تعرف على المؤتمن شمس الرياسة أبو البركات أشهر علماء الأقباط

أقباط وكنائس

الكنيسة
الكنيسة

أحيَّ الأقباط مؤخرًا ذكرى المؤتمن شمس الرياسة أبو البركات، أحد علماء الكنيسة، وعلى خلفية الاحتفالات قال القمص اثناسيوس فهمي جورج، مدير مدرسة تيرانس للعلوم اللاهوتية، بمحافظة الإسكندرية، في تدوينة له إن قصة كنيستنا القبطية غاية في العجب؛ أشبه بإنسياب مياه النيل؛ فكما ينساب النهر هكذا تنساب قصة الكنيسة عبر الأجيال؛ من جيل وإلى جيل وإلى دهر الدهور كلها.. في وحدة الروح القدس الحال فيها والمؤازر لها (الرب المحيي)؛ يُلهم ويقود ويقوي أعضاءها ليقوموا ويستنيروا بنور المسيح إلهنا.. نور العالم كله؛ لتمتد وتستمر بلا توقف منذ بداياتها إلى ما لا نهاية له.
وتجيء اليوم ذكرى مرور 696 سنة على نياحة العالم الجليل والشيخ اللاهوتي القس شمس الرئاسة؛ الذي كان شعلة نور وتنوير في أيامه؛ وسط عصور قاحلة.. كان من رجال القرن الثالث عشر؛ وكان كاتبًا للسلطان بيبرس الدويدار؛ إلا أنه تحت وطأة الاضطهاد ترك خدمة السلطان؛ ثم سِيم كاهنًا لكنيسة السيدة العذراء الشهيرة بالمعلقة؛ والتي كانت مقرًا للكرسي البابوي في ذلك الزمان.
تلقى تعليمه الأول في الكتاتيب القبطية؛ وانخرط في سلك الدولة حتى وصل إلى منصب كاتب الأمير.. فهو ابن لرجل ذو مال وجاه يدعي "الشيخ الاكمل الاسعد "الذي كان يملك دارا فسيحة في مصر القديمة، في درب يسمي درب ابن كبر". تخصص في دراسة الأدوية والعقاقير والعطور؛ وبرع في الفلسفة وفي دراسة كتب البيعة المقدسة بإستفاضة؛ لذلك كان مقربًا من الباباوات المعاصرين له؛ لا سيما البابا يؤنس الثامن البطريرك الثمانين.. وعندما تكاثفت الغيوم وضباب الاضطهاد والاستبعاد جاء أمر السلطان الملك الأشرف خليل بن الملك المنصور قلاوون بعدم إشراك المسيحيين في إدارة الدولة؛ عندها اعتزل أبو البركاتوتفرغ كلية لدراسة علوم البيعة اللاهوتية، حتي صار من اشهر العلماء الاقباط الموسوعيون في جيله (القرن الرابع عشر الميلادي).
أُختير سنة ١٣٠٠م كاهنًا للكنيسة المعلقة مقر البطريركية آنذاك؛ وكان قمة في زمانه متفردًا بالبحث والتعمق الذي سد به نقص من سبقوه من معاصريه؛ والذي جعل مؤلفاته باقية وفاعلة ومشهورة إلى يومنا هذا، فقد ألف باللغات اليونانية والعبرية والسريانية؛ وكان صاحب ريادة وله السبق في وضع دراسات متخصصة صارت مراجع لا بد من الرجوع إليها حتى زماننا هذا.. فقدم كتبًا مرجعية ذات طابع موسوعي في الطقوس والعقيدة والتاريخ، وصار علمًا ومصلحًا ومحافظًا ومدافعًا عن تقليد الكنيسة وتراثها الثمين.
وبذلك امتدت رعايته لتشمل الأجيال الآتية من بعده؛ لما قدمه من مراجع أساسية للباحثين.. فهو أول من كتب عن (الميرون المقدس) وصفه ومواده وقيمته وكيفية طبخه. كذلك تعتبر موسوعته اللاهوتية (مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة) سفرًا عظيمًا اشتمل على جملة من القوانين والمجامع وأخبار الرسل والتلاميذ والدروس الطقسية والتاريخية والروحية.. كذلك كتب عن (الخُطب) الخاصة بالأعياد والسير والمناسبات الكنسية.
فقد صارت مؤلفاته فكرًا لاهوتيًا تتغذى عليه الأجيال؛ ووضعته في قائمة علماء ومؤرخي الكنيسة اللاهوتيين الأفاضل.. 
وإجمالًا اشتهر بكتبه الستة: 
١– الميرون. ٢- جلاء العقول في علم الأصول؛ الملقب بكشف الأسرار الخفية في أسباب المسيحية؛ ويتضمن ١٨ فصلًا في وحدانية الله والتثليث والتجسد الإلهي (توجد نسخة بمكتبة الفاتيكان وأخرى بدمشق). ٣- مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة؛ وهو يمثل درة لاهوتية وموسوعة كنسية؛ توجد منه نسخة في كل من مكتبة الفاتيكان ومكتبة برلين والمكتبة الأهلية بباريس. ٤- البيان الأظهر في الرد على من يقول بالقضاء والقدر. ٥- الخطب حول الأعياد والمواسم الكنسية. ٦- السُلم الكبير قاموس في اللغة القبطية الذي طُبع في روما عام ١٦٤٣م؛ ونُشر بالقبطية واللاتينية والعربية؛ ويعتبر من أنفس الكتب في اللغة القبطية.
تنيح هذا العالم الجليل القس شمس الرئاسة في ١٥ بشنس ١٠٤٠ ش؛ ١٠ مايو 1324م أي منذ 696 سنة؛ وقد عاصر في حياته ثلاثة من الاباء البطاركة (البابا ثيودوسيوس الثاني ٧٩، والبابا يؤانس الثامن ٨٠، والبابا يؤانس التاسع. ٨١) لكن ذكره سيبقى إلى الأبد؛ وإن مات فهو لازال يتكلم بعد.في علمه وابحاثه واشعاره ومرثياته. ومعاجمه التي حوتها. مكتبات المعارف والمخطوطات. في الاديار والمتاحف العالمية، وهو قد سبق وذكر إنه استعان بالله ابي الانوار ومنير الابصار والذي يصلح وحده الخطا والزلل، فله وحده الكمال.