قصص سورة الكهف بالتفصيل

إسلاميات

سورة الكهف
سورة الكهف

من فضائل سورة الكهف، أن قراءتها كلها أو قراءة آيات منها سبب في العصمة من فتنة الدجال، وسببٌ لتنزّل السكينة، كما أن قراءتها تجعل لصاحبها نورًا يُضيء له ما بين الجمعتين.

أصحاب الكهف 

قصة أصحاب الكهف

أهل الكهف هم مجموعة من الفتيان لجأوا إلى كهفٍ خوفًا على أنفسهم من الفتنة في دينهم حين رأوا ما عليه قومهم من عبادة الأصنام والأوثان في يوم عيدٍ لهم، ففتح الله على بصيرة الفتيان، وأيقنوا في قرارة أنفسهم أنّ ما عليه قومهم باطلٌ، فتركوا ما عليه قومهم إلى توحيد الله عزّ وجلّ، ولجأوا إلى دعاء الله -تعالى- قائلين: (رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا).

وناموا في الغار ثلاثمئة وتسع سنوات، وتولّى الله حفظهم وكان يقلّبهم يمنةً ويسرةً؛ لئلا تأكل الأرض من أجسادهم، وكانوا في مكانٍ واسعٍ في الغار؛ ليصل الهواء إليهم فلا تبلى أجسادهم بانعدامه، وحين أفاقوا من نومهم كان قولهم: (قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف)، فلم يعلموا حقيقة أمرهم ولا الزمان الذي هم فيه.

فبعثوا أحدهم بالدراهم التي كانت معهم لشراء بعض الطعام من المدينة التي كانوا فيها مع حرصه على ألّا يلفت نظر أحدٍ ممّن حوله؛ حتى لا يفتنوهم عن دينهم، لكن أراد الله -تعالى- بأن يعلم الناس بأمرهم لتقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق، أمّا عدد الفتية فلا تتحقّق أي أهميةٍ بمعرفته، ولذلك قال سبحانه: (قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا).

اقرأ أيضًا.. نور بين الجمعتين.. سورة الكهف مكتوبة

قصة صاحب الجنتين

 وتستعرض بوابه الفجر الإلكترونية، قصة صاحب الجنتين هي القصة الثانية الواردة في سورة الكهف بعد قصة أصحاب الكهف، وقد بيّنت القصة ما حدث بين رجلين أحدهما مؤمنٌ والآخر كافرٌ، وكان الرجل المؤمن قليل الرزق والمال إلّا أنّه كان راضيًا بقضاء الله وقدره، أمّا الكافر فقد منحه الله مزرعتين، وبسط له في الرزق ومتاع الحياة الدنيا.

وما ذلك إلّا ابتلاءً واختبارًا من الله له، فأُعجب الكافر بما آتاه الله، وتكبّر على الآخرين، واعتزّ بنفسه وبما يملك، وظنّ أنّ المزرعتين أبديّتان لن تهلكا أبدًا، فما كان من صاحبه المؤمن إلّا أن ذكّره بالله تعالى، ودعاه إلى شُكر الله والإيمان به، فرفض الكافر دعوة صاحبه المؤمن، يقول المؤمن لصاحبه: (أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا*لـكِنّا هُوَ اللَّـهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا)، فعاقب الله -تعالى- الكافر جزاء تكبّره وعناده بإحراق المزرعتين، وندم بعد ذلك على عدم استجابته لدعوة صاحبه المؤمن.

سورة الكهف 

قصة آدم وإبليس

وقال الله -تعالى- في سورة الكهف: (وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا*ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلا خَلقَ أَنفُسِهِم وَما كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلّينَ عَضُدًا).

فقد حذّر الله -تعالى- عباده من اتّباع أوامر الشيطان وسلوك طريقه وهو الذي تكبّر ورفض أمر الله له بالسجود لآدم -عليه السلام- تشريفًا وتكريمًا له، ثم بيّن الله -تعالى- كمال قدرته وحده في خلق السماوات والأرض.

قصة موسى مع الخضر

وعلم موسى -عليه السلام- أنّ هناك رجلًا من عباد الله في مجمع البحرين* آتاه الله من العلم ما لم يؤته لموسى، فأراد موسى -عليه السلام- أن يرحل إليه، وقد اختلفت الروايات في تحديد المكان بعينه، فطلب موسى من الله أن يلقى الخضر، فأجابه الله وأمره أن يأخذ معه حوتًا، وأخبره بأنّ موضع فَقْد الحوت هو مكان الخضر، فانطلق موسى ومعه يوشع بن نون، وطلب موسى من يوشع أن يخبره عن المكان الذي يفارقهم فيه الحوت، فنام موسى حينما وصل إلى الصخرة عند مجمع البحرين، وفي الوقت ذاته فارقهم الحوت ولم يوقظ يوشع موسى، ولمّا أفاق موسى نسي يوشع أن يخبره بأمر الحوت، فرجعا باتّباع آثار أقدامهما ليصلا إلى المكان الذي فقدا فيه الحوت، ولقي موسى الخضر فطلب منه أن يصحبه ليتعلّم منه، فردّ عليه الخضر بأنّه لن يملك الصبر على ما سيشاهده منه في القيام بأفعالٍ لا تتفق مع شريعته.

القرآن الكريم 

فكلٌ من موسى والخضر علّمهما الله علمًا مختلفًا عن علم الآخر، فأخبر الخضر موسى أن يصبر على ما سيشاهده، وعلّق موسى صبره على مشيئة الله تعالى، وما ذلك إلّا لشدّة حرصه على طلب العلم.

واشترط الخضر على موسى ألّا يسأله عن شيءٍ حتى يُخبره هو بنفسه، فلمّا انطلقا خرق الخضر السفينة فاعترض موسى على ذلك، فذكّره الخضر بشرطه، وحين وصلا إلى الساحل قتل الخضر غلامًا، فكان اعتراض موسى على ذلك كبيرًا، فذكّره الخضر بأنّه أخبره من البداية بأنّه لن يستطيع على الصبر، فوعده موسى بأن يلتزم بالشرط، وبعد ذلك وصلا إلى قريةٍ وطلبا من أهلها الطعام فرفضوا أن يقدّموا لهما طعامًا، ووجدا في القرية جدارًا على وشك الانهيار فرفعه الخضر، فقال له موسى لا بدّ أن تحصّل منهم الأجر لشراء الطعام، فكان هذا الاعتراض هو الفراق بين موسى والخضر.

وقبل أن يفارقه أخبره بالحكمة من كلّ فعلٍ قام به، فخرق الخضر السفينة لأنّها كانت لمساكين يعملون عليها وكان هناك مَلكٌ ظالمٌ يستولي على جميع السفن الجيّدة، أمّا الغلام فقتله حتى لا يعذّب والداه؛ لأنّه سيكون كافرًا وأبواه مؤمنين، وأمّا الجدار فكان تحته كنزٌ مدفونٌ لغلامين يتيمين في المدينة، فأقامه لكي يحفظ لهما كنزها ويستخرجانه حين يُحسنا التصرّف فيه، وأخبر الخضر موسى أنّ كلّ ما فعله كان بأمرٍ من الله وليس من رأيه.

قصة ذي القرنين 

هذه القصة هي القصة الخامسة من القصص الواردة في سورة الكهف، وفيها أنّ ذا القرنين من الذين مكّنهم الله -تعالى- في الأرض، وأعطاه من الأسباب ما يُعينه على الوصول إلى أقطار الأرض، إلّا أنّ هذه الأسباب لم يذكرها الله في كتابه ولم يذكرها الرسول في سنّته، فقد وصل فيما أعطاه الله إلى موضع غروب الشمس ورآها بأُمّ عينه، ولم يكن بينه وبين الشمس إلّا الماء، ووجد عندها قومًا كافرين؛ وقد خيّره الله بين تعذيبهم والإحسان إليهم، فقال: (قُلنا يا ذَا القَرنَينِ إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا).

فقسّمهم ذو القرنين إلى قسمين؛ الكافر منهم ينال عقوبته في الدنيا والآخرة، والمؤمن منهم يُحسن له في الدنيا وتكون له الجنة في الآخرة، ثمّ أراد ذو القرنين العودة إلى موضع شروق الشمس، فوجد هناك أناسًا لم يكن لهم سترًا من الشمس، وذلك لأن الشمس دائمة عندهم فلا تغرب، أو لعدم وجود مساكن لهم.

ثمّ توجّه إلى الشمال فوجد سدّين قد أُقيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج، ووجد من دون السدين قومًا لا يفقهون قوله، ومع ذلك فقد منحه الله القدرة على أن يفقه ما يتكلّمون به، فاشتكوا إليه من فساد يأجوج ومأجوج، وطلبوا منه أن يُقيم سدًا بينهم على أن يعينوه ويدفعوا له الأجر، فأقام لهم سدًّا قويًا مانعًا ورفض الأجر، ثمّ توجّه إلى الله بشكره والثناء عليه وأعاد الفضل له.