست أصوات طبلة لمطرب من مطربي شوارع الإسكندرية، وليست طبلة مسحراتي ضل طريقه نهارا، في شوارع الثغر المزدحمة، إنها طرقات عبد الهادي ثروت، الأربعيني الكادح، والذي يجوب الشوارع، حاملا صندوقه الخشبي، وعصا صغيرة، يطرق الصندوق بها، لجذب انتباه الجالسين على المقاهي والمتنزهات، في كل حدب وصوب من مناطق الإسكندرية، تجده هو وأقرانه، ملأ الصندوق بكافة أنواع الورنيش فهو ـ ملمع أحذية متجول ـ.
مهنة تلميع الأحذية هي إحدى المهن التي بدأت تتقلص وتنقرض، خاصة مع وجود الملمعات سهلة الاستخدام، ولكن لقمة العيش لها حسابات مختلفة، فلم يعد تخلو مقهى من المقاهي، من ملمعي الأحذية والذين ينتشرون بقوة بالقرب من المصالح الحكومية، والمحاكم وسراي النيابات المختلفة بالإسكندرية.
"الفجر" صاحبت "ثروت" في جولة له أثناء مروره على بعض المقاهي بشوارع المنشية، بالإسكندرية، بالقرب من محكمة الحقانية، وهو يستجدي الجالسين على "مقهى الجمهورية" إحدى المقاهي الكلاسيكية والأقدم في تاريخ الثغر، لتلميع حذاء مقابل 5 جنيهات أو أقل.
يقول "ثروت" ضاق بي الحالي في بلدي الأم أسيوط، وأتيت إلى الإسكندرية، دلني أحد أقاربي على تلميع الأحذية استثقلت الأمر في بدايته، ولكن قلت مادام حلال لا مشكلة، وبدأت بالفعل في العمل، يكون أكثر في وقت الصباح خاصة مع توافد المحامين على المحاكم، هم أكثر زبائني المحامين، والعاملين في المحاكم نظرا لارتدائهم الزي الرسمي والذي يحتاج للحذاء الكلاسيكي والذي يحتاج للتلميع دائما.
ويضيف خلال حديثه، كل ما أملكه لمزاولة المهنة،صندوق خشبي صغير وعبوات الورنيش والصبغة، وفرش التلميع، وعبوة بلاستيكية لخلط اللون الأسود "سيد الألوان"، الذي يعد اللون الأساسي في مهنتي، ثم أقوم بإعداد اللون البني، ثم أقوم بإعداد الورنيش المستخدم في الألوان الأخرى مثل الأزرق والذي انتشر مؤخرا، والأبيض وما إلى ذلك كل له ورنيشه وصناعته.
ويتابع خلال حديثه "ممكن ربنا يرزقني في اليوم 200 جنيه مثلا، أقوم بشراء ورنيش يومي بما يزيد عن 70 جنيه، وأدوات لإني أقوم بتحديث الورنيش والأدوات باستمرار حتى لا تؤذي جلد الحذاء، وبذلك أكون خسرت زبوني، وأقوم أيضا بالبحث عن ما هو جديد في هذه المهنة، والحمد لله أعول 4 أبناء من هذه المهنة وبيتي مفتوح في الإسكندرية، ولم أعد أخجل من هذه المهنة مطلقا، معظم أصدقائي الآن محامين وقضاة، وباتت المحكمة أسهل مقر حكومي بالنسبة لي فلا يوجد غرفة في المحكمة إلا فيها من أعرفه جيدا.
يتذكر لوهلة مسيرته المهنية ويقول، كنت قديما أعمل في حمل الرمل والزلط، وعملت في البناء لفترة، ولكن كنت أشعر بالاستعباد في هذه المهنة التي أكلت صحتي بشكل كبير جدا، وكنت عبارة عن آلة فقدت إنسانيتي والشعور بأي شيء حتى إنني أعمل في الشمس الحارقة دون تعب، وفي البرد دونما كلل كله أصبح لدي متعادل لا يوجد فتركتها بعد 15 سنة، لإنني كنت أخاف من الجلوس دون عمل، وليس لي مورد زرق غير ما أكسبه بقوت يوميـ وتعبي وكدي، والآن أنا أفضل حالا من المعمار.
وقد شهدت مصر خلال الربع الأول من العام 2023 تباطؤ في معدلات البطالة إذ وصلت إلى 7.1 % مقارنة بـ 7.2 % خلال الربع الأخير من العام 2022، وفقا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الخميس.
وكان معدل البطالة في الربع الثالث من العام الماضي قد سجل 7.4%.
وانخفض عدد العاطلين عن العمل بالربع الأول من العام الجاري إلى مليونين و171 ألف شخص مقابل مليونين و185 ألف شخص خلال الربع السابق.