حواري الإسكندرية شاهدة على التاريخ.. عم محمد رغم فقد البصر أشهر صانع فُرش يدوية في مصر

أزقة وحواري الإسكندرية، دائما شاهدة على التاريخ، وعلى عصر ذهبي، للدولة المصرية، والتي أنتجت كل الأدوات، وامتهن أبناؤها كل المهن، عطر التاريخ يفوح من كل الأزقة والشوارع والحواري، خاصة من "الدكاكين" القديمة، والتي تجد فيها إرث الأجداد لا زال حاضرا حتى اليوم، ومهن تظنها اندثرت ولكن روادها ينافحون عنها في كل زاوية من هذه الأزقة.

 صناعة الفرش اليدوية، إحدى الصناعات التي اندثرت، وطغت عليها "ماكينات الخواجات"، حتى قلصت الصناعة تمام، ولكن محمد أحمد، أحد أصحاب المهنة، لا زالت ورشته عرين ينافح عن رزقه، وعن إرثه من أبيه ومن قبله جده، طيلة نصف قرن من الزمان، فصناعة الفرش اليدوية والتي تستخدم في الرسم والطلاء والرخام، لا زالت حاضرة وبقوة، وطلبياتها مستمرة داخل ورشته، التي لم تدخلها الماكينات بعد.

يقول أقدم صانع فرش في الإسكندرية، إنه يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 50 عاما تعلمها من والده الذي امتهنها لسنوات طويلة وهي صناعة الفرش التي تستخدم في تركيب الرخام وفرش الدهان اليدوية التي تستخدم في طلاء الحوائط والعديد من الاستخدامات الأخرى.

ويعمل “عم محمد" في هذه المهنة مع شقيقه الأكبر منذ صغره وأصبحت لهم شهرة واسعة، بعد وفاة والدهما، وذلك لإنه يعمل يوميا 9 ساعات متواصلة لإنهاء طلبيات الفرش للتجار وفى حالة وجود طلبيات كبيرة يستمر العمل يوميا لأكثر من 10 ساعات.

وأوضح " عم محمد" سبب استمرار صناعة ووجود الإقبال على الفرش اليدوية، وسبب إقبال الفنانين "والحرفيين" لشرائها وطلبها باستمرار وهو الجودة والدقة، وأيضا استخدامه خامات ذات جودة عالية مصنوعة من شعر الغزل البرازيلي والخشب لا بد أن يكون بجودة عالية لكى يتحمل ضغط العمل على الفرش أثناء تركيب الرخام وغيرها من الاستخدامات التي تتطلب قوة ومتانة الفرش.

وأضاف أن شكل الفرشاة مختلف عن الشكل التقليدي للفرش الأخرى فلها استخدامات محددة ولازال يطلبها أصحاب المهن الحرفية وسعرها مناسب للجميع.

وبينما هو يشرح لمحرر "الفجر"، أدوات عمله وإنجازاته في الطلبيات المتعددة، يتعثر طريقه، ويجلس سريعا، ثم يسكت برهة ويقول إنه بسبب زيادة الطلبيات في فترة زمنية سابقة ومع تقدم عمره أصيب بضعف شديد في البصر وهو حاليا لا يرى بعينيه جيدا ولكن لديه بصيره يرى من خلالها الأدوات بالملمس ويصنع الفرش والطلبيات المطلوبة منه بكفاءة عالية وكأنه مبصر.

وأضاف أنه حاول إجراء عمليات جراحية عديدة ولكنه فشل في إعادة بصره وقرر أن يستمر في عمله دون توقف حتى بعد علمه بعدم عودة بصره من جديد، موضحا أن مرحلة إعداد خشب الفرش من خلال ماكينة القطع يقوم بهذه المرحلة شقيقة لعدم تمكنه من رؤية سلاح القطع فيما عدا ذلك فهو يقوم بتجميع شعر الفرش وغزله داخل القطعة الخشبية بالكامل وإعداد المرحلة النهائية للفرش التي يستخدمها عمال الرخام في التركيب.

وطالب بضرورة الاهتمام بأصحاب المهن الحرفية في المحافظات كافة والتي أصبحت نادرة وأصحابها يمتلكون الخبرة الطويلة في هذه المهن للاستفادة منهم ففي الصناعات المختلفة وتعليم الأجيال الجديدة هذه المهن تجنبا لانقراضها.