محمد سويد يكتب: جراح الأطباء وتكريم المهنة !

مقالات الرأي

محمد سويد
محمد سويد

كحال ساكنى الطبقة الوسطى، لم تعد أحوال الأطباء المعيشية  أفضل من غيرهم، مهندسين وصحفيين.. إلخ، فقد أرهق التعويم مسيرتهم، والتهم التضخم ما تبقى في جيوبهم، وبقيت المشقة سبيلًا وحيدًا لحياة كريمة.

لا أتحدث هنا عن استثناءات قد تخل بشمول المعادلة، وإنما عن وضع عام، تشارك فيه أستاذ الجامعة والاستشاري وشباب الأطباء، منهم من بحث عن الإعارة، وفرّ منهم من فرّ إلى الهجرة، وبقى المرابطون في المستشفيات العامة والجامعية وحتى في عياداتهم الخاصة.

لا في الإعارة هروب،  ولا فى الهجرة خيانة.. وجب التنويه، قبل أن ينحى سياق الحديث منحى من اتهموا الأطباء الباحثين عن النجاة خارج الوطن، بالخيانة والهروب.

فلا حرج على من شقوا طريق الحياة، سيما أن المشقة ليست مادية فحسب، أيضا في بيئة عمل مليئة بالتحديات، وقد عاصرنا محاكمات جنائية وحبس للأطباء في قضايا المسؤلية الطبية، ونقص المستلزمات، وبيئة العمل غير الآمنة بالتعدي على المستشفيات من أهالي بعض المرضى، لا أذيع سرًا، كلها قضايا مطروحة للنقاش المجتمعي والتعديل التشريعي لقانون المسؤلية الطبية الذي تجمد في ثلاجة مجلس النواب.

قبل يومين، تلقيت دعوة كريمة من الدكتورة شرين غالب نقيب أطباء القاهرة، لحفل تكريم بمناسبة يوم الطبيب، حسنًا فعلت نقيبة الأطباء حين قررت أن تضمد جراحهم، وتشد من أذرهم، بلفته معنوية وإنسانية، ينتظرها كل متفانٍ في عمله، تكريم لعامة الأطباء وخاصتهم في شخص من حضر، لما لا وقد كانوا جيش الوطن وحصنه الحصين في مواجهة جائحة كورونا، بينما خارت قوى دول عظمى في تلك المواجهة.

وفي حشد كبير اكتظت به دار الحكمة، آثرت د.شرين غالب ألا تفتح أيًّا من جراح المهنة، أو تدخل في مزايدات على حساب الأطباء أو الحكومة، احترامًا للصمت الانتخابي، بيما كان ذلك من الممكن أن يجلب لها مزيدًا من الشعبية أو الأصوات.

عودُ إلى ذى بدء، في وزارة الصحة تشكلت لجنة تحسين أوضاع الأطباء، وترأسها السيد الوزير، ودعا إليها كبار الأطباء ونقيبهم ووزرائها السابقين، وقال المتحدث الرسمي إنها لن تختص بتحسين الوضع المادي للأطباء فقط، بل أيضًا بدراسة كل ما يتعلق بالتراخيص للمنشآت الطبية والعيادات وآليات التكليف والتدريب والمسؤولية الطبية، وتابع مؤكدًا أن تشكيل هذه اللجنة مجرد بداية؛ إذ ستتبع ذلك لجان تدرس أوضاع الفريق الصحي بالكامل؛ كالتمريض والفنيين وأطباء العلاج الطبيعي والأسنان والصيادلة والإداريين وبقية الفئات.. ولا عجب في أن عمر اللجان  في بلادي قد يزيد عن متوسط عمر الإنسان !