دعاء ليلة القدر اسلام ويب كاملة رددها.. أجمل الأدعية المستجابة

منوعات

دعاء ليلة القدر اسلام
دعاء ليلة القدر اسلام ويب

ينتظر المسلمون في جميع أنحاء العالم بفارغ الصبر العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وهي الفترة التي يترقبون فيها بلوغ ليلة القدر، الليلة العظيمة التي تحمل في طياتها الكثير من الخير والبركات. وفي هذه الأيام، يكثر المسلمون من الدعاء قائلين: "اللهم بارك لنا في العشر الأواخر وبلغنا ليلة القدر".

إن هذا الدعاء يعكس حب المسلمين لهذه الليالي العظيمة، وينم عن إيمانهم بأن الله سبحانه وتعالى سيكرمهم بنعمته وبركاته في هذه الأيام المباركة. ولذلك، فإن المسلمين يحرصون على قضاء أوقاتهم في العشر الأواخر من رمضان في العبادة والذكر والدعاء، وذلك تحت شعار "أيامنا كلها عبادة".

ومن المعروف أن ليلة القدر هي ليلة خير من ألف شهر، وفيها ينزل الله سبحانه وتعالى الملائكة والرحمة، وتفتح فيها أبواب السماء لاستجابة دعاء المسلمين. ولذلك، فإن المسلمين يحرصون على الاجتهاد في العبادة في هذه الليلة العظيمة، والتوجه إلى المساجد والتحلي بالتواضع والخشوع، والتضرع إلى الله بالدعاء والتضرع.

إن دعاء "اللهم بارك لنا في العشر الأواخر وبلغنا ليلة القدر" يعبر عن طموح المسلمين للوصول إلى مراتب الإيمان والتقوى، ويعكس حبهم للعبادة والاجتهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى. ولذلك، فإن هذا الدعاء يشكل دليلًا على العمق الروحي للمسلمين وعلاقتهم القوية بالله سبحانه وتعالى، ويعزز من إحساسهم بالتقرب منه والاستجابة لدعائهم في هذه الليالي المباركة.

الوقفة الأولى: حرص عائشة رضي الله عنها على تعلم ما ينفعها: عائشة هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق، أم المؤمنين، زوجة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أفقه نساء الأمَّة على الإطلاق، تزوجها النبي وهي صغيرة فبقيت أطولَ فترة ممكنة في مدرسة النبوَّة، تتفقَّه في أحكامها وتعاليمها؛ تُعدُّ - رضي الله عنها - من المكثرين في الفتيا والرواية باتفاق العلماء، ومع ذلك حرصت على أَنْ تتعلم من النبي أفضل ما يقال في ليلة القدر، وفي هذا تعليم لنا أَنَّ العبد مهما بلغ فهو محتاج - بل مضطر - إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها. وأَخَصُّ هذه الأمور العلم النافع المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين.

وقد أثنى الله على هذا الصنف من الناس في قوله: «فَبَشِّرْ عِبَادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ» [الزمر:17، 18]، أي إيثارا للأفضل واهتماما بالأكمل. أراد أن يكونوا نقادا في الدين، يميزون بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل ويدخل تحته المذاهب واختيار أثبتها على السبك، وأقواها عند السبر، وأبينها دليلا وأمارة. وأن لا تكون في مذهبك كما قال القائل: ولا تكن مثل عير قيد فانقادا. يقصد بذلك المقلد. ويدخل تحته أيضا إيثار الأفضل من كل نوعين عند التعارض.

الوقفة الثانية: الحكمة في تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو:
سؤال الله عز وجل العفو في كل وقت وحين أمر مرغوب وردت به نصوص كثيرة، حتى إِنَّ العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله أكثر مِنْ مَرَّةٍ أَنْ يرشده إلى شيء يدعو الله به فأجابه الرسول في كل مَرَّةٍ بقوله: [سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ]، فما الحكمة إِذًا مِنْ تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو؟
أبان الحافظ ابن رجب عن هذه الحكمة في قوله: "وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر- بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر- لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا، فيرجعون إلى سؤال العفو، كحال المذنب المقصر".
 


وقد صدق رحمه الله؛ وذلك لأَنَّ (العبد يسير إلى الله سبحانه بين مشاهدة منته عليه ونعمه وحقوقه، وبين رؤية عيب نفسه وعمله وتفريطه وإضاعته، فهو يعلم أَنَّ ربه لو عذبه أشد العذاب لكان قد عدل فيه، وأَنَّ أقضيته كلها عدل فيه، وأَنَّ ما فيه من الخير فمجرد فضله ومنته وصدقته عليه ولهذا كان في حديث سيد الاستغفار "أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي"، فلا يرى نفسه إلا مقصرا مذنبا ولا يرى ربه إلا محسنا.

الوقفة الثالثة: الدعاء بهذا اللفظ يتضمن أدبا من آداب الدعاء المهمة، وهو الثناء على الله تعالى بما هو أهله وبما يناسب مطلوب الداعي. وقد أرشدنا الله تعالى إلى هذا الأسلوب والأدب في نصوص كثيرة أشهرها سورة الفاتحة، فالسورة نصفان، الأول تمجيد وثناء من العبد على ربه، والثاني سؤال من العبد لربه، وقد ورد ذلك مفصلا في الحديث القدسي وفيه: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي).

ولما سَمِعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلًا يَدْعُو في صلاته لم يُمجِّدِ الله ولم يُصَل على النبيَّ، فقال صلَّى الله عليه وسلم: "عَجِلَ هذا" ثم دعاه، فقال له أو لغيره: "إذا صَلَّى أحَدُكُم فليَبْدأ بتَمْجيدِ رَبَّه والثَّناءِ عليه، ثم يُصَلَّي على النبيِّ، ثم يدعو بعدُ بما شاءَ".

ومن الجدير بالذكر أَنَّ " ثناء الداعي على المدعو بما يتضمن حصول مطلوبه قد يكون أبلغ من ذكر المطلوب كما قيل: إذا أثنى عليك المرء يوما... كفاه من تعرضه الثناء.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة ركعة، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، وليس هذا تحديدًا لا تجوز الزيادة عليه، بل هو مجرد فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن اقتصر عليه فهو أفضل، ومن زاد فلا حرج عليه، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون عشرين ركعة على عهد عمر وعثمان وعلي، قال الترمذي: وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة، فهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي، وقال: هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين ركعة"