أصحاب الهمم في الجزائر يعانون في صمت
الإعاقة الجسدية لا تقف أمام تطوّر العقل وتنميته بالعلم والكفاح والإرادة الصلبة. لكن الإرادة وحدها لا تكفي إذا لم تؤمّن الدولة أبسط الحقوق لهؤلاء، ومراعاة المواصفات اللازمة عند بناء المؤسسات والشركات، وتأمين فرص العمل لاحقًا لهم لنيل حياة شريفة وعدم الاعتماد على المساعدات الاجتماعية، إن وُجدت أصلًا لهم.
وتكشف إحصاءات رسمية عن وجود مليون و49 ألفًا من أصحاب ذوي الاحتياجات في وقت تتكفل الدولة بـ30 ألف تلميذ منهم، ما دفع الحكومة أخيرًا إلى إعادة النظر في القوانين الخاصة بهم ومنحهم رعاية واهتمامًا أكبر، وتعرف الجزائر ارتفاعًا نسبيًا في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، في وقت تسود حالة من عدم الرضا من الاستراتيجية الحكومية المنتهجة للاهتمام بهذه الفئة التي تعيش في ظل ظروف قاسية تحول دون اندماجها مهنيًا واجتماعيًا، ما دفع جمعيات ونقابات فاعلة عدة في المجتمع إلى العمل على نقل انشغالاتها للسلطات العامة، تطالب فيها بضرورة الالتفات إلى هذه الفئة "المهمشة"، كما يصفونها.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية المبذولة لإدماج هذه الفئة في سوق العمل من خلال رفع النسبة الدنيا لتوظيفهم في مختلف القطاعات من 10 إلى 30 في المئة، فإن كثيرين منهم ما زالوا يقاومون قساوة الظروف المحيطة بهم حتى بعد توظيفهم، مثل المواطن عبد الحفيظ من البليدة (40 كلم عن العاصمة) الذي يعاني ضعفًا في البصر والسمع، فوجد نفسه يتخبط في مكان عمله للاندماج مع زملائه.
وعمدت الوزارة إلى انتهاج استراتيجية للاهتمام بهذه الفئة تعتمد على ثلاثة أسس هي التربية والتعليم والتكفل النفسي، إذ يتكفل القطاع بجهاز مؤسساتي يضم 238 مؤسسة تشمل جميع أنواع الإعاقة من بينها 160 مؤسسة تهتم بالرعاية الطبية النفسية والبيداغوجية و46 مدرسة للذين يعانون الإعاقة السمعية و8 مراكز متخصصة في الطب النفسي الحركي و24 مدرسة للأطفال ذوي الإعاقة البصرية، في وقت تحصي الجزائر نحو 970 قسمًا خاصًا لمرافقة قطاع التربية، فضلًا عن دور الجمعيات والفيدراليات التي تنشط في مجال التكفل بذوي الاحتياجات الخاصة، إذ هناك 101 جمعية تضم 147 مدرسة تتكفل بـ9 آلاف طفل.