سلطان الجابر: علينا تحقيق التقدم في كل من العمل المناخي والنمو الاقتصادي بشكل متزامن
أكد الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف "COP28"، أن رئاسة المؤتمر تسترشد برؤية وتوجيه القيادة في دولة الإمارات وذلك من خلال وضع حماية الأرواح وتحسين سُبل العيش في صميم العمل المناخي، واتباع نهجٍ يتمحور حول الإنسان والطبيعة والغذاء والصحة والمرونة، وأضاف: "في صميم هذا النهج، سنسعى إلى اعتماد إطار شامل وحاسم للهدف العالمي بشأن التكيف، وسيعطي هذا الجزء الأساسي من أجندة عمل المؤتمر الأولوية للحفاظ على النظم البيئية الطبيعية، وحماية المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، والاستثمار في حلول ملموسة وعملية لتحسين الحياة".
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الوزاري المعني بالعمل المناخي الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، وجمَع وزراء البيئة في الاتحاد الأوروبي وكندا وجمهورية الصين الشعبية.
ووجه معاليه في كلمته دعوة مفتوحة إلى الحكومات والقطاعات الصناعية وكافة الأطراف المعنية إلى التخلي عن أساليب العمل التقليدية والتركيز على توحيد الجهود من أجل اتخاذ إجراءات فعالة وحاسمة للوصول إلى نتائج تحقق تطورًا جوهريًا في معالجة أزمة المناخ.
وقال: "نحن بحاجة إلى تطوير النماذج المالية القديمة التي تم تصميمها لتلائم ظروف القرن الماضي، وعلينا إزالة الحواجز التي تبطئ التقدم في الحكومات والقطاعات الصناعية، ومعالجة الانقسامات التي تعوق تحقيق أي تقدُم جوهري للوصول إلى اقتصاد منخفض الكربون"، مضيفًا: "نحن في منتصف الطريق بين باريس وعام 2030، إلا أن العالم لا يزال بعيدًا إلى حد كبير عن الهدف المنشود، والحقائق توضح أن الخطوات التدريجية التي تم اتخاذها حتى الآن لمعالجة أزمة المناخ لا تلبي الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات سريعة، لذلك، أدعو الجميع إلى التخلي عن الأساليب التقليدية المعتادة، والعمل معًا لاتخاذ إجراءات فعالة وحاسمة للوصول إلى نتائج تحقق تطورًا جوهريًا".
وشدد معاليه على أن لخطة عمل "COP28" توجه واضح، وأن هدفها الرئيسي هو الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، موضحًا أنه للقيام بذلك، تسعى رئاسة المؤتمر إلى الوصول لنتائج تفاوضية تحقق أعلى الطموحات، إلى جانب اعتماد جدول أعمال فعال يساهم في تنفيذ هذه النتائج بشكل ملموس.
واستعرض معاليه خطة مؤتمر الأطراف "COP28" التي تستند إلى أربع ركائز رئيسية هي: تسريع تحقيق انتقال منطقي وعملي وعادل في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، والتركيز على جهود التكيف لتحسين الحياة وسُبل العيش، وضمان احتواء الجميع بشكل تام. وأشار إلى أن إعداد الخطة تم بالاستعانة بمخرجات ونتائج جولة الاستماع واستكشاف الحقائق والتواصل التي قام بها فريق رئاسة المؤتمر على مدار الأشهر الستة الماضية، والتقى خلالها ممثلي الحكومات والشركات والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والناشطين والشباب والشعوب الأصلية في أنحاء العالم.
وأوضح معالي الدكتور سلطان الجابر تفاصيل أول ركائز خطة "COP28" المتعلقة بتسريع تحقيق انتقال منطقي وعملي وعادل في قطاع الطاقة، مؤكِّدًا ضرورة اتباع نهج شامل ومتكامل يجمع بين جانبَي العرض والطلب في نفس الوقت. وقال: “الخفض التدريجي لاستخدام الوقود التقليدي هو أمر طبيعي ومتوقع، ويجب أن يتم بشكل مسؤول وعملي ومدروس، وهذا يتطلب اتّباع نهج شامل يجمع بين جانبَي العرض والطلب لتحقيق استجابة متكاملة. وعلينا التوقف عن مقارنة انبعاثات النطاق الأول والثاني والثالث، لأنه يجب خفضها جميعًا، وهو ما سيتطلب وضع أسس جديدة تنظم العلاقة بين صانعي السياسات، ومنتجي الطاقة، وكبار المستهلكين الصناعيين. ولهذا السبب، سأدعو وكالة الطاقة الدولية إلى جانب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" لإجراء حوارات متكاملة تضم الحكومات، ومنتجي الطاقة الرئيسيين والقطاعات الصناعية كثيفة الانبعاثات، وسنضع خطة عمل فعالة، قائمة على الحقائق العلمية، تركز على المحافظة على إمكانية تحقيق هدف تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية".
وذكر معاليه أن الركيزة الأولى للخطة تشمل زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة إنتاج الهيدروجين بحلول عام 2030، ودعوة قطاع النفط والغاز إلى ضخ استثمارات كبيرة لدعم إنتاج مصادر الطاقة النظيفة، وتشجيع الدول على تحديث مساهماتها المحددة وطنيًا قبل "COP28" لضمان توافقها مع أهداف اتفاق باريس للمناخ.
وقال معاليه: "علينا استخدام كافة الأدوات المتاحة لخفض الانبعاثات، بما في ذلك التقنيات النووية، وتحسين أنظمة تخزين الطاقة باستخدام البطاريات، وتقنيات التقاط الكربون وإزالته، خاصةً في القطاعات التي يصعب الحد من انبعاثاتها".
وبشأن تفاصيل الركيزة الثانية للخطة المتعلقة بتطوير آليات التمويل المناخي، أوضح معاليه قائلًا: "نحن بحاجة إلى تطوير جذري وشامل لآليات التمويل المناخي مع التركيز بشكل خاص على التنمية الداعمة للعمل المناخي عبر دول الجنوب العالمي لضمان أن تتمكن الدول النامية من الحصول على التمويل المناخي من أجل تحقيق انتقال منطقي وعملي وعادل في قطاع الطاقة".
وأشار إلى أن فريق رئاسة مؤتمر الأطراف "COP28" يعمل مع "صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي" و"تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري" لتعزيز إمكانيات أسواق رأس المال، وتوحيد أسواق الكربون الطوعية، وتحفيز وجذب التمويل من القطاع الخاص ومضاعفته.
وجدد معاليه دعوته المانحين إلى مضاعفة التمويل المخصص للتكيّف بحلول عام 2025 وضمان أن تفي الدول المانحة خلال العام الجاري بالتزامها بتوفير مبلغ الـ 100 مليار دولار من التمويل المناخي الذي تعهدت به، لدعم احتياجات المجتمعات الأكثر تعرضًا لتداعيات تغير المناخ.
وأوضح أن السبيل لتحقيق الركيزة الثالثة المعنية بوضع مسألة حماية الأرواح وتحسين سُبل العيش في صميم العمل المناخي، هو اتّباع نهجٍ يتمحور حول الإنسان، ويركز على الطبيعة والغذاء والصحة والمرونة، على أن يتم في صميم هذا النهج، اعتماد إطار شامل وحاسم للهدف العالمي بشأن التكيّف.
ودعا معاليه جميع الحكومات إلى دمج خططها الوطنية للتطوير الشامل للنظم الغذائية في كلٍ من مساهماتها المحددة وطنيًا، وخططها الوطنية للتكيّف، والمشاركة في أول مؤتمر لوزراء الصحة والمناخ ضمن "COP28"، والذي سيكون أول مؤتمر للأطراف يخصص في برنامجه يومًا للصحة. لافتًا إلى أن فريق رئاسة "COP28" يتعاون حاليًا مع كلٍ من منظمة الصحة العالمية، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، وجمهورية كينيا، والمملكة المتحدة، وجمهورية مصر العربية الشقيقة، وجمهورية البرازيل الاتحادية، وجمهورية فيجي، لتحقيق هذا الهدف من خلال عقد أول اجتماع وزاري للمناخ والصحة في مؤتمر للأطراف.
وانتقل معالي الدكتور سلطان الجابر إلى الركيزة الرابعة للخطة مؤكِّدًا ضرورة احتواء الجميع بشكل كامل في "COP28"، وموضحًا أن المؤتمر سيضم أكبر برنامج لمندوبي الشباب الدولي للمناخ، وجناحًا للشعوب الأصلية، وسيستضيف عددًا كبيرًا من رؤساء البلديات وقادة المجتمعات المَحليّة الذين يقودون العمل المناخي على المستوى المحلي في مجتمعاتهم في مختلف أنحاء العالم.
وفي السياق ذاته، وجه معاليه دعوة مفتوحة إلى صانعي السياسات والنشطاء والمهندسين ورواد الأعمال وكافة شرائح المجتمعات للانضمام إلى "COP28"، وقال: “نحتاج إلى النشطاء كما نحتاج أيضًا إلى "التنفيذيين".. نحتاج إلى وجود الجميع على طاولة المفاوضات ليحصل كلٌ منهم على حقه المشروع في المشاركة برأيه في الحوار وأن يكون مستعدًا للمشاركة في مؤتمر للأطراف يحتوي الجميع بشكل كامل".
وأشار معاليه إلى الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للعمل المناخي، قائلًا: "يجب أن نضمن أمن الطاقة وإمكانية الحصول عليها واستدامتها، بالتزامن مع خلق فرص العمل وتحقيق الازدهار.. إننا بحاجة إلى تحقيق التقدم في كل من العمل المناخي والنمو الاقتصادي بشكل متزامن، دون الحاجة إلى الاختيار والمفاضلة بينهما، وإذا تمت جهود مواجهة التحدي المناخي عبر إجراءات صحيحة وقمنا بتطويرها وتوسيع نطاقها، فإنها ستسهم في خلق فرص اقتصادية كبيرة للجميع، في الشمال والجنوب، وفي الشرق والغرب، ولدينا ثقة بإمكانية تحقيق ذلك، وعلينا اغتنام الفرصة لوضع اقتصاداتنا على المسار الصحيح نحو نموذج جديد للتنمية الاقتصادية المستدامة منخفضة الكربون وعالية النمو".
واختتم معالي الدكتور سلطان الجابر كلمته قائلًا: "لنحرص على التعاون والعمل معًا لكي نغتنم هذه الفرصة للنجاح، ولنحشد جهودنا للتوصل إلى حلول فعّالة ونتائج طموحة، ولنعمل على استعادة الثقة والأمل من خلال توحيد الجهود والعمل الجماعي".