حامد بدر يكتب: الإعلام الرقمي.. كيف يتنامى المفهوم؟
صار الإعلام الرقمي ظاهرة ضخمة وهائلة، فكما انبثقت عنها الكثير من الإيجابيات زادت إشكالياتها، في تنامٍ متسارع، فعلى كل الأطراف صار الإعلام الرقمي محور المعلوماتية والمعرفة اليومية لدى المستخدمين، فيظل اعتماد 5 مليار على شبمة الإنترنت حول العالم.
خلال المؤتمر العلمي الدولي لكلية الإعلام جامعة الأزهر، والذ كان تحت عنوان "الإعلام الرقمي وإدارة الأزمات" أكَّد الدكتور عادل فهمي، أستاذ الإذاعة والتليفزيون بجامعة القاهرة، والعميد الأسبق للمعهد العالي للإعلام أكتوبر، أنَّ كثيرًا من الإشكاليات البحثية في دراسة الإعلام الجديد ليست محلّ نظر في كثير من البحوث العلمية، فالادوات البحثية لم تعد صالحة لدراسة الإعلام الجديد، فذاتها المستخدمة منذ ٤٠ عامًا مع وسائ الاتصال التقليدي، مشيرًا لأنَّ نظريات الإعلام الحالية لم تستطع تفسير هذه الظاهرة.
جاءت كلمة الأستاذ الدكتور كصحوة داخل المحفل العلمي، الذي ضمَّ عددًا من شباب الباحثين من مصر وداخل الوطن العربي قارب الخمسين باحثًا، والذين قدوموا بحوثا تتحدى فكرة الرهبة من الإعلام الرقمي وما تولَّد من رحمه كتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
أين علاقة التكنولوحيا بالإنسان داخل البحوث العلمية؟
بدت الفكرة صادمة داخل المؤتمر، لكنها كانت واقعية جدًا، فما أوجه دراسة هذه العلاقة، في ظل أدوات قديمة ومقاييس ربما ليست في صالح الإعلام الرقمي، هنا كانت فكرة أشار إليها فكيف بمعزلٍ عن عوامل الزمان والمكان وتقريب المسافات، وتشابكات الظاهرة مع غيرها، فصارت محورًا داخل السياسة، والاقتصاد، والمشكلات الاجتماعية، بل والدينية والإيديولجية، والأجندات الموجَّهة.
قال الكاتب الكندي مارشال ماكلوهان، صاحب عبارة "العالم قرية صغير"، إن الشعوب تنصهر في بوتقة واحدة، وتشارك بشكل عميق في حياة الآخرين. والنتيجة القضاء على الفردية والقومية، ونمو مجتمع عالمي جديد. ولكن اليوم هذا الانصهار يُراد له الاستفادة بشكل ليس متبلورًا بشكل كامل أمام المتخصصين، وبالتالي لا يدركه عوام المستخدمين على نحو ظاهر.
الإعلام الرقمي.. كيف يفهمه المستخدمون؟
الواقع إنَّ مصطلحات مثل إعلام الإنترنت والإعلام الجديد وإعلام الفيس بوك، لم تعد مصطلحات دارجة كثيرًا حاليًا أو مستقبلًاا في البحوث العملية، وبالتالي فالمستخدمون صاروا على نوع آخر من فهم هذه الوسائل، فالإنترنت الذي قارب فترة انتشاره بيننا حوال ثلاثين عمًا، ها هو يتحوَّل نحو مفهوم آخر وشكلًا آخر في الاستخدام، وهذا كان واضحًا خلال عقدين ماضيين وأكثر، كما بدا في الانتخابات الامريكية عام 2008، والربيع العربية منذ 2011، ووتطورت حتى تجلّت في مفهوم قوة السوشيال ميديا The power Social Media.
إن التطور الهائل المعروض علينا والذي نحن في طريق التعامل معه، والذي يشهد أكثر مراحله تقدمًا وتقنية، كتكنولجيا الذكاء الاصطناعي، لهو دعوة حقيقية للنظر في فكرة كيف يفهم المستخدمون الإعلام الرقمي، وهل تنحصر الفكرة برُمَّتِها في مجرَّد أدوات مثل CHTGPT أو غيرها من تطبيقات مشابهة ومنافسه له مثل جوجل Bard على نموذج الذكاء الاصطناعي اللغوي LaMDA، والذي قد تمَّ الإعلان عنه منذ 2021.
يقول الخبراء حول العالم أنَّ فكرة الدردشة مع روبوت ليست وليدة اللحظة، فأنت تفعل ذلك كثيرًا من خلال خدمات الندء الآلي، وخدمات الرد السريع على الاستفسارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو داخل بعض المحال الخدمية، وإن كان الموضوع بشكل مبسط ومن خلال تغذية الآلة بمعلومات بسيطة ومحدودة؛ تحقيقًا لخدمة أفضل للعملاء.
يضعونه في مصاف الخطورة
يضع الكثيرون من العلماء الإعلام الرقمي في مصاف الخطورة، كتلك الفكرة التي دعَّمتها سنيما الخيال العلمي، بأن الروبوت سوف يحكم العالم، ولكن الحقيقة أنَّ منشأ الأفكار الحقيقي لازال محصورًا في ما تفاجئنا به خوارزميات الآلة، التي من خلالها ستساعدنا في اختيار العديد من المعروضات.
القليل من يتعامل مع الأمر بهدأة في التناول، فالإعلام الجديد لن يلغي ما قبله، ولكن ربما تزداد الاعتمادية عليه، وهنا لن تكون الخطورة بقدر ما تكون طريقة جديدة في التفكير والإنتاج، فالبحث على الإنترنت ليس ذاته البحث عبر الكتب والمجلَّدات الذي لا زلنا نلجأ إليه في اروقة المكتبات.
إنّ طريق استغلال المصدر أول ما يطرأ بسببه من تغييرات أسلوب وطريق الاستخدام، ومن ثمَّ قد يكون ذلك دعوى لسطحية أكثر في تداول المعلومات، لكن المدركات أو الصورة المتوقعة من الإعلام الرقمي، ليست سوى ظواهر، يتحدى تطورها حدود التفكير البشري اللّحظي، وهذا يتوقف على شكل الاعتماد Dependency.
قد يطول الشرح والحديث والسرد حول الإعلام الرقمي وولائده، وما هو المنتظر من أن يقدِّمه لنا هذا التطور الرهيب، إلَّا أنَّ حسم الفكرة مؤقتًا يأتي في مستوى فقرة واحدة، تحسم تنامي وتطوُّر هذا المفهوم لدى المختصين والمستخدمين على حدٍّ سواء:
"الإبداع ليس له نهاية ما دامت العقول تفكِّر والأيادي تنتج".