بعد أسبوع من حرب السودان..
إمدادات المياه والكهرباء مقطوعة منذ أسبوع والأدوية بدارفور على وشك النفاذ بسبب العدد الكبير من الإصابات
قوض انزلاق السودان المفاجئ إلى الحرب خططًا لاستعادة الحكم المدني، ودفع البلد الذي يعاني الفقر بالفعل إلى شفا كارثة إنسانية، وهدد باندلاع حرب أشمل قد تجتذب قوى خارجية.
وبدأت الاشتباكات في المرحلة الأولى من تلك المواجهات في المدن ذات الأهمية الإستراتيجية، وقد بدأت في مدينة "مروي" شمال الخرطوم، وتكمن أهميتها في احتوائها على قاعدة جوية مهمة للجيش السوداني.
ومن ثم فإن تحييدها كان مهما كي يشن الدعم السريع بعدها عملية عسكرية في العاصمة الخرطوم استهدفت مدينة أم درمان تقع ضمن ولاية الخرطوم التي تحتوي على مقر الإذاعة والتلفزيون الرسمي، ثم بعدها التوجه إلى المربع الذهبي في قلب العاصمة الذي يضم المطار ومقر قيادة الجيش والقصر الجمهوري.
وبينما صدرت تصريحات متناقضة من الطرفين، لا تبدو حقيقة أوضح من أن الحرب حتى اللحظة تزداد حِدّة في ظل رغبة الطرفين في الحَسم.
ولا توجد أي مؤشرات حتى الآن إلى أن أيًا من الطرفين يستطيع تحقيق نصر سريع أو أنه مستعد للتراجع وإجراء حوار ويملك الجيش قوات جوية، لكن قوات الدعم السريع تنتشر بشكل كبير في المناطق الحضرية.
ومن المتوقع أن ترسل دول غربية طائرات لمواطنيها من جيبوتي على رغم أن الجيش السوداني أشار إلى وجود صعوبات في مطار الخرطوم ومطار نيالا، أكبر مدن دارفور ولم يتضح متى يمكن تنفيذ ذلك.
لم يلتزم الجيش وقوات الدعم السريع حتى الآن بوقف لإطلاق النار يجري الاتفاق عليه يوميًا تقريبًا منذ اندلاع القتال في 15 أبريل وانتهك القتال، ما كان يفترض أن يكون هدنة لثلاثة أيام بدأت يوم الجمعة للسماح للمواطنين بالوصول إلى مناطق آمنة وزيارة عائلاتهم خلال عطلة عيد الفطر، ويتهم كل طرف الآخر بعدم احترام الهدنة.
من شأن أي تراجع في حدة القتال أن يسرع وتيرة نزوح سكان الخرطوم اليائسين إلى خارج العاصمة بعدما قضوا أيامًا في منازلهم أو أحيائهم تحت تهديد القصف وتحركات المقاتلين في الشوارع.
سكان في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري شاهدوا وقوع ضربات جوية بالقرب من هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية ومعارك في مناطق منها مواقع قريبة من مقر الجيش غير إن إمدادات المياه والكهرباء مقطوعة منذ أسبوع، وأفاد بوقوع ضربات جوية متكررة مع استمرار المواجهات بين طرفي الصراع.
وأشار رئيس المكتب التنفيذي لحزب التحالف السوداني اللواء السابق كمال إسماعيل أحمد إلى أن المعلومات المتداولة عن الوضع العسكري في ظل هذه المعارك الطاحنة بين الجيش والدعم السريع فيها كثير من عدم الصدقية والشكوك، لكن بشكل عام هي حرب عبثية لا يوجد فيها منتصر، كما أن لها تداعياتها في المستقبل القريب والبعيد.
وتابع رئيس المكتب التنفيذي لحزب التحالف السوداني، لا بد من أن يجنح الطرفان نحو الحوار، فتكوين جيش واحد ليس كفاية لأن فترة الـ 30 عامًا التي حكمها البشير أثرت سلبًا في الجيش كما بقية مؤسسات وقطاعات الدولة، فالأمر يتطلب إصلاحًا عسكريًا وأمنيًا شاملًا سواء في القوات المسلحة أو الشرطة أو الأجهزة الأمنية وغيرها، وذلك على أسس وطنية تمكن من بناء دولة مؤسسات ينتمي إليها الجميع".
وأوضح الآن ومنذ اليوم الخامس للمعارك نشهد هدوءًا نسبيًا بخاصة من جانب الطيران الحربي، ولكي يكون هناك التزام تام بهدنة إيقاف إطلاق النار من الجانبين فلا بد من أن تكون هناك لجنة لمراقبة عملية الهدنة حتى لا يسقط مزيد من الضحايا المدنيين الذين تعرضوا لقصف بشتى أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ودفعوا ثمن هذه الحرب المؤسفة.
وأردف رئيس المكتب التنفيذي لحزب التحالف السوداني، أجد نفسي متفائلًا بأن يلجأ الطرفان إلى الحوار لحل مشكلاتهما، خصوصا أن المشكلة في الأساس سياسية وبالتالي لا تحل بالبندقية لأنها تؤدي إلى الدمار، فالحل يجب أن يكون سياسيًا يفرض على الجميع، وهو ما كان مقررًا له قبل إعلان الحرب، لكن أنصار النظام السابق لعبوا دورًا كبيرًا ضد العملية السياسية التي كانت على وشك اكتمالها بتوقيع الاتفاق السياسي النهائي".
منظمة أطباء بلا حدود إن الأدوية في مستشفاها الوحيد في مدينة الفاشر في دارفور على وشك النفاذ بسبب العدد الكبير من الإصابات التي استقبلها المستشفى وعدد كبير من المصابين هم من الأطفال.
وبحسب مراقبين، فإن مسارعة الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى إجلاء دبلوماسييها وإغلاق السفارة يعد مؤشرا وإقرارا ضمنيا بأن الحرب الدائرة حاليا في السودان قد لا تتوقف قريبا.
وقال الباحث في الشؤون العربية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العزب الطيب الطاهر، إن مصطلح الوساطة لا يعني التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وذلك وفق المعايير الدولية وشكك أن تقف القاهرة بجانب طرف معين على حساب آخر، مبينا أن أفعال القاهرة وتصريحاتها تشير إلى أنها تقف على مسافة واحدة من الطرفين.
وقال الطاهر إن الدولة المصرية على تواصل مع طرفي النزاع، ولم يستبعد أن يلتقي البرهان وحميدتي في القاهرة برعاية أفريقية أو أممية.
وحول الاستراتيجية المصرية في السودان، قال الطاهر إن هناك دولًا تنامى نفوذها في السودان خلال السنوات الأخيرة، قد تعرقل الرؤية المصرية في السودان، وإن مصر هي الدولة العربية المؤهلة لتبني وساطة، بسبب العلاقات الجغرافية والاجتماعية التي تجمعها مع السودان.