خبير يفجر مفاجأة: الرفات البشرية في قرافة القاهرة مسجلة أثرًا بنص القانون
قال الدكتور محمد حمزة إسماعيل الحداد، أستاذ الآثار والتراث بكلية الآثار جامعة القاهرة والخبير الدولي المعروف، والمشروعات القومية الكبرى هي التي ستعيد إلى مصر رونقها وعظمتها ومجدها ومكانتها التاريخية المعروفة والمرموقة من العالم أجمع، لذا فنحن نكون من السعادة بمكان عندما نرى مشروعًا قوميًا جديدًا يظهر للنور ويتكامل آداؤه، ويتعاظم دوره وهو ما لا يجب أن يتعارض مع تراث مصر مثل ما هو موجود في قرافة القاهرة.
خبير يفجر مفاجأة: الرفات البشرية في قرافة القاهرة مسجلة أثرًا بنص القانون
وأضاف الحداد في تصريحات خاصة إلى الفجر، إن مصر وآثارها وتراثها وتاريخها وحضارتها فوق الجميع والتاريخ خير شاهد على ذلك، وقرافة القاهرة ليست بعيدة عن ذلك، وما ورد في بيان وزارة السياحة والآثار وهو ما أخذ عنه مجلس الوزراء من أنه لم يتم المساس بالمقابر الأثرية أي المسجلة في عداد الآثار يُعد حقًا وواقعًا وهو بالفعل ما يتسق مع القانون رقم 117 لسنة 1983 م وتعديلاته 2010م 2018م و2020م وخاصة في الفقرات1و2 والشطر الأول من الفقرة 3 من المادة الأولى بالقانون من حيث الشكل.
قانون حماية الآثار
ولكن من حيث الموضوع نجد أن الشطر الثاني من الفقرة 3 من المادة الأولى المشار إليها تنص على، «تعتبر رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها في حكم الأثر الذي يتم تسجيله وفقا لأحكام هذا القانون»، وعلى ضوء ذلك فإن هذه المقابر في جبانات القاهرة وقرافتها والتي تقع في محيط أو بجوار المقابر المسجلة والكل يضمهم نسيج عمراني وبيئي وبصري متكامل وما تحويه تلك المقابر غير المسجلة من رفات السلالات البشرية المصرية الخالصة أو التي عاشت على أرض مصر وكانت لها صلة بتاريخها وتراثها المتنوع منذ أكثر من 1400عام تُعد في حكم الأثر الذي يتم تسجيله.
ووفقًا لتلك المادة من القانون فإن المساس بها يُعد مخالفًا لأحكامه؛ إذن البيان غير دقيق هذا من جهة ومن جهة ثانية لماذا لم يتم تسجيل العشرات بل المئات من تلك المقابر حتى ولوكانت لا تحوي على رفات سلالات بشرية وفقًا لأحكام المادة الثانية من القانون لقيمتها التاريخية أو العلمية أو الدينية أو الفنية أو الأدبية وذلك دون التقيد بالحد الزمني الوارد في المادة الأولى وهو 100 سنة من تاريخ صدور القانون وتنفيذه عام 1983م.
وقد طالبت -والكلام للدكتور محمد حمزة إسماعيل الحداد- بذلك عندما كنت عضوًا بمجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، وتشكت بالفعل لجنة لتسجيل الآثار بجبانات القاهرة عام 2015م إلا أنه لم يتم تفعيلها، وعلى ذلك فإن عدم التسجيل يُعد تقصيرًا إداريًا من قبل قيادات المجلس الأعلى للآثار وليس لعدم توافر شروط التسجيل من القيم المتعددة المشار إليها في المادة الثانية بآثار تلك الجبانات أو قرافات القاهرة وهي التي تمت دراستها وتوثيقها وتسجيلها على مستوى رسائل الماجستير والدكتوراه بجامعة القاهرة والجامعات الأخرى وقد اوصت جميعها بتسجيلها رسميا في عداد الآثار وفقالأحكام القانون وهو مالم يحدث.
والجبانات أو قرافات القاهرة مسجلة ضمن القاهرة التاريخية على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1979م وعلى قائمة التراث الإسلامي بالايسيسكو منذ 2019م؛ ومسجلة على قائمة التراث المعماري والطابع المتميز بالجهاز القومي للتنسيق الحضاري وفقا لأحكام القانون 144لسنة2006م.
وتابع الحداد، الدستور المصري نص صراحةً على التزام الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية بروافدها والحضارية المتنوعة (المادة47) وتنص المادة 50 من الدستور على أن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى المصرية القديمة والقبطية والإسلامية ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته والاعتداء على أي من ذلك هو جريمة يُعاقب عليها القانون.
وكذلك المادة 49 تنص على حماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وترميمها والاعتداء عليها والاتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم؛ ويدخل في نطاق هذه المادة الشطر الثاني من الققرة الثالثة من المادة الأولى بفانون حماية الآثار وهي المتعلقة برفات السلالات البشرية وإنه ا في حكم الأثر الذي يتم تسجيله وعلى ضوء ماتقدم فبيان الوزارة ناقص وغير دقيق وينم عن عدم دراية بكافة فقرات مواد القانون واستيعاب مفرداتها.
وناشد الدكتور محمد خمزة الحداد الرئيس عبد الفتاح السيسي باستحداث قانون الآثار والتراث الموحد الذي نادينا به من قبل حفاظا على أثارنا وتراثنا من خلال قانون واحد وجهة إدارية واحدة مسؤولة؛ كما نناشد سيادتة بضرورة تشكيل لجنة عليا أو مجلس استشاري أعلى للآثار والسياحة تحت إشراف فخامته أو دولة رئيس الوزراء مكون من العلماء والخبراء من غير المتعاونين مع الجهات ذات الصلة لدراسة أي مشروع في هذا المجال وتقديم رؤية كاملة وشاملة حوله من كافة الجوانب، بما في ذلك طرح الحلول والبدائل إذا ما كانت هناك مشكلات تعترض تنفيذه؛ وما ذلك إلا من أجل تحقيق التوازن بين مطالب العمران والتنمية السياحية المستدامة وبين تلك الثروة الثقافية التي يجب الإبقاء والحفاظ عليها فالتراث والثقافة هما معيار الذات وإثبات الخصوصية، ومن ثم لا بد أن نكون ونظل ونستمر في مستوى مصريتنا بالنسبة للذات وفي مستوى عصرنا بالنسبة للأخر، وحفظ الله مصر أرضا وشعبا وهوية وقيادة وجيشا وشرطة وعلماءً وتاريخًا وأثارًا وحضارة وثقافة وتراثًا ماديًا ومعنويًا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.