في ذكرى تحرير سيناء.. أحد أبطال حرب أكتوبر يروي تفاصيل القصص البطولية لرجال الجيش
بصوت هادئ وعيون لامعة تذكر اللواء محي نوح البطولات التي سطرها هو وزملائه خلال حرب أكتوبر المجيدة والتي كانت سببًا من أسباب النصر فقال: “كنت أدرس الطب في السنة الأولي، وكنت مولع بالرياضة خاصة الملاكمة والتي كانت سببًا في التحاقي بالكلية الحربية وقتها، بعد طلب أحد القادة التحاقي بالجيش لما كنت أتمتع به من طبيعة جسمانية رياضية، وفضلت الكلية الحربية على الطب لحبي في المواجهة والفداء وخدمة الوطن”.
يروي اللواء محي نوح، تفاصيل مدة خدمته في الجيش بالقول: "كانت سنوات خدمتي الأولي في اليمن وحصلت هناك على فرقة المظلات، رغم الطبيعة الجبلية الصعبة هناك، ونفذت العديد من العمليات الناجحة هناك لصالح القوات المصرية مما كانت سببًا في رفع معنويات جنودنا في ذلك الوقت، وحصلت حينها على ترقية استثنائية لما قمت به من أعمال في حرب اليمن".
وتابع: "بعد عودتي من اليمن، خدمت في جنوب سيناء في ذلك الوقت وحدثت نكسه 1967، وكلفتني القيادة بمهام البحث عن الشاردين العائدين من سيناء، وأتممت مهمتي علي أكمل وجه، وأمنت عودة المئات من الضباط والجنود إلى القناة ومنها إلي القاهرة، وبعدها طلب مني أن أتوجه مع مجموعة من الضباط بوقف تقدم العدو في منطقة "رأس العش" وكانت قواته تعتمد على عدد من الدبابات والمدرعات والأسلحة الثقيلة التي واجهناها بالأسلحة الخفيفة والحفر البرميلية والعبوات اللاصقة، وكانت صفعة على جبين العدو بعد النكسة بشهور قليلة فقط، وأثبتنا أن المقاتل المصري يستطيع الرد والمقاومة".
وتابع البطل قائلًا: "بعد وصولي للقاهرة طلب مني تأسيس فرع للعمليات الخاصة، وكان المسئول عنها الشهيد " ابراهيم الرفاعي "وكنت أعرفه منذ حرب اليمن، وطلب مني أن أرشح له مجموعة من الضباط والصف ضباط والجنود للانضمام للفرع الجديد، فرشحت له مجموعة من الأشاوس من ضباط الصاعقة، وكانت لنا مسميات مختلفة في ذلك الوقت منها الفدائيين المصريين والكوماندوز المصري، إلا أن الشهيد الرفاعي طب أن يكون لمجموعتنا الجديدة اسمًا جديدًا وكنا قد نفذنا 39 في ذلك الوقت فاستقرينا على اسم " المجموعة 39 قتال " ونفذنا طوال فترة الحرب والاستنزاف 92 عملية حربية نوعية ومباشرة كبدنا فيها العدو خسائر فادحة، ما بين 430 قتيل اسرائيلي، و17 دبابة و77 مدرعة وسيارة مجنزرة و4 لودر وغيرها من الخسائر في المعدات والأفراد ".
وأكمل اللواء محي نوح: "كان الشهيد عبد المنعم رياض يتفقد إحدى المواقع على الجبهة بنفسه وسط ضباطه وجنوده ليرفع من الروح المعنوية لقواتنا، فرصد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وجود قائد مصري رفيع المستوى على الجبهة المصرية، فقصفت الموقع بالمدفعية فأصيب الفريق عبد المنعم رياض بإصابة مباشرة استشهد على اثرها في 9 مارس 1969 والذي تمت تسميته في عهد الرئيس السيسي بيوم الشهيد عرفانًا بالبطولات التي قام بها الشهيد في حرب أكتوبر المجيدة".
"سننتقم للشهيد عبد المنعم رياض" بتلك الكلمات يروي اللواء محي نوح، تفاصيل توجيهات الشهيد إبراهيم الرفاعي للمجموعة 39 قتال ومن بينها الأول قائد جناح الاقتحام للتجهيز لعملية "لسان التمساح" للثأر للشهيد عبد المنعم رياض في الأربعين من استشهاده".
وقال: "فبعد أن قامت المجموعة بالاستطلاع الجيد للموقع الذي استهدف الشهيد ومعرفة عدد قواته وأماكن تمركزه ودخول وخروج قواته تعداده، نفذ اللواء محي نوح قائد جناح الاقتحام العملية والتي نجحت نجاحًا ساحقًا وكبد العدو فيها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وأصيب إصابة بالغة نقل على إثرها للمستشفى لتلقي العلاج".
وأضاف نوح: "نقلت لمستشفى المعادي وطلب مني أن تستعد لزيارة مهمة، فعلمت أن الرئيس جمال عبد الناصر سيزورني، ليعرف بالضبط ما دار في العملية والخسائر التي تكبدتها للعدو، وبالفعل سردت له تفاصيل العملية وما خضناه من معارك ونقلت له الصورة كاملة، فطلب مني أن اتمني عليه، فطلبت منه أن يأمر بعودتي فورًا للجبهة لأقوم بالعملية التالية مع مجموعتي، فما كان منه إلا أن لبي رغبتي وطلب من الفريق محمد فوزي وقتها أن يزود المجموعة 39 قتال بكل ما تحتاجه من معدات وأسلحة حديثة حتى تتمكن من القيام بواجبها الحربي في ذلك الوقت وبالفعل عدت للخدمة مرة أخرى على الجبهة مع مجموعتي لمواصلة القتال وبدء حرب الاستنزاف".
وتابع: "وبدء حرب الاستنزاف وزادت شراسة المجموعة 39 قتال خلف حدود العدو وفي عمق إسرائيل نفسها، ونفذنا العديد من العمليات النوعية خلف حدود العدو وعبرنا القناة عشرات المرات وقمنا بعمليات الرصد والتسلل وعمل الكمائن المدبرة وتفخيخ المواقع واستهداف الأهداف الحيوية للعدو، ومن ضمن تلك العمليات تلك التي كلفنا فيها بتدمير مطار حربي كانت رئيسة الوزراء الإسرائيلي جولدا مائير على وشك افتتاحه في سيناء، فتسللت لعمق العدو وأمطرنا المطار قبل افتتاحه بالصواريخ والقذائف المحموله، فكانت صفعة على جبين العدو، والغيت زيارة جولدا مائير للجبهة والمطار وقتها".
واختتم البطل حديثه كاشفا ما جرى لحظات النصر: "حانت لحظة الكرامة في 6 أكتوبر 1973 وفيها نفذنا عمليات نوعية خلف خطوط العدو وفي قلب اسرائيل نفسها، وخلال أيام الحرب كلفت بالتصدي لمجموعات قتالية للعدو في منطقة الدفرسوار وتصدت لها أنا ومجموعتي مما أجبرها على التراجع، وكرمنا الرئيس السادات وأشاد بالبطولات التي حققناها ووصفنا الضباط الأشاوس فكانت كلماته وسامًا على صدورنا".