أسعار القهوة والشاي تهدد مزاج الملايين حول العالم

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

تمثل كلا من القهوة والشاي والكاكاو أهمية كبيرة لدى الملايين من عشاقهم حول العالم، لكن هؤلاء قد يكون "مزاجهم" مهدد بفعل ارتفاع أسعار تلك المنبهات ونقصها مستقبلاً جراء عديد من العوامل، سواء المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم في المرحلة الراهنة، وما ينتج عنها من ضغوط تضخمية، وكذلك أثر التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية.

 

تُزرع المحاصيل الثلاثة في المناطق الاستوائية، وتعد من المحاصيل الهامة المتداولة عالمياً، فيما تواجه أزمات متكررة، لا سيما بعد أن ضربها الجفاف والصقيع وعوامل تغير المناخ ذات الصلة، وتبعاً لذلك تزايدت التوقعات السلبية بشأن التهديدات بتراجع واسع في الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

 

الموجات الحارة
من جانبه، أوضح أستاذ الموارد المائية والري بكلية الزراعة جامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، في حديث خاص لموقع "الفجر"، أن  اضطرابات المناخ تتحكم بشكل كبير في كميات محاصيل البن والكاكاو والشاي، وكذلك أسعارها عالمياً، وأن  محاصيل "المُنبهات الثلاث" تُزرع في المناطق ذات المناخ الاستوائي والمرتفعات ودرجة الحرارة المنخفضة التي تتراوح بين 23 و28 درجة مئوية، لذلك عادة يتم زراعتها في مرتفعات اليمن وإثيوبيا وكولومبيا والبرازيل.

 

وأضاف أنه مع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، ولا سيما على مدار العامين الماضيين، شهدت زراعة محاصيل البن والكاكاو والشاي اضطراباً أدى إلى ارتفاع أسعارها، ومنذ ستة أشهر حينما انكسرت الموجة الحارة بدأت الأسعار في الاعتدال نسبياً، لافتًا إلى أن الموجة الحارة الأخيرة خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين أعادت حالة الاضطراب من جديد، وكان لها تأثير بشكل أكبر على أشجار البن.


وأوضح أنه  مع فترات الاحترار طويلة المُدة يتأثر المحصول بموت حبوب اللقاح بما أعاق تكوين حبيبات البن الجديدة، ما نتج عنه تأثر المحصول وارتفاع سعر البن مرة أخرى، ويُتوقع أن يعاود السعر للاعتدال مرة أخرى مع قدوم فصل الشتاء.


وقال إن عديداً من الدول التي تمد العالم بإنتاج البن والكاكاو والشاي تأثر إنتاجها كثيراً بفعل التغيرات المناخية، موضحاً أن الإنتاج المنخفض عادة ما يؤدي لارتفاع الأسعار، خاصة أن البن والكاكاو والشاي سلع أساسية في العالم كله باختلافات مذاقهم، ولا يمكن الاستغناء عن تلك السلع.

 

التغير المناخي يهدد بتوقف الإنتاج!
وفي السياق، قال رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية البيئية وعضو الاتحاد العربي للمناخ والبيئة، تحسين شعلة، لموقع "الفجر"، إن البن والكاكاو والشاي يعدون من الزراعات المهمة في عديد من الدول، مشيراً إلى أنها محاصيل تحتاج إلى النمو في مناخ يمتاز بالأمطار الغزيرة.


وأوضح أنه في ظل التغيرات المناخية عالمياً أصبح هناك انخفاضاً في إنتاج تلك الدول المشار إليها، مشيراً على سبيل المثال في كينيا انخفضت معدلات إنتاج البن بنسبة 26 بالمئة نتيجة للتغيرات المناخية، كما أن أن هناك دول مُنتجة مهددة بأن يتوقف إنتاجها بشكل كامل. وتبعاً لذلك يعتقد بأن  الخريطة الزراعية العالمية قد تتغير بنسبة 90 بالمئة في الفترات المقبلة في ظل عوامل تغير المناخ.


واستطرد: الطبيعة المناخية لبعض الدول ستتغير، فعلى سبيل المثال البلدان التي تشهد أمطاراً غزيرة قد تواجه ندرة في الأمطار فيها، وبالتالي الزراعة القائمة على تلك الأمطار مثل البن أو الكاكاو أو الشاي ستتأثر وستحتاج تلك الدول إلى تغيير استراتيجيتها بخصوص الزراعة والمحاصيل المعتادة.


وحول البدائل التي يمكن التوجه إليها حفاظاً على استمرار إنتاج البن والكاكاو والشاي، أكد عضو الاتحاد العربي للمناخ والبيئة، أنه على كل الدول المتميزة بإنتاجها الاحتفاظ بأصول تلك المحاصيل والبدء باستخدام تقنيات حديثة مثل تقنية كريسبر (تقنية تتيح تغيير جينات النباتات نفسها دون الاضطرار إلى الاستعارة من نبات مختلف)، لجعل تلك النباتات مقاومة للتغيرات المناخية والأمراض، حتى تصبح قادرة على النمو في الظروف المناخية غير المناسبة.


وأشار إلى أن احتياج البن والشاي والكاكاو في زراعتهم إلى المياه الغزيرة يمكن التحايل عليه من خلال تنمية النبات في فصل الصيف، واستخدام الري بالرش بكميات كبيرة، على أن يتم زراعتهم أسفل أشجار مرتفعة مثل أشجار المانجو لحماية النباتات، لافتاً إلى أن المحصول النهائي لن يكن بنفس جودته حينما يزرع في غير بلاده الأصلية لكنه يضمن للعالم استمرار الإنتاج.


وحول فوائد تقنية الكريسبر خلال الزراعة، وتطوير أنواع من البن والكاكاو والشاي قادرة على تحمل إجهاد الحرارة والجفاف، أوضح أنها تمكن الدول من إنتاج النبات خلال فترة قصيرة، كما تنتج نباتاً متأقلماً مع طبيعة الظروف المناخية التي ينمو فيها، علاوة على أنها ليس لها مردود سلبي على البيئة، فمن شأنها أن تحد من الانبعاثات والتلوث الناتجين من الأسمدة.