أسير مَضرب عن الطعام.. من هو خضر عدنان الذي توفى في سجون الاحتلال؟
أعلنت وسائل الإعلام الفلسطينية عن وفاة الشيخ خضر عدنان، وذلك بعد الإضراب عن الطعام للمرّة السادسة خلال السنوات الأخيرة، وأطولها، والتي امتدّت لستة وثمانين يوما.
ومن هنا قامت بوابة الفجر الالكترونية باستعراض كافة التفاصيل حول الشيخ خضر عدنان.
من هو خضر عدنان ؟
هو خضر عدنان محمد موسى من مواليد 24 مارس 1978 في مدينة عرابة، اعتقل يوم 17 ديسمبر 2011 وسجن بمركز تحقيق سجن الجلمة. وهي المرة الثامنة على التوالي التي يتعرض فيها للاعتقال، حيث قضى فترات اعتقاله ما بين الاعتقال الإداري والحكم. وفي عام 2005 خاض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام لمدة 12 يومًا نتيجة وضعه في عزل سجن كفار يونا ولم يوقف إضرابه إلا بعد أن رضخت إدارة السجن لمطلبه المتمثل بنقله إلى أقسام الأسرى العادية.
قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الثلاثاء 21 فبراير إطلاق سراحه في أبريل 2012 بعد تدهور حالة الأسير الصحية جراء إضرابه عن الطعام والذي بدأه منذ أكثر من شهرين، أنهى عدنان على إثرها إضرابه عن الطعام، يجدر بذكر ان خضر عدنان قيادي بارز في حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية.
في عام 2015، شكل إضراب خضر عدنان عن الطعام لمدة 56 يوما، بدأه في 8 أيار 2015، ضغطا على السلطات الإسرائيلية للإفراج عنه والتعهد بعدم اعتقاله إداريا.
قاد عدنان هذا الاضراب احتجاجًا على اعتقاله إداريا في 8 أيلول 2014مدة 6 أشهر. وعلى الرغم من من قرار محكمة سالم الاحتلالية بإطلاق سراحه فورا في تشرين الأول 2014، اعترض المحكمة النيابية القرار لعدم استكماله محكوميته. جددت المحكمة اعتقاله في كانون الثاني 2015 ومرة أخرى في أيار من نفس العام لمدة 4 أشهر.
اعتقال خضر عدنان
رفض خضر عدنان حضور مقابلة مع المخابرات الإسرائيلية أبلغ بها في أبريل من العام 2011، الأمر الذي يشكل تحديًا ورفضًا للسياسة إسرائيل، برر خضر موقفه أمام محامي مؤسسة الضمير:
«" أنا ولدت حرًا ولن أذهب إلى السجن طواعية واحتجاز حريتي واعتقالي هو اعتداء على هويتي".»
اقتحام بيته
بتمام الساعة الثالثة والنصف فجرًا يوم 17 ديسمبر 2011، بعد أن اقتحمت قوة كبيرة من قوات جيش الاحتلال منزله الكائن في بلدة عرابة – قضاء مدينة جنين بطريقة همجية ودمرت ممتلكات خاصة وكما قامت قوات الاحتلال بإجبار سائق سيارة لبيع الخضار من البلدة بالسير في مقدمة القوة المقتحمة كدرع بشري وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين.
أرغم الجنود بائع الخضار (م.ص) على طرق باب المنزل حيث يعيش خضر في عمارة سكنية مع عائلته، لمعرفتهم بعلاقته الطيبة مع والد المعتقل خضر حيث كان بائع الخضار يمر يوميًا على المنزل ليصطحبه إلى السوق.
ما أن دخلت القوة إلى داخل المنزل حتى أخذت تدب الفزع والرعب في قلوب طفلتيه وأهل البيت بالصراخ والترهيب والتكسير، وعند خروج خضر ومشاهدتهم له قاموا بالانقضاض عليه فورًا متعمدين الاعتداء عليه في محاولة لامتهان كرامته أمام ناظري طفلتيه الكبرى تبلغ من العمر أربع سنوات ورضيعة أطفأت شمعتها الأولى قبل شهرين من اعتقال والدها.
بعد نصف ساعة من عملية الاقتحام قام الجنود بإخراج خضر عدنان من منزله تحت تهديد السلاح مكبلًا اليدين بمرابط بلاستيكية خلف ظهره، ومعصوب العينين سار به الجنود قرابة عشر دقائق إلى أن وصلوا إلى الحافلات العسكرية التي تقلهم وكانت بانتظارهم.
وما أن بلغوا الحافلات العسكرية حتى ألقوا به على ظهره، وانهالوا عليه بالصفع والركل على رأسه ووجهه لمدة ربع ساعة حتى وصلت الحافلات إلى مستعمرة «دوتان» وهناك قام الجنود برطم رأس خضر وهو مكبل ومعصوب العينين بجدار مما تسبب له بجرح في الوجه والفم.
التحقيق مع خضر عدنان
تعرض السيد خضر عدنان للتحقيق في مركز تحقيق الجلمة وهناك احتجزوه مقيد اليدين حتى الساعة الثامنة والنصف صباحًا على الرغم من اعتقاله الساعة الثالثة والنصف فجرًا.
«كان التحقيق متواصلًا على مدار أيام الأسبوع ما عدا يوم الاثنين وأستمر لمدة عشرة أيام وكان التحقيق مرتين باليوم كل جلسة 3 ساعات تقريبًا وكنت مقيد اليدين للخلف على كرسي ظهره منحني إلى الوراء أكثر من العادة، وكنت أحس بألم شديد بالظهر وكانوا يتركوني مقيد ويخرجون من الغرفة لنصف ساعة أو أكثر أحيانًا.»
«استمرت الشتائم طوال أيام التحقيق، وكانت جلسات من الصراخ الشديد من عدة محققين في وقت واحد. وفي الأسبوع الثاني قام أحد المحققين بشدي من لحيتي وقلع شعر منها ما سبب لي ألمًا شديدًا. وهذا المحقق نفسه أخذ غبار من أسفل حذائه ومسح به شاربي لإهانتي. وأخذ المحققون يقولون أنني دون كرامة".»
وعلى الفور أخذوا يكيلون لي الشتائم شديدة القسوة والبذاءة بكلمات نابية وكانت شتائم على الأهل والعرض والزوجة، في أول يوم سألوني بعض الأسئلة العامة وأمور اجتماعية وكنت حينها أجيب بشكل عادي رغم الشتائم، بعد هذه الجلسة الأولى ومن جراء هذه الشتائم المهينة امتنعت عن الكلام كليًا وأعلنت البدء بإضراب مفتوح عن الطعام".
الإضراب عن الطعام
أفاد محامي مؤسسة الضمير سامر سمعان بعد زيارته له يوم 12 يناير 2012، أن المعتقل خضر يرفض تناول أي شيء إلا الماء ولا يُقدم له أي نوع من الأملاح أو الفيتامينات. وقال خضر لمحامي الضمير أنه ماضي في إضرابه مهما كانت النتائج مؤكدًا أن نجاح الإضراب من فشله هو أمر نسبي
«" أنا بدأت الإضراب ومستمر فيه زارني محامي أو لم يزرني تم تغطية الإضراب بالإعلام أم لا "»
هدده مدير مستشفى الرملة بأنه في وقت ما سيرغمونه على التغذية بالقوة بواسطة أنابيب "الزوندا" كما يٌعرفها الأسرى والتي تستخدم لكسر إضراب الأسير بإجباره على تناول الطعام " إذا ما استمر في إضرابه عن الطعام، وامتناعه عن إجراء الفحوصات الطبية ورفض العلاج والسوائل والحبوب للتغذية.
وكان خلال فترة إضرابه الأول عام 2012 يتعرض للمراقبة الدائمة بواسطة كاميرات مراقبة وعندما لا يتحرك بالليل يحضر السجانون إلى غرفته ويطرقون الباب للتأكد أنه مازال حيًا.
وكانت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان قد دعت إلى أوسع حملة شعبية للتضامن من المعتقل خضر عدنان وعملت على مطالبة المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية في مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر التدخل العاجل لدى سلطات الاحتلال للإفراج فورًا عن السيد خضر وضمان سلامته.
العزل الانفرادي
في اليوم الرابع للتحقيق- يوم الأربعاء- ونظرًا لاستمرار خضر بالإضراب عن الطعام والكلام قام مدير السجن بمعاقبته بالعزل في زنازين العزل الانفرادي لمدة 7 أيام، وبمنعه من زيارة الأهل لمدة 3 أشهر، على الرغم أن المعتقل في فترة التحقيق لا يحق له الزيارة بموجب الأوامر العسكرية المطبقة على الأرض الفلسطينية المحتلة، نقل بعدها إلى القسم (3) في مركز تحقيق وتوقيف «سجن الجلمة» المخصص للسجناء الجنائيين الإسرائيليين.
يقول خضر عن ظروف احتجازه بتلك الزنزانة «الإضاءة فيها متواصلة – على مدار الساعة وقوية حادة – صراخ دائم من قبل السجناء الجنائيين وقد دخلت قوة من السجانين وفتشوا الزنزانة وفتشوني تفتيشًا عاريًا».
المستشفى
خرج من سجن الجلمة وهو ممتنع عن الطعام والكلام، وفي اليوم الثالث عشر للاعتقال وفي 30 ديسمبر 2011، نقل المعتقل خضر عدنان إلى قسم العزل في مستشفى الرملة ليحتجز في زنزانة باردة.
يوم 10 يناير 2012 نقل إلى محكمة سجن «عوفر» وهناك أبلغوه بأن المخابرات الإسرائيلية طلبت من القائد العسكري للمنطقة إصدار أمر اعتقال إداري بحقه لمده أربع شهور تبدأ من تاريخ 8 يناير 2012 إلى غاية 8 من مايو 2012، غير أن قاضي المحكمة لم يبت بأمر الاعتقال أي أنه لم يثبت أمر الاعتقال الصادر عن القائد العسكري وأرجئ المحاكمة إلى يوم 30 يناير 2012.
إيقاف الإضراب الشيخ خضر عدنان
أوقف إضرابه عن الطعام الذي استمر ستة وستين يوما يوم 22 فبراير 2012 م، وقد تم وقف الإضراب بعد صفقة مع النيابة العسكرية الإسرائيلية تقضي بالإفراج عنه في أبريل/نيسان 2012 اعتقلته الشرطة الإسرائيلية في 13 يوليو، وذلك بعد الإفراج عنه بيوم واحد وكان السبب حسب المتحدثة باسم الشرطة أنه لا يحق له أن يكون في القدس القديمة، إذ يحق ذلك فقط لسكان الضفة الغربية الذين يتجاوز عمرهم 50 عامًا وهو بالغ من العمر 37، وأفرجت عنه الشرطة بعد ساعات من اعتقاله حيث أعيد إلى الضفة الغربية عبر معبر بتونيا.
استشهاد الشيخ خضر عدنان
استشهد الأسير الشيخ خضر عدنان، في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يوم الثلاثاء الموافق 2 مايو 2023، مضربا عن الطعام للمرّة السادسة خلال السنوات الأخيرة، وأطولها، والتي امتدّت لستة وثمانين يوما، منذ اعتقاله يوم 5 شباط/ فبراير 2023؛ رفضًا لاعتقاله، ورفضا للتهم الموجهة إليه. وباستشهاد الأسير خضر عدنان، ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 237 شهيدًا.
وصية الشيخ خضر عدنان: "أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي من سجني في الرملة الحبيبة الفلسطينية الأصيلة، وصيتي هذه لأهلي وأبنائي وزوجي وشعبي".