محللين سودانيين يكشفون لـ "الفجر" السيناريوهات المحتملة للحرب فى الفترة المقبلة
لجأ مئات من العائلات السودانية إلى ترك منازلهم والفرار منه، من جنوب الخرطوم، مع اشتعال الحرب الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، والتي دخلت فى أسبوعها الثانى، على الرغم من الدعوات الإقليمية المتزايدة لإنهاء الأعمال العدائية.
واستمرت المعارك بين الفريقين ليل نهار، رغم هدنة بوساطة دولية كان يفترض أن يلتزم بها الطرفان لمدة 72 ساعة، اعتبارًا من أول أيام عيد الفطر المبارك وحتى ثالث يوم العيد لكنّهما لم يلتزما بها بدليل استمرار دويّ الانفجارات وأزيز الرصاص ولا سيّما في الخرطوم.
وترصد "بوابة الفجر" فى التقرير التالي أراء محللين سودانيين حول تحليلهم للوضع السياسى الحالى فى السودان والسناريوهات المتوقعة الفترة القادمة.
الإخوان ودورهم في تأجيج الأوضاع
وأشار المحلل السياسي السوداني محمد عبد العزيز، إلى تدهور الأوضاع فى السودان بشكل كبير على المستوي الأمنى والإنساني والسياسي فى السودان حتى وصلت إلى مرحلة حرجة بعد دخول المواجهات، مشيرًا إلى أن النقطة الأهم التى لا تظهر للكثيرين أن عناصر النظام السابق من جماعة الإخوان المسلمين كان لهم دور كبير فى تأجيج الأوضاع وإيصالها إلى مرحلة المواجهات الدموية.
أوضح عبد العزيز فى تصريحات خاصة لـ "بوابة الفجر"، أن الإخوان المسلمين لعبوا دور كبير فى تأجيج الأوضاع من خلال السوشيال ميديا، والخطاب الإعلامي ووصولًا إلى مرحلة بداية الاشتباك بين الأطراف المتصارعة حاليًا.
انحدار السودان إلى حرب أهلية
وأكد المحلل السياسي أنه من الصعب تحديد معاناه الأوضاع ولكن بشكل أساسي من الممكن فى حال استمرار تدهور الأوضاع والعنف الحالي، إن تنحدر السودان إلى سيناريو حرب أهلية تستمر لسنوات طويلة يكون لها تداعيات على السودان والدول المجاورة.
وأوضح عبد العزيز، أن الهدنة التى اتفق عليها الجانبان لمدة 72 ساعة على أن تبدأ أول أيام عيد الفطر المبارك، لم يتم الالتزام بها من الأطراف المتصارعة مع استمرار الاشتباكات حتى صباح أمس الإثنين كانت هناك اشتباكات فى أماكن متفرقة من العاصمة الخرطوم.
وحول تورط أطراف خارجية للحرب تجعلها من حرب أهلية إلى إقليمية يعتبر سيناريو وارد، مشيرًا إلى أنه من الحكمة أن تتدخل الأطراف الخارجية بشكل إيجابي من أجل إيجاد تسوية عاجلة للنزاع.
فرار مئات الأسر هروبًا من الحرب الدموية
ولفت المحلل السياسي إلى هجرة مئات الأسر من العاصمة الخرطوم إلى ولايات مجاورة هروبًا من الحرب الدموية ونتيجة تدهور الخدمات فى الخرطوم، منوهًا أن هؤلاء الأسر بعضهم ذهب إلى دول مجاورة خاصة مصر، حيث هناك العديد من المؤشرات على بدأ عمليات الهجرة وأن هناك عشرات الاتوبيسات بدأت فى التحرك من الخرطوم إلى مصر.
وقال عبد العزيز، أنه من الصعب تحديد أرقام المواطنين الفارين من منازلهم، مشيرًا إلى وقوع أكثر من 250 قتيلًا من المدنين وأكثر من 1500 جريح، أما أرقام العسكرين لا يتم الإعلان عنها وكل طرف يدعى أنه أوقع خسائر كبيره بخصيمه.
حرب صفرية لن يخرج منها طرفًا منتصرًا
من جانبه، وصف ماهر أبو الجوخ المحلل السوداني، الحرب فى السودان بأنها حرب صفرية لن يخرج فيها أحد الطرفين منتصرًا نصرًا حاسمًا، موضحًا أن الطرفين ظلا لما يقارب العقدين مكملان لبعضهما البعض فالجيش يمتلك أسلحة الردع الجوية والمدفعية والمدرعات ولكنه لما يقارب العقدين أوقف تجنيد المشاة وبات يعتمد علي القوة القتالية لمشاة الدعم السريع بمسمياتهم المختلفة حرس الحدود وعمليات جهاز الأمن والمخابرات ثم قوات الدعم السريع وبالتالي فإن ميزات الجيش الجوية والمدفعية والمدرعات ستعرقل الدعم السريع ولكن في ظل الانتشار العددي لمشاة الدعم السريع واستخدامهم لسيارات دفع رباعي والكلفة المدنية العالية الناتجة عن الإفراط في استخدام الجيش لعناصر قوته الجوية والمدفعية والمدرعات وعدم وجود تكافؤ للدعم السريع في مجال هذه الأسلحة بحيث تفضي لترجيح كفته، لذلك فإن مستقبل الحرب هي الكر والفر بين الطرفين وبالتالي ستنتهي بالتوصل لاتفاق بينهما دون أن تحسم بالمواجهات العسكرية.
وأوضح أبو الجوخ فى تصريحات خاصة لـ "بوابة الفجر"، أن العامل الثاني الذي سيمثل ضغط إضافي بين الطرفين المتنازعين هو إرتفاع الأصوات الشعبية المنادية بإيقاف الحرب وتزايد الضغوط الإقليمية والدولية لوقفها وتفاقم المعاناة الإنسانية وانهيار مؤسسات الدولة ولعل أبرز صورها لجوء شرطة السجون لإطلاق سراح الموقوفين داخلها لانعدام الأكل والشرب وفقدانها السيطرة علي السجون كل هذه المؤشرات ستمثل عناصر ضغط علي الطرفين ستقودهما في خاتمة المطاف لإنهاء هذه الحرب الصفرية غير المفيدة والتي خسر منها الجميع.
خرق الهدنة تظل اتهامات متبادلة بين الطرفين
وأوضح المحلل السوداني، أن عدم الإلتزام بالهدنة بسبب وجود تصور بإمكانية حسم المعركة عسكريًا، منوهًا أن معارك أيام العيد الثلاثة لم تحدث أى لا جديد يذكر للعوامل المرتبطة بتوازن القوة بين الطرفين الجانب الثاني في الهدنة هو فني ففي ظل غياب آليات الرقابة وتحديد الأنشطة المسموح بها والمخظورة ونشر مراقبين علي الارض والتقصي في الخروقات فإن أي هدنة تتأسس علي التزام الطرفين سيكون مصيرها الانهيار ولذلك من التجارب يجب تصميم الهدنة باستصحاب ما ذكرته وهذا يتطلب وجود طرف ثالث خارجي قد يكون الأرجح هو الاتحاد الافريقي مسنود بقرار دولي لتحقيق هذا الأمر.
وتابع "مسألة خرق الهدنة تظل اتهامات متبادلة بين الطرفين ولكن المؤشرات الأكثر وضوحًا تظهر أن الجيش هو الطرف الأكثر إلتزامًا فى قبول الهدنة واستمرارها وحتي في المرات البسيطة التي تم إعلان هدنة فيها كان آخر الموافقين عليها ولذلك من الواضح بجلاء أن هناك تيار داخل الجيش يعتقد ويراهن علي إمكانية حسم المعركة عسكريًا ومن خلال المعطيات العامة فإن التحقق من صحة اتهامات أي من الطرفين في ظل غياب أدوات الرقابة يصبح أمر عسير للغاية".
وحول مسألة انضمام منسوبين الجيش للدعم السريع أو العكس ففي ظل عدم وجود أطراف محايدة إعلامية موجودة علي الأرض فإنه من الصعب التحقق من هذه الاتهامات التي تصبح فعليا جزء من الحرب الإعلامية والنفسية بين الطرفين.