"اسمها مُضر بالصحة".. حكاية أطول عمارة وبنائها

"بلمونت".. كان اسم أطول سيجارة في القرن الماضي، وارتبط هذا الاسم بأحد المباني في حي جاردن سيتي في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ، وتحديدًا في عام 1955 ، نظرًا لارتفاعه العالي ، والذي وصل إلى 35 طابقا ، مما أدى إلى أزمة في مكان يعرف آنذاك بالقاهرة.

القصة تبدأ بفكرة مجنونة

في أوائل الخمسينيات من القرن  الماضي، لم تكن هناك مبانٍ يزد ارتفاعها عن 12 طابقًا في القاهرة، حث لم تكن   هناك في ذلك الوقت تقنيه حديثة لبناء ابراج ناطحات السحب  و لم يجرؤ أحد  على نصبها علي أرض طينية بالقاهرة.

وكان قرار بناء مبنى بهذا الشكل يدخل في نطاق الجنون، خاصة مع المعوقات التي وقفت أمام هذه  الفكرة.

الإصرار على خوض التحدي

كانت العمارة مملوكة لشخصين، هما حرم ثابت ثابت وسمير زلزل  ، وأوكلا تنفيذها للمهندس المصرى نعوم شبيب، الذي صمم ونفذ برج القاهرة، وكان لا يزال في مرحلة الإنشاء في ذلك الوقت.

المهندس نعوم شبيب 

وقرر الثلاثي تحدي كل المخاوف للخروج بالعمارة في أفضل صورة، حيث جمع الثلاثي حلم دخول التاريخ بأكبر مبنى في مصر.

اقرأ أيضًا.. البهنسا متحف مفتوح 

هجوم على المبنى

وأصروا جميعًا على استكمال المبنى وكان   الهجوم عليهم بشدة في الصحف  في هذا الوقت، حيث أبدى المعماري الشهير ميشيل باخوم تحفظه على التصميم، وحذر السكان من خطر الزلازل وتأثير الرياح على المبنى.

وصرح المهندس فايز رياض، مدير مرفق المياه، بأن شبكة المياه في القاهرة لا تستطيع أن تصل بالمياه إلى السكان في الأدوار العليا، وكان وقتها الاعتماد على نظام ضغط المياه وليس الطلمبات،وأصدرت الحمايه المدنيه أنه لا يمكن إنقاذ السكان وقت الحريق حيث لم يكن لديهم سلالم بهذا الطول لأن المبنى مرتفع للغاية. غير مسؤول إذا اندلع حريق في المبنى وتعذر إخماده،مخاوف زيادة الطلب على الهندسة المعمارية، لأن أي رفض مرغوب فيه، ورغم هجوم شبه منظم إلا أنه لم يمنع الناس من الاستقرار داخل المبنى.

بدأ العمل في المبنى

وفي ديسمبر 1955 وبعد ثلاثة أشهر تم وضع حجر الأساس، والذي يجب أن يكون جاهزًا للبناء في يوليو من نفس العام كأطول مبنى في مصر وافريقيا 

تكلفته ضخمة

وتعد تكلفة العمارة ٣٠٠ ألف جنيه، وهو مبلغ ضخم جدا في ذاك الوقت، وضم الدور شقتين، وبلغ إيجار الشقة 30 جنيها بالشهر، وكان هذا المبلغ كبيرًا  جدا في هذا الوقت.

وكان من أشهر سكان العمارة الفنان محمد فوزي، وعرفت العمارة بعد ذلك بعمارة بلمونت نسبة إلى إعلان سجائر بلمونت الذي كان أعلاها.

ولا تزال العمارة قائمة في مكانها بحي جاردن سيتي حتى الآن، واستطاعت أن تتحدى كل الانتقادات والمخاوف والتحذيرات، وكان الصمود هو عنوانها الحقيقي.