القمص اثناسيوس فهمي: وضع "هرماس" كتابه المعروف باسم "الرّاعي" بين العامين ١٤٠ - ١٥٠ م في روما

أقباط وكنائس

الكنيسة
الكنيسة

 

أطلق القمص اثناسيوس فهمي جورج، مدير مدرسة تيرانس للعلوم اللاهوتية، تصريح صحفي عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت شعار دعوةٌ إلى التّوبة

وقال خلاله:  وضع "هرماس"، كتابه المعروف باسم "الرّاعي" بين العامين  ١٤٠ - ١٥٠ م  في روما. كتابا رمزيا وهو عبارة عن عمل ادبي رؤيوي  رائع. يعتبر اكثر الكتب شهرة، ان لم يكن اشهرها جميعا في الكتيسة المسيحية في القرنين الثاني والثالث  . حتي ان الاباء الأول اعتبروه موحي به الهيا، وإنه كتاب جليل النفع   "هرماس" هذا هو قبل كلّ شيء نبيّ للتّوبة. إزاء كلّ ما ارتكبته كنيسة روما من ذنوب. يدعو "هرماس"، بأسلوب رؤيويّ، جميع المعمّدين إلى فحص ضمائرهم، ويحثّ الخطأة علي  التّوبة، ويدعو جميع  المؤمنين على الجهاد باجتهاد وثبات، في لهجة رجاء  مسيحيّة ملؤها التّفاؤل برحمة الله ورافاته. لاقى كتاب " الراعي هرماس  " رواجًا كبيرًا ووضعه البعض في مستوى الأسفار المقدّسة وكان يتلى في بعض الكنائس لتعليم الموعوظين κατηχουμενοι. وإنّنا لواجدون فيه اليوم، كما وجد المسيحيّون على مرّ العصور، دعوة إلى التّوبة تلائم قداسة وكمال  الحياة المسيحيّة، وقد صار الكتاب بجملته عظة علي التوبة، فيها روح  مبدعة  وسرد ملهم يتضح في موضوعاتها وشكلها.  وهي تبدو في تركيبها البنيوي مقسمة إلى ثلاثة اقسام: ١-  خمس رؤي - ٢-  عشر وصايا -  ٣ عشرة امثال،  وقد كتب الراعي  بلسان الكنيسة قائلا  : 
  اسمعوا لي يا أبنائي، أنا الّتي ربّيتُكم بكلّ بساطة وبرّ وقداسة وفضيلة αγιασμον  لانكم مميزين بمقومات سمات  صورة المسيح Χαρακτήρες، لأننا لم نفقد "  بالخطية " شيئا كان لنا في جوهر طبيعتنا Ουσιωδως. لأجل  ذلك بالتوبة نتغير إلى هيئة المسيح ونعود إلى  صورتنا الأصلية. 
  لان جميع الخطايا السّابقة ستغفر لنا  ولجميع القدّيسين الّذين اخطئوا حتّى اليوم، إذا سلكنا في توبة قانونية من كلّ قلوبنا وبلا تردّد. فالمعمودية تغفر الخطايا السالفة  ، والمخلص وضع التوبة للذين امنوا به، لإنه هو العارف خفايا القلوب والماليء الكل، وهو الذي راي ضعف البشر  ونقصهم، لذا تحنن برحمته واوجد فعل صناعة  التوبة  . جاعلا  للتوبة طابعا شموليا  ، حتي لا يستبعد احد  من الكنيسة الا الخاطيء غير التائب، والذي اصر علي قساوته  . 
التوبة  " دواء وعلاج "   لذلك  حرص الكاتب علي ابراز لزوميتها لإنه  كان منشغلا  بالرعاية اكثر من انشغاله بالعقيدة، مهتما بالحث علي التوبة القانونية التي لا بد ان تكون مؤسسة علي  اساس " بناء البرج فوق مياه المعمودية βαπτισμα   اي الكنيسة " كحقيقة واقعة، حيث  بنيان البرج يكون  هو البيئة الحاضنة للتائبين.وكل توبة حقيقية هي تغيير وتجديد شامل ومصالحة ضرورية للخلاص. حياتنا خلصت وتخلص بالماء، ذلك الماء هو ماء المعمودية المحيية التي تاسست وبنيت  عليها الكتيسة التي تاسست قبل الكل ومن أجلها قد وجد العالم.
 اتخذ هرماس صوت الروح للكنيسة:  وانساب حديثه عن نعمة ربنا، الّذي سكب في شعبه  البرّ نقطة نقطة ليطهّرهم من كلّ رذيلة وفساد. ولكنهم  لا يريدون أن يعدلوا عن رذائلهم ولم يقوموا  أنفسهم...  فاسمعوا لي الآن و"سالموا بعضكم بعضًا"(١ تسا ٥: ١٣ )  وليبنِ أحدكم الآخر (أع ٢٠: ٣٥ ). "ولا تدّخروا الخيرات الّتي خلقها الله لكم وحدكم، بل أعطوا منها للمعوزين، إذ ينتهي الأمر بالبعض، لإفراطهم في الأكل والشّرب، في جلب الأمراض على أجسامهم ويضعفونها، بينما يرى البعض الآخر تنهار صحّتهم وتذبل أجسادهم بسبب قلّة التّغذية. إنّ هذه الشّراهة تضرّكم أنتم الّذين  يملكون كلّ شيء ولا يعطون شيئًا للمعوزين. تطلّعوا إلى يوم الرّبّ. وابحثوا اذًا عن الجائعين يا من ينعمون بالفائض الكثير، "قد ترفهتم علي الارض وتنعمتم كما في يوم الذبح "(يعقوب ٥: ٤  ).
  إنّي أتوجّه الآن إلى رؤساء الكنيسة وإلى الّذين يشغلون الرّتب الأولى. اسلكوا باستقامة في طرق البرّ ليتلقّوا كاملا وبمجد عظيم ما وعدوا به. ثابروا إذًا أنتم يا من يمارسون البرّ، وأقصوا عنكم كلّ تردّد حتّى تأخذوا مكانكم بين الملائكة القدّيسين. طوبى لمن يحتمل التجربة، وطوبي لجميع الّذين ينكرون أنفسهم... لا تتشبّهوا بالمُسَمِّمين، فهم يحملون سمومهم في أوعية، وأنتم تحملون سمومكم في قلوبكم. أنتم قساة الرّقاب وترفضون أن تطهّروا قلوبكم وأن تنقوا  افكاركم في طهارة القلب لكي تنالوا رحمةً لدى الملك العظيم.
  فاسهروا إذًا، يا أبنائي، واحذروا من أن تحرمكم  الانقسامات من الحياة. اقتنوا التّهذيب.!.. وهذّبوا بعضكم بعضًا وسالموا بعضكم بعضًا.  
  كما أنّ الشّيوخ الّذين يفقدون كلّ أمل في استعادة قوّتهم، لا يعودون ينتظرون شيئًا غير الموت، كذلك أنتم قد استسلمتم إلى قنوط اليأس بعد أن أضعفتكم الهموم الدّنيويّة، بدلًا من أن تلقوا همومكم على الرّبّ.
  كلّ طلبة تقتضي منا  التّواضع. فصُم إذًا لتنال ما تطلبه من الرّبّ. وأنت يا هرماس، لا تعد تحقد على أبنائك، سيتلقّون تربية لائقة، إذا تخلّيت عن حقدك عليهم. إن الحقد يستجلب ويستوجب الموت. لقد مرّت عليك شدائد كثيرة بسبب أخطاء بيتك، لأنّك لم تكن تهتمّ  وأهملت وانصرفت إلى شؤونك الفاسدة فغصت فيها، وما أنقذك هو أنّك لم تتخلَّ عن الله الحيّ، وعن بساطتك وزهدك العظيم. هذا ما سينقذك إذا أنت ثابرت، وهذا ما سينقذ جميع الّذين يتصرّفون هكذا ويسيرون في طريق التقوي والبساطة ευλαβεια  هؤلاء سيتغلّبون على كلّ شرّ ويثبتون حتّى إلى الحياة الأبديّة. طوبى لجميع الّذين يعملون البرّ. لأنهم  لن يهلكوا أبدًا.
  قال لي الرّاعي أيضًا: "أحبب الحقّ، ولا ينطقنَّ فمك إلّا به ليرى النّاس جميعًا حقيقة الرّوح الّذي أسكنه الرّبّ في جسدك فيتمجّد الرّبّ الّذي يسكن فيك، لأنّ الرّبّ حقّ في جميع أقواله وليس فيه كذب. إنّ المنافقين ينكرون إذًا الرّبّ ويسلبونه، لأنّهم لا يردّون إليه الوديعة الّتي عهد بها إليهم. لقد تلقّوا منه روحًا لا يكذب، فإن ردّوه إليه كاذبًا فهم يخالفون وصيّة الرّبّ ويسلبونه حقّه την  ανομιαν.
  هرماس: لدى سماعي ذلك انفجرت بالبكاء. فلمّا رآني أبكي قال لي: "لماذا تبكي.؟!." فقلت: "لأنّي، يا سيّدي، لا أعرف إن كان في وسعي أن أخلص". فقال: "لماذا.؟!."
  - لأنّي في حياتي كلّها يا سيّدي، لم أقل كلمة حقّ واحدة، ولكنّي كنتُ أسلك دوما مع الجميع طريق الخداع، وكنتُ أظهر أكاذيبي في ثوب الحقّ للنّاس جميعًا. لم يكذّبني أحد، بل كان الجميع يثقون بأقوالي. فكيف يمكنني أن أعيش يا سيّدي، بعد كلّ هذه الخطايا والرذيلة.؟!
  + أنت تفكّر تفكيرًا سليمًا، لأنّه كان من واجبك، بصفتك خادم الله، أن تسلك في الحقّ وألّا تسكن فيك ضميرًا مراوغا رديئًا إلى جانب روح الحقّ فَتُحزن هذا الرّوح المبجّل الصّادق.
  - لم يسبق، يا سيّدي، أن حدّثني أحد عن هذه وصايا القوانين  الدّقيقة.
  +  أنت تسمعها الآن فاعمل بها. وبهذه الكيفيّة ستصدّق حتّى الأكاذيب الّتي كنت تختلقها سابقًا في أعمالك بما أنّ كلامك اليوم سيصدّق. فإذا عملت بهذه التّعاليم ولم تعد تقول منذ الآن غير الحقّ، فأنت تنال الحياة. ومن يعمل بهذه الوصيّة وينهى عن الكذب، هذه الرّذيلة العظمى، فهو يعيش لأجل الرّبّ.
  بالمحبّة رفعنا السّيّد إليه. وبسبب المحبّة الّتي أحبّنا بها، سفك يسوع المسيح ربّنا دمه لأجلنا، حسب مشيئة الله، وأعطى جسده لأجل جسدنا وروحه لأجل أرواحنا.
+   انظروا، أيّها الأحبّاء، كيف أنّ المحبّة عظيمة وعجيبة، ولا يستطيع أحد أن يصف كمالها. من يا ترى يستطيع بلوغها إلّا الّذي يمنحه الله نعمتها.؟!.. فلنتوسّل، إذًا، ولنطلب من رحمته أن نبلغها دون محاباة ولا لوم. كلّ الأجيال منذ آدم إلى اليوم قد اندثرت، ولكن الّذين بلغوا المحبّة بنعمة الله يقيمون في مقرّ القدّيسين الّذين سيظهرون عند مجيء ملكوت المسيح، له المجد  .