من هو القديس اسطفانس هردنغ رئيس الدير.. الذي يحتفل الكاثوليك به؟
أحيت الكنيسة الكاثوليكية بمصر، مؤخرا، ذكرى القديس اسطفانس هردنغ رئيس الدير، وروي الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرته قائلا: ولد القديس اسطفانس عام 1059م لعائلة سكسونية نبيلة تدعى ها دينغ في قرية ميريوت بالقرب من شيربورن بجنوب إنجلترا. وتربى في دير من أديرة رهبان القديس مبارك. ولما بلغ سن الشباب أنطلق إلى باريس ثم إلى روما، وبعد ذلك رجع إلى فرنسا وانضم لدير مولسما، كان رهبان ذلك الدير سائرين بموجب قوانين القديس مبارك، فلما رأى اسطفانس قداسة سيرتهم وأنهم سالكون في فقر لا مثيل له حسبما كان يشتهى قلبه عمد أن يسكن بينهم. فقبلوه بفرح. وكان أولئك الرهبان يقتاتون بعرق جبهتهم من ثمار أعمال أيديهم. فكانوا يفلحون أراضي الدير ويعتاشون بأثمارها. وذات يوم لم يجدوا أي قطعة خبز عندهم، فدعاهم رئيس الدير روبرتس وارسلهم إلى مدينة كانت قريبة ليشتروا طعامًا بلا فضة، فانطلقوا واثقين بالرحمة الإلهية. فلما بلغوا إلى المدينة تعجب أهلها لرؤيتهم هؤلاء الرهبان الغريبي الزي والهيئة، فاجتمع الناس إليهم لينظروهم.
ووصل خبرهم إلى الأسقف فأرسل استدعاهم فعرفهم وأحسن إليهم وأعطهم ملابس وطعاماَ لهم ولجميع الرهبان في الدير. ومنذ ذلك الحين غزرت عليهم الصدقات من الناس. ولما رأى الرهبان أنفسهم غير معوزين فتروا في سيرتهم وارادوا أن يأكلوا مثلما تأكل سائر الرهبان الموجودين في عصره. وتركوا العمل وأهملوا قوانينهم. فبذل روبرتس رئيس الدير جهده في ترجيعهم إلى سيرتهم الأولى ولم يقدر لأنهم عصوه. فاضطر أن يتركهم وأخذ معه البريكس واسطفانس وبعضًا من الرهبان الذين أرادوا أن يتبعوه فتركوا هذا الدير. وانطلقوا إلى مكان بعيد.
وانقطعت جميع المساعدات التي كانت تأتي للدير، فلما رأى الرهبان انهم أمسوا في الحاجة والفقر عمدوا أن يرجعوا رئيسهم إلى الدير، فطلبوا إلى البابا أن يعيده عليهم. فالتزم روبرتس أن يخضع لأمر البابا ويعود إلى الدير مع رفاقه رأجيًا أن يعيد عليهم سيرتهم الأولى. فباشر اصلاحهم ولكنهم لم يصطلحوا ولا تركوا فتورهم، وكان هذا الفتور يحزن قلب اسطفانس جدًا. فذات يوم نوى أن يترك ذلك الدير وينفصل من أولئك الرهبان الخائنين لكي يعيد على رهبنته محاسن ايامها الأولى. فكشف نيته لروبرتس والبريكس فوافقاه ووافقهم بعض من الرهبان الأمناء فتركوا الدير وانطلقوا إلى مدينة ليون وطلبوا إلى الكاردينال أن يأذن لهم ببناء دير جديد لكي يحفظوا فيه قوانين رهبنتهم. فأوفق على طلبهم، فبنى لهم الدير في مكان يدعى سيتو، فصار روبرتس أول رئيس فيه، وبعد سنة بأمر من البابا عاد روبرتس إلى دير مولسما ليسكن ما بين الرهبان العاندين، ونجح هذه المرة في تقويهم وإصلاحهم.
وصار اسطفانس رئيسا خاصًا. وفى تلك الأثناء ظهرت مريم العذراء لبريكس وأمرته أن يخلع ثوب القديس مبارك السود ويلبس ثوب أبيض عربونًا على حمايتها لذلك الدير. فلذلك أصبح رهبان دير سيتو أبناء خصوصيين لمريم العذراء واتخذوها شفيعة لرهبنتهم. إن سيرة رهبان دير سيتو كانت قشفه جدًا فانهم كانوا يقضون جزءًا كبيرًا من الليل في الصلاة وفى النهار يشتغلون بفلاحة الأرض، كانوا لا يأكلون لحمًا ولا سمكًا بل كانوا يأكلوا بعض الحشائش، وبعد فترة مات البريكس الرئيس العام. فانتخب اسطفانس رئيسًا عامًا. وكان الفقر والعمل يضنيان أولئك الرهبان جدًا، ولم يكن يأتيهم أحد ليترهب معهم لصعوبة قوانينهم. وكان اسطفانس حزينًا من جرى ذلك. وثم سمع صوتًا يقول له بأن سيرتكم طيبة في عيني الرب، ففرح اسطفانس بهذا الصوت.
وأرسل الله لهذه الرهبنة اشخاصًا كثيرين من ذوي الحسب والنسب فكانوا يكثرون جدًا، ففرح اسطفانس بأولاده، ولما شاخ وتكملت رهبنته تنزل عن الرياسة العامة لضعف صحته. وبقي منتظرًا للسفر إلى وطنه. ولما دنت ساعته وكان في سياق الموت اجتمع حوله رؤساء الأديرة والرهبان ليسعفوه بصلواتهم. فقال بعضهم لبعض. حقًا أن ابانا اسطفانس سعيد لأنه قد أثمر في زمانه أثمارًا جزيلة في بيعة الله. ولذلك ستقف نفسه أمام الله بطمأنينة وبلا خوف. فلما سمع القديس اسطفانس كلامهم أجابهم بصوت منخفض. ما تقولون ياأخوتي. اعلموا أنى خائف جدًا من الوقوف امام الله. لأنه ولو كانت جميع دناءتي قد اثمرت اثمار فليس ذلك منى بل من النعمة الإلهية. ورقد أسطفانس في الرب بين ايادي أولاده وكان ذلك اليوم في الثامن والعشرين من مارس عام 1134م.