الدكتور علاء بلبع يكتب البريق الأكاديمي وجوهر التنمية المستدامة
في مزيج إنساني فريد وغير مألوف؛ يأتي الأستاذ الجامعي القادر على الجمع بين تفوقه العلمي وبين نشاطه المجتمعي ومبادراته الإنسانية الهادفة ؛ فهو شخص اعتاد منذ التحاقه بكليته؛ مرورًا بتخرجة وتدرجه في المناصب المهنية والبحثية على تحمل المسئوليات، وتأديتها على الوجه الأمثل، إلى جانب الالتزام بالأعمال التطوعية والخيرية القادرة على بلوغ رفاهية المجتمع وتنميته المستدامة، وتوفير مناخ نفسي مناسب؛ ينمي لدى الأكاديمي محفزات الأمل والتفاؤل، والمرونة، والكفاءة الذاتية؛ فيما يعرف برأس المال النفسي الإيجابي.
والأكاديمي ذو البريق الإنساني هو البارع في تحقيق المعادلة الصعبة بتوازن فائق الجودة؛ يلبي متطلبات الالتزام بالمهام التدريسية اليومية داخل صروح وأروقة الجامعات والمراكز البحثية من جانب، وبين إعداد البحوث والكتب العلمية لأغراض التدريس، أوالترقية، أو الاستزادة المعرفية العامة من جانب آخر، على نحو مواز من تقديم أوجه العرفان والعمل النبيل نحو مجتمعه ووطنه الذي احتضنه؛ كي ينمو بين ربوعه.
ورغم صعوبة المعادلة وما تحمله بين طياتها من تحديات وصعوبات على مختلف الأصعدة؛ إلا أن شخصية الباحث الجامعي هي الأجدر على بلوغها وإدراك ثنايا تفاصيلها الدقيقة؛ ولم لا؟! فهو الشخص الذي ينظر له الجميع علي أنه المثل الأعلى والقدوة التي ينبغي الاقتداء بها في كل شيء؛ في مظهره، وتصرفاته، وأسلوب حديثه، وطرق تفاوضه وإقناعه؛ في مزيج إنساني فريد؛ يجمع بين سمات الهدوء، والمرونة، والرزانة، والثقة بالنفس، والتي لا تخلو من روح الود والألفة، بل قل من حزم وصرامة محسوبة؛ دون تعصب أو انفعال، تعاطف ولين؛ بلا ذلة أو انكسار.
وإن أردت الاقتراب أكثر من التركيبة الشخصية للأكاديمي المحب للعمل التطوعي، فألخص لك الأمر في كونه الشخص الذي نشأ منذ نعومة أظافره على فلسفة حب التميز عن الآخرين، والتحليق بعيدًا عن سرب القولبة والتنميط، والهروب من الدوائر الفكرية المغلقة إلى عالم الابتكار والإبداع؛ متخذًا من عقيدته الإيمانية الراسخة، وأخلاقه الرياضية؛ كالشجاعة والإقدام الممزوج بالتواضع، والشهامة وسيلة لتقديم أفكاره البناءة، والسعي قدمًا نحو بلوغ آليات تطبيقها، فهدفه الأسمى ليس مجرد تحويل النماذج النظرية المجردة لتكنيكات علمية، بل إضفاء اللمسة الإبداعية على كلا المنتجين العلمي والرياضي؛ سواء كان بحثًا أو كتابًا أو تطبيقًا عمليًا؛ أو انتصارًا رياضيًا بلعبته المفضلة.
والأكاديمي رائد العمل المجتمعي هو المبتكر الذي يقرأ أكثر مما يكتب، وينصت أكثر مما يتحدث؛ ويتدرب أكثر مما يسكن، يترفع دومًا عن صغائر الأمور التي تحول دون الانتظام في الانغماس بمبادراته وبرامجه التنموية وكذا البحثية؛ سلاحه كامن في أدواته البحثية وذكائه الاجتماعي متنامي العلاقات التي تشبع رغباته اللامتناهية في بلوغ غاياته التنموية التي ينطلق منها نحو بلوغ آفاقه العلمية والبحثية.