كاثوليك مصر يعيديون للقديس ليوناردو موريالدو الكاهن

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

أحيت الكنيسة الكاثوليكية بمصر، مؤخرا، ذكرى القديس ليوناردو موريالدو الكاهن، وروي الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرته قائلا: ولد موريالدو في تورين في 26 أكتوبر 1828م. كانت هذه المنطقة تورين دون بوسكو والقديس جوزيف كوتولينغو، الأرض الخصبة بالعديد من مثُل القداسة من علمانيين وكهنة. كان ليونارد الابن الثامن في عائلة بسيطة. في طفولته، دخل مع أخيه إلى مدرسة في سافونا لمتابعة دراسته الإعدادية والمتوسطة والثانوية، فوجد مربين معدّين في أجواء من التدين القائم على تعليم ديني جدي وممارسات ورعة. لكنه عانى خلال مراهقته من أزمة وجودية وروحية أدت به إلى استباق عودته إلى عائلته واختتام دراسته في تورين، والتسجل في دراسة الفلسفة لمدة سنتين.
حصلت “العودة إلى النور” – حسبما يقول – بعد بضعة أشهر بنعمة اعتراف عام أعاد من خلاله اكتشاف الرحمة الإلهية الكبيرة. في السابعة عشرة من عمره، نضج قراره بأن يصبح كاهنًا استجابة لمحبة الله الذي أسره بمحبته. سيم كاهنًا في 20 سبتمبر سنة 1851م. في تلك الحقبة تعرف إليه دون بوسكو وقدره وأقنعه بالموافقة على إدارة مركز القديس لويس الجديدة الواقعة في بورتا نوفا والتي أدارها حتى سنة 1865م. هناك أيضًا، لمس المشاكل الخطيرة التي تعيشها الطبقات الفقيرة، فزار منازلها ونمى توعية اجتماعية وتربوية ورسولية عميقة أدت به لاحقًا إلى تكريس ذاته لمبادرات عديدة تصب في مصلحة الشباب. فشكلت التعاليم الدينية والنشاطات المدرسية والترفيهية أساسًا لمنهجه التربوي في المركز. فأراد منه دون بوسكو أن يكون معه خلال مقابلة للبابا بيوس التاسع سنة 1858م.
سنة 1873م، أسس جمعية القديس يوسف الذي كان يقوم هدفها الرسولي منذ البداية على تنشئة الشباب بخاصة الأكثر فقرًا والمنبوذين. آنذاك، كانت الأجواء في تورين متسمة بازدهار الأعمال والنشاطات الخيرية التي ظل يرعاها موريالدو حتى وفاته في 30 مارس 1900م.
أن جوهر روحانية موريالدو كان إيمانه بمحبة الله الرحيمة: الآب الصالح والصبور والسخي الذي يكشف عظمة رحمته بالمغفرة. لقد اختبر القديس ليونارد هذا الواقع على الصعيد الوجودي لا الفكري من خلال لقاء حي مع الرب. لطالما اعتبر نفسه إنسانًا نال حظوة من الله الرحيم، لذلك عاش شعور الامتنان للرب، والوعي الهادئ بمحدوديته الذاتية، والرغبة في التكفير، والالتزام الدائم والسخي بالاهتداء. فرأى أن كل وجوده منوّر وموجه ومدعوم من قبل هذه المحبة، ومنغمس دومًا في الرحمة الإلهية اللامحدودة. وقد كتب في وصيته الروحية: “رحمتك تغمرني أيها الرب… تمامًا كما أن الله هو دومًا وفي كل مكان، هكذا هو محبة دومًا وفي كل مكان، ورحمة دومًا وفي كل مكان".
بعد تذكر الأزمة التي مر بها في فترة شبابه، كتب: “هكذا شاء الرب الصالح أن يشع صلاحه وسخاؤه مجددًا بشكل استثنائي. لم يرضَ بي فقط كصديق له مجددًا، بل دعاني أيضًا إلى خيار اصطفاء: دعاني إلى الكهنوت فقط بعد مرور بضعة أشهر على عودتي إليه”. لهذا السبب، عاش القديس ليونارد دعوته الكهنوتية كهبة مجانية من الرحمة الإلهية، مع شعور بالامتنان والفرح والمحبة. كذلك كتب: “لقد اختارني الله! دعاني وأرغمني على شرف ومجد وفرح خدمته والتحول إلى “مسيح آخر”. وأين كنت أنا عندما بحث الله عني؟ كنت في أعماق الجحيم! كنت هناك، وإلى هناك جاء الله بحثًا عني، وهناك أسمعني صوته.
بالتشديد على عظمة رسالة الكاهن الذي ينبغي عليه “استكمال عمل الفداء، عمل يسوع المسيح العظيم، عمل مخلص العالم” أي “إنقاذ الأرواح”، لطالما ذكر القديس ليونارد نفسه وإخوته بمسؤولية حياة متناغمة مع السر الذي نالوه. في محبة الله والمحبة لله تتبلور قوة درب قداسته، وقاعدة كهنوته، وأعمق معاني هذه الخدمة وسط الشباب الفقراء، ومنبع صلاته. بثقة، أوكل القديس ليونارد موريالدو ذاته إلى العناية الإلهية، محققًا المشيئة الإلهية بسخاء، بالتواصل مع الله وتكريس نفسه للشباب الفقراء. هكذا مزج الصمت التأملي بالنشاط المتقد المتواصل، الالتزام بالواجبات اليومية بالمبادرات المبدعة، القوة في الصعاب بسكون الروح. هكذا كانت درب قداسته لعيش وصية المحبة تجاه الله وتجاه القريب.