"الفرنسية": مشروع الدستور المصري الجديد يكرس امتيازات يتمتع بها الجيش منذ قرابة ستة عقود

عربي ودولي


قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن مشروع الدستور المصري الجديد يكرس امتيازات يتمتع بها الجيش منذ قرابة ستة عقود، بل ويضيف إليها، ويضمن استمرار الدور المحوري للمؤسسة العسكرية في الحياة السياسية المصرية التي كانت وراء الإطاحة برئيسين في غضون عامين ونصف العام.

وأضافت الوكالة -في سياق تقرير بثته اليوم الاثنين- أن مشروع الدستور الجديد، الذي أقر مساء الأحد وسيعرض على استفتاء شعبي في غضون شهر من تسليمه لرئيس البلاد، أقر على اثنين من الامتيازات التي تمتع بهما الجيش منذ أن أطاح بالملكية عام 1952، وهما الإبقاء على موازنته المالية بعيدة عن رقابة البرلمان، وحقه في محاكمة المدنيين في الجرائم التي يعتبر انها تمسه.

ولكن مشروع الدستور الجديد يضيف لأول مرة امتيازًا جديدًا ينتقص بشدة من صلاحيات السلطة التنفيذية -حسب قول الفرنسية- إذ نص على ضرورة موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع خلال الدورتين الرئاسيتين المقبلتين.

ويعتقد المحللون أن مشروع الدستور الجديد هو تعبير عن توازنات القوى السياسية في مصر في اللحظة الراهنة، ودليل على مركزية دور الجيش الذي عزل مرسي في يوليو 2013 ومن قبل دفع حسني مبارك إلى التنحي في فبراير 2011، حتى لو كان احتاج في المرتين إلى حركة شعبية تبرر تدخله.

وقال مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة للفرنسية: إن عملية كتابة الدستور هي عملية سياسية ونتيجتها تتوقف على علاقات القوي بين الجماعات التي شاركت فيها وهي القوات المسلحة والقوى الدينية ممثلة في الأزهر والكنيسة القبطية وحزب النور والقوى الليبرالية .

وأضاف الذي خرج فائزًا من كتابة الدستور هو القوات المسلحة التي لم تقدم أي تنازل بل حصلت على مكسب جديد يتمثل في حقها في اختيار وزير الدفاع، ما يقيد من سلطات الرئيس المنتخب .

من جانبه اعتبر حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن منح الجيش عمليًا حق تعيين وزير الدفاع يثير مخاوف حقيقية على استقرار النظام السياسي خصوصًا إذا قرر الفريق أول عبد الفتاح السيسي عدم الترشح للرئاسة.

وتساءل نافعة إذا جاء الرئيس من خارج الجيش، فكيف يمكن أن تكون العلاقة بينه وبين وزير الدفاع؟، خصوصا أن الأخير سيعتبر نفسه خارج النظام، وكيف ستكون العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء؟.

وأضاف نافعة هذا الوضع سيؤدي إلى نظام سياسي بثلاثة رؤوس، الرئيس المنتخب ورئيس الوزراء الحائز على ثقة البرلمان ووزير الدفاع، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار .

وأشار جيمس دورسي، خبير في شئون الشرق الأوسط، في معهد راجاراتنام، للدراسات الدولية في سنغافورة، إلى أن الجيش نجح كذلك من خلال مشروع الدستور في الحفاظ على استقلاليته .

وأكد مصطفى كامل السيد، أن مشروع الدستور الجديد يؤكد هيمنة المؤسسة العسكرية ، مشيرًا إلى أن النص المتعلق بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في بعض الحالات يخالف كل الأعراف الديموقراطية ، ولكنه شدد على أن القوى الليبرالية اضطرت إلى القبول به في ظل توازنات القوى الحالية على أمل ان تتمكن من تغييره مستقبلا .

وأدخلت لجنة كتابة الدستور تغييرًا في اللحظات الأخيرة مساء الأحد، على بند يتعلق بالجدول الزمني لخارطة الطريق التي كان الجيش وضعها للمرحلة الانتقالية بعد أن عزل مرسي في الثالث يوليو الماضي.

وبمقتضي هذا التغيير المفاجئ ترك مشروع الدستور للرئيس المؤقت عدلي مهمة تحديد ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستجرى قبل الانتخابات البرلمانية على عكس ما تقضي به خارطة الطريق.

ويجمع المحللون على أن هذه المادة تعني أن القرار المتعلق بتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ترك بذلك للرجل القوى في البلاد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي -على حد قول الفرنسية-.

ورجح دورسي أن الأمور تسير في اتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا، معتبرًا أنه إذا انتخب رئيس أولًا فانه يستطيع التأثير على التوجه السياسي للبلاد، أما إذا انتخب البرلمان أولًا فأنه هو الذي سيكون له التأثير .

وقالت الفرنسية: حتى الآن يبدو السيسي، الأوفر حظًا للفوز بالرئاسة إذا ما ترشح في الانتخابات، إلا أنه لم يحسم الأمر على ما يبدو بعد.