أزمة السجائر بين التحركات الحكومية واحتكار التجار.. من الرابح؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

 يعاني السوق أزمة سجائر تتصاعد بصورة تثير القلق في عالم المدخنين، سواء لارتفاع الأسعار بشكل واسع من جهة أو شح بعض الأصناف، وهو ما خلق سوقاً موازية للسجائر.

 

وارتفع سعر علبة السجائر المحلية والمستوردة بنسبة تتخطى المئة بالمئة، فتباع علبة السجائر المحلية بأسعار تتراوح بين 55 جنيهاً و60 جنيهًا، ذلك على الرغم من أن السعر الرسمي يبلغ 24 جنيهًا، فما هي أسباب الأزمة؟ ومن المسؤول عن تصاعدها؟ وإلى أي مدى يُمكن أن تستمر؟

 مسؤولية "التجار"
في هذا الصدد علل رئيس الشعبة العامة للدخان في مصر، إبراهيم إمبابي، في تصريحات خاصة لموقع "الفجر"، تصاعد أزمة السجائر وعدم حلها حتى هذه اللحظة رغم مرور أشهر على اندلاعها، باستمرار "جشع التجار"، ممن يقومون بتخزين كميات منها، إضافة إلى تباطؤ الحكومة في اتخاذ خطوات حل فعلية، على حد قوله.

 

وقال إن أزمة السجائر متكررة على فترات، لكنها في هذه المرة مختلفة كثيراً؛ خاصة أنها استمرت لفترة طويلة، فعادة ما كانت تُحل خلال فترة وجيزة، مردفاً: "الحكومة لم تستمع إلى مقترحات الشعبة العامة للدخان، والتي من الممكن أن تقضي على الأزمة خلال 48 ساعة فقط، وهي قلب هرم توزيع السجائر المعمول به من قبل الشركة الشرقية للدخان "ايسترن كومباني"، من خلال توزيع السجائر على صغار التجار وفي الأكشاك، وعدم توريد السجائر إلى كبار الموزعين.

 

وطالب بإصدار تشريع ضريبي بتعديل الشريحة الضريبية على السجائر، وطرح مضبوطات السجائر في محطات بنزين وطنية، مشيرًا إلى أن حجم مضبوطات السجائر التي تم ضبطها من قبل مباحث التموين خلال الفترة الأخيرة، قد يتخطى إنتاج الشركة الشرقية لشهر كامل ثلاث مرات، ويمثل قيمة 100 بالمئة من قيمة التخزين، مؤكداً أن هناك كميات مهولة تم ضبطها.


وشدد على أن استمرار الأزمة يأتي في صالح التجار الذين تحصلوا على مكاسب تقدر بمئات المليارات- حسب تقديره- موضحاً أن السعر الرسمي لعلبة السجائر هو 24 جنيهاً في المتوسط وتباع بالسوق بسعر تخطى الـ 55 جنيهاً.

غليان بالشارع

وحذر الخبير الاقتصادي، الدكتور سيد خضر، في تصريحات خاصة لموقع "الفجر"، من تطور الأزمة من مجرد كونها أزمة متعلقة بارتفاع أسعار إحدى السلع إلى أن تتحول لتكون سبباً في حدوث غليان واسع بالشارع نظراً إلى أن عدد مستهلكي السجائر كبير بالشارع المصري، وبالنسبة لهم السجائر سلعة أساسية وضرورية.

 

ورأى الخبير الاقتصادي أن استمرار الأزمة لأشهر طويلة على ذلك النحو دون الوصول إلى حل يدل على أنها مُفتعلة بهدف تدمير الشركة الشرقية للدخان، على حد قوله.

 

ولفت إلى أن أزمة السجائر تعكس غياب الرقابة أو إحكام السيطرة على السوق، وغياب دور جهاز حماية المستهلك ومديريات التموين والجهات الرقابية، منبهاً إلى أن ما يحدث من ارتفاع بالأسعار من شأنه أن ينعكس على السلع الأخرى ليرفع أسعارها هي الأخرى وبما قد يقود إلى فقدان السيطرة على السوق.

 

وقال إن الحكومة قامت بدورها من خلال قراراتها بتوريد المواد الخام، وزيادة إنتاج السجائر لاستقرار السوق وضبط الأسعار، لكن هناك فجوة عملية تتضح من خلال تفاقم الأزمة.


واستبعد فكرة ارتفاع سعر السجائر نظراً لارتفاع سعر الدولار، موضحاً أن سعر الدولار ثابت منذ فترة ولم يتحرك، ومن الطبيعي أن يتحرك سعر السجائر عند تحرك سعر الصرف وارتفاع الدولار رسمياً، منوهاً بأن ما يحدث يسمى بـ "تسعير عشوائي" يشكل خطراً على السوق نظراً للتعامل بأسعار السوق السوداء للدولار.


وتابع: "هناك استغلال وتسريع في وتيرة الأسعار بشكل مخيف في مصر، ففي كل لحظة الأسعار تزيد بالأسواق، بحجة ما يشهده العالم من توترات وأزمات اقتصادية، ما يمثل أعباءً إضافية على المواطن وعدم السيطرة على السوق".

 

وحدد الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر، عدداً من العوامل التي من شأنها أن تساعد على حل أزمة السجائر خلال فترة زمنية قصيرة، ومنها تشديد الرقابة بأن تعمل المباحث التموينية على أرض الواقع وتحكم سيطرتها على أباطرة السوق، وكذلك جهاز حماية المستهلك.


وأضاف أن هناك تغيرات بنظام توزيع الحصص من جانب الشرقية للدخان، على أن تبدأ التوزيع من جديد من خلال موزعين جُدد أو توزيعها بشكل مختلف عن ما هي عليه الآن، وإحكام السيطرة على السوق لإحداث توازن بالأسعار حتى لا ترتفع بشكل أكبر مما هي عليه الآن.