الثورة المصرية تمنع نزيف 8.5 مليار دولار سنوياً بسبب الفساد السياسى
يؤكد خبراء اقتصاديون أن أداء الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير جاء أفضل من المتوقع ، مشيرين إلى أنه إستطاع التحرر من الإحتكار وإيقاف نزيف نحو 8.5 مليار دولار سنوياً بسبب الفساد، فضلاً على تعيين 2 مليون عامل بالدولة. ويقول الدكتور فاروق العشر الخبير الاقتصادى أن الاقتصاد المصرى قبل 25 يناير وصل إلى مرحلة الإنهيار فى الموازنة العامة أو العجز التجارى فى ميزان المدفوعات، فكانت مؤشرات النمو ضعيفة للغاية ويكفى أن قضى على الفساد الذي بلغت إجمالي الأموال المهدرة بسببه، وفقا لإحصائيات البنك الدولى إلى 8.5 مليار جنيه، مشيرا إلى وجود خسائر فى الاقتصاد المصرى بعد الثورة ولكن ليس بسببها أو بسبب الانفلات الأمنى والوقفات الاحتجاجية وتمثلت هذه الخسائر فى قطاع البورصة المصرية أسبوعيا منذ اندلاع الثورة وحتى الآن وصلت إلى 65 مليار جنيه وإن كان بعض الاقتصاديون يرونها ليست خسائر حقيقية وإنما خسائر سوقية من الممكن استعادتها فى مرحلة الاستقرار فيما بعد مع التأكيد على أنها خسائر لفئة بعينها ومكاسب لفئة أخرى وليست لأغلبية الشعب. وأضاف العشري أن هناك خسائر اقتصادية كبيرة لحقت ببعض الشركات نتيجة توقف الإنتاج أثناء الثورة وهى المرحلة التى حدث فيها ارتباك البنوك مما تسبب فى عدم وجود سيولة مادية لشراء الخامات أو التصدير فى الوقت الذى طالبت فيه الجهات الموردة فى أمريكا وأروبا بدفع فاتورة هذه الواردات نقدا. لافتاً إلى أن قطاع السياحة فى مصر هو أكثر القطاعات تأثرا بعد الثورة بلغت الخسائر حوالى 8 مليار جنيه.
كما يرى الدكتور إبراهيم المزلاوى عضو المجالس القومية المتخصصة أن الثورة المصرية كانت وجه الخير على الاقتصاد المصرى وعلى غير المتوقع تماما من انهيار الاقتصاد وإعلان الإفلاس فإن ما حدث كان تباطؤا وهذا أمر طبيعي. وأضاف ل إيلاف أنه لأول مرة نجد الاقتصاد حرا ويكفى قضاء الثورة على احتكار السوق والذى كان سببا مباشرا فى طرد المستثمر مثلما فعل أحمد عز فى احتكاره لسوق الحديد بنسبة تجاوزت ال60%. ويعتبر المزلاوي أن ما يشهده الاقتصاد من تراجع فى الواردات نتيجة توقف عجلة الإنتاج فإن هذا أمرا مؤقتا وكنا ننتظر أن يأخذ هذا الأمر وقتا كبيرا لكن هذا لم يحدث متوقعا انتعاشة كبيرة للاقتصاد قريبا فى ظل الشفافية والحرية مما يزيد من فرص الاستثمار الأجنبى وفتح أسواق جديدة.
وأشار إلى نقطة هامة أن الذى يخيف المهتمين بالشأن الاقتصادى فى مصر هو أن هناك حالة من عدم وضوح الرؤية أمام المستثمر الأجنبى وهى حالة تجعلهم ينتظرون ويترقبون ما سيحدث فى مصر على خلفية المحاكمات التى طالت رموز النظام ورجال أعماله وما سيترتب على تلك المحاكمات من قوانين تشريعية تساعد على زيادة الاستثمار فى مصر.ونبه العشري إلى أن الثورة إذا نجحت فى تقديم نموذج للمحاكمات العادلة مع مبارك ونجليه ورموز نظامه سوف تعيد الأموال المنهوبة مرة أخرة إلى الدولة مما قد يكون بديلا للأموال التى خسرتها مصر بعد الثورة، مضيفاً أن الأمر الآخر الذى يجب أن ننظر إليه هو نجاح الثورة فى وقف استنزاف الأموال المنهوبة من قبل النظام السابق والذى قدر بضعف ميزانية الدولة.
وحسب وجهة نظر عبد العظيم فإنه رغم تعطل عجلة الإنتاج والصناعة بعد الثورة إلا أن الاقتصاد المصرى قد استطاع المقاومة وتمكنت الدولة فى زيادة الرواتب الى 200% وتثبيت أكثر من 2 مليون عاملا بجهاز الدولة والقطاع العام كما استطاع الاقتصاد سد الاحتياجات من الغذاء وتوفير الطاقة واستيراد المواد الأساسية دون إحداث أزمة فى السوق الداخلى وهذا يحسب للحكومة حتى لوتم ذلك بسحب جزء من الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى المصرى فهذه الإجراءت لم تتخذها الحكومات المتعاقبة قبل ثورة 25 يناير رغم ادعاءاتها الكاذبة بتحسن الاقتصاد المصرى إلا أن المواطن لم يشعر بأى مردود إيجابى لهذا التحسن طوال السنوات الماضية
وانتقد عبد العظيم أرقام معدلات النمو التى كان يعلنها النظام السابق والتى كانوا يرددون أنها تصل إلى 8 و 9 %، مشيرا إلى أن معدلات النمو تلك كانت وهمية وغير حقيقة على أرض الواقع حيث لم يتجاوز النمو الحقيقي نسبة 5%، مشيرا إلى أن الاقتصاد المصري أظهر ضعفا بعد الثورة نتيجة تأثر مصادره الأساسية بالانفلات الأمنى والوقفات الفئوية والإضرابات عن العمل حيث تراجع عائد السياحة وقناة السويس فوصل عدد السفن التى تمر بها فى الأيام الأولى للثورة إلى عشرين سفينة فى اليوم الواحد بجانب انخفاض الاستثمارات الأجنبية.ولفت عبد العظيم إلى تدهور أوضاع الصناعات التحويلية فى مصر وتراجع دور القطاع الخاص والذى يشكل نحو 60%من الناتج المحلى تحقيق خسائر كبيرة فضلا عن أن معدلات النمو فى ظل النظام السابق صاحبها إهدار فى الموارد الطبيعية فضلا عن أن النمو كان مصحوبا بمديونية عالية ستظل يتحمل فاتورتها الأجيال القادمة.وأشار إلى أن سرعة محاكمة رموز النظام السابق يعد من أهم إيجابيات المرحلة الحالية. والتى ستكون عاملا قويا فى تحسن الاقتصاد وتعافيه من خلال تنمية الموارد البشرية وزيادة الاستثمار الخارجى وفتح أسواق عربية وأجنبية جديدة فى مصر والدخول فى مشروعات مشتركة تنموية.
ودعا المزلاوي الحكومة إلى سرعة إصدار مجموعة من التشريعات الاقتصادية التى تساعد على جذب المستثمر الأجنبى والعربى والمصرى بعيدا عن الروتين الذى كان طاردا لهم فى عهد النظام البائد والذى ترك البلاد دون وجود قواعد اقتصادية قوية بل ترك مصر شبه مفلسةوأكد الدكتور حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات السابق أن التداعيات التى لحقت بالاقتصاد المصري بعد الثورة كانت أقل من التوقعات مقارنة بأوضاع العديد من الدول التى حدثت فيها ثورات مثل تونس الذى تراجع معدل الدخل القومي فيها. وأوضح أن معدلات النمو بعد ثورة 25 يناير تراجعت إلى النصف تقريبا، فيما كان التراجع قبلها بمقدار الثلث، وذلك رغم أن معدل النمو الصناعي والإنتاجى لمصر خلال فترة الثورة جاء صفر صاحبها تراجعا حادا فى الاحتياطي النقدي لقيام الحكومة بالسحب منه لسد الرواتب والزيادة فى الأجور لمنع الوقفات الفئوية ولسد الحد الأدنى من الأجور لموظفى الدولة والبالغ عددهم 6 مليون عامل.
وأكد الدكتور بهى الدين محمود استاذ الاقتصاد جامعة الأزهر أن الحكومة استطاعت تجنيب الاقتصاد المصرى خطر الإفلاس والانهيار بعد الثورة والذى كان منهارا قبلها ولكن تطورات الأحداث الداخلية وتوقف عجلة الإنتاج فى القطاع الخاص والعام بسبب الإضرابات اليومية زاد من الحالة الضعيفة التى كان عليها الاقتصاد قبل الثورة ولكن الحكومة اتخذت إجراءات حدت من المزيد من الانهيار فى الاقتصاد المصري.ويرى محمود أن الاقتصاد المصرى يمر فى المرحلة الحالية بحالة من الضعف تتمثل فى انخفاض الطاقات الإنتاجية المستغلة وارتفاع معدل البطالة إلى أعلى من 12% بعد أن كان أقل من9% وزيادة عدد الإفلاسات وانخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى إلى ما يقدر بنحو 2% فى حين أنة قبل الثورة كان 4% سنويا. واعتبر أن هذا لن يأخذوقتا طويلا وسيعود للتحسن فى ظل الإجراءات والقوانين المنتظر اتخاذها فى الفترة القادمة والتى من بينها تسهيل الإجراءات أمام المستثمر الأجنبى والعربى والمصرى وتحسين أحوال القطاع العام والحكومى بما يشجع العامل على الإنتاج.