كم عدد الحسنات في ختمة القرآن الواحدة
عدد حسنات ختمة القرآن الكريم الواحدة، من أكثر ما يشغل بال المسلمين، خاصة في شهر رمضان وهو شهر القرآن.
أهل العلم روى الترمذي (2910) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ )، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي ".
خلاف بين أهل العلم على عدد حسنات ختمة القرآن
وقد اختلف العلماء في المراد بالحرف الوارد في الحديث، هل يراد به حرف المبنى، أو حرف المعنى ؟ على قولين:
" والخلاف بين أهل العلم في المراد بالحرف هل هو حرف المبنى أو حرف المعنى ؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، والأثر المترتب على الخلاف كبير ؛ لأنه إذا قلنا: إن المراد بالحرف حرف المبنى، فالختمة الواحدة كما ذكرنا أمس فيها أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، وإذا قلنا: إن المراد الحرف حرف المعنى، قلنا: إنه لا يثبت ولا الربع من هذا الأجر، يعني سبعمائة ألف حسنة الربع تقريبًا، وكثير من أهل العلم يرجح حرف المبنى، وهذا الذي يتمناه كل قارئ للقرآن لتكثر حسناته، ومنهم من يقول: إن المراد بالحرف حرف المعنى، وكلام شيخ الإسلام يومئ ويرشد إليه، كأنه يميل إلى أن المراد بالحرف حرف المعنى.
كيفية حساب عدد حسنات ختمة القرآن
قوله: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) سورة الفيل، ( ألم ) ثلاثة حروف مبنى، لكنها في حروف المعاني اثنان: الهمز همزة الاستفهام، و( لم ) النافية، حرفان.
( كيف ) حرف واحد باعتبار المعنى، وثلاثة حروف باعتبار المبنى، والترجيح في مثل هذا فيه صعوبة ؛ لأن الحرف كما يطلق على هذا يطلق على هذا على حد سواء ".
انتهى من " شرح المنظومة الميمية في الآداب الشرعية ".
عدد حسنات ختمة القرآن
ثانيًا:
إحصاء حروف القرآن وعدّها، جائز لا حرج فيه ؛ فقد ثبت فعل ذلك عن بعض السلف.
جاء في " تفسير ابن كثير " (1/99):
" عن مجاهد: هذا ما أحصينا من القرآن، وهو ثلاثمائة ألف حرف، وواحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا.
وقال الفضل، عن عطاء بن يسار: ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا..... " انتهى.
الرجا في عدد حسنات ختمة القرآن
وعليه، فلو قال شخص: إن عدد حروف القرآن كذا وكذا، وبناء عليه، فمن قرأ القرآن كاملًا، فإنه يرجى له أن ينال من الثواب بقدر عدد تلك الحروف، والحرف منها بعشر حسنات، فإنه لا حرج في ذلك ؛ لدلالة الحديث على هذا المعنى، ويبقى تحديد عدد حروف القرآن بناءً على الخلاف المذكور سابقًا.
ثالثًا:
عدّ الحسنات، أو وضع عداد للحسنات ؛ لكي يحسب به الإنسان عدد ما قرأ من القرآن، فقد كره هذا بعض السلف.
كما أنه يخشى على صاحبه من الغرور والعجب بالعمل، كلما رأى كثرة عدد ما قرأ من الحروف.
جاء في " مصنف ابن أبي شيبة " (2/162):
" كَانَ عَبْدُ اللَّهِ – يعني ابن مسعود - يَكْرَهُ الْعَدَدَ، وَيَقُولُ: " أَيَمُنُّ عَلَى اللَّهِ حَسَنَاتِهِ " " انتهى.
وجاء في سنن الدارمي (286) في حديث ابن مسعود رضي الله عنه – الطويل -، وفيه: " قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ، قَالَ: " فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ... الحديث ".
فأنكر عليهم رضي الله عنه عدّ الحسنات.
ويتبين ذلك أكثر، إذا علمنا أن حصول هذا الأجر الخاص، أو العدد من الحسنات: إنما هو من باب الوعد على الحسنات، غير أنه لا تثبت في حق المعين إلا بقبول عمله، والقبول أمر مغيب، لا يعلم العبد ما له فيه عند الله ؛ فليحذر العبد من الغفلة عن ذلك، وليعظم الرجاء إلى ربه في القبول، وفضل الله واسع، وليكن شأنه بين الأمرين: أن يعظم الرغبة إلى ربه ويحسن الظن به، ثم يخشى من أن يرد عمله عليه، فلا يغتر.
عن عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رضي الله عنها قَالَتْ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لاَ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لاَ تُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ".
رواه الترمذي (3175)، وصححه الألباني..